الكسكسي، الشخشوحة البسكرية، الثريدة والرشتة والمردود

أكلات لها تاريخ بنكهات لا تتغير

أكلات لها تاريخ بنكهات لا تتغير
  • القراءات: 3692
❊ أحلام محي الدين ❊ أحلام محي الدين

تحرص العائلات الجزائرية عابر كامل تراب الوطن، على المحافظة على إرث الأجداد في الطبخ، لما لهذه الأطباق من رمزية تميّزها، ولكونها احتفالية أيضا، فمنها ما يطبخ في المناسبات السعيدة أو الأعياد، ورغم العاصفة العصرية التي مست العديد من الأشياء، إلا أن بعض الأطباق ترفض أن يمس التغير أذواقها ولا تقبل أي جديد  فيها بسبب حرص الحرائر على الحفاظ على أصالة الطبق.

تختلف الأطباق التقليدية التي كانت ولا زالت تعتبر فخرا لكل منطقة من المناطق من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، إذ مازال الزفيطي البوسعادي محافظا على مكانته وذوقه، نفس الأمر بالنسبة للثريدة بالشرق الجزائري التي مازالت حاضرة بقوة في المناسبات السعيدة، في الوقت الذي حافظ الكسكسي بأنواعه العديدة التي تعدت 70 نوعا عبر التراب الوطني على مكانته، حسبما أكده الباحثون، والذي تختلف تسميته حسب المناطق، على غرار النعمة والعيش.

الكسكسي بالمرق سيد الموائد

يقول الباحث الجزائري رشيد سيدي بومدين، بأن الكسكسي، ومعناه الحبوب الملفوفة من قمح وشعير في شكل حبوب دقيقة أو خشنة، تختلف أنواعه، حسب طريقة الإعداد، فالكسكسي المرفوق بخضار مطبوخة على البخار تحمل اسم مسفوف وتوجد أصناف عديدة منه، ويعد من أخف أنواع الكسكسي، ويعد المحضر من الخضار واللحم من أغنى الأنواع، وهو ما يجعله على سلم المطلوبات، ويحضر حسب المناسبة والاحتفالية من اللحم البقري، الغنمي أو الدواجن، مرفقا بالخضر الطازجة والتوابل التي تختلف حسب نوعية الطبق المحضر منه والمرق، إذ تختلف بين المرق الأبيض والأصفر والأحمر، إلى جانب الجزر والكوسة واليقطين التي تحدد الذوق في الأخير. 

أشار الباحث إلى أن كسكسي الأعراس الحضرية بالعاصمة، والذي يقدم أيضا في الوعدات يحضر من مرق خفيف جدا ويتمثل في القرفة، والبصل ولحم الغنمي، إلا أنه مكتنز بالكوسة والحمص، ولا زال الكسكسي مطلب كل من يزور الجزائر وفي أية منطقة من المناطق، لأن شهرته عالمية.

تتنافس السيدات بالأغواط على تحضير طبق المردود، والمسمى المخلع في ورقلة، ويحضر بالزعفران في ولاية الوادي بذوق مميز، وهو نوع من الكسكسي الشائع في الجنوب، يستهلكه سكان الساورة، ويقدم في المناسبات كالمولد النبوي، الاحتفال باليوم الثالث للمولود الجديد، وأثناء الأيام قاسية البرودة بالصحراء، لغناه بالتوابل المسخنة واللحم والخضر، وتحضّر حبات المردود مثل الكسكسي، إلا أنه يمرر ثلاث مرات على البخار ويبلل في كل مرة، ويدهن بالدهان أو السمن لما يصبح جاهزا، وأكدت السيدة أسماء.ل من بشار (معلمة الطبخ في التكوين المهني)، أن بيتها لا يخلو من المردود طيلة فصل الشتاء، نظرا لغناه بالطاقة التي يحتاجها الجسم في هذه الأيام من السنة، ويعد أفضل ما يمكن أن يقدم للضيوف، لأنها تحضره بالكثير من الود لضيوفها.

الشخشوخة البسكرية... الحلاوة السكرية

تعتبر الشخشوخة البسكرية من أكثر الأطباق الشعبية طلبا، وتسمى العجينة التي تحضر منها ببسكرة الفطير، تطهى على الطاوة وهي دائرة معدنية كبيرة، وتسمى بالمعارك في العاصمة، تطهى من الجهتين وبعد أن تصبح جاهزة تقطع بالأيادي وتوضع في صحن التقديم، ويحتاج المرق إلى الدحاج أو اللحم المقطع، البصل، الحمص المنقوع والطماطم المركزة، ومن العائلات من تقدمها للضيوف مزينة بالزبيب المطهى على البخار ومصحوبة باللبن لتسهيل عملية الهضم، ويعدّ هذا الطبق من الأطباق المطلوبة بقوّة في محلات الأكلات التقليدية سواء في المنطقة أو العاصمة، حسبما أكّده لـ«المساء، مواطنون اعتادوا تناوله بمحلات في القبة وعين النعجة وكذا حيدرة، حيث أشار السيد مروان.ك صاحب وكالة سياحية، إلى أنه غالبا ما يختار المحلات التقليدية لضيوف الجزائر بغرض التعريف بثراء المطبخ الجزائري، مشيرا إلى أنّ الكثير من غير الجزائريين أبدوا إعجابا كبيرا بالكسكسي، الشخشوخة  والرشتة.

الرشتة المذاق الذي لا يتغير

تعتبر الرشتة من أهم رموز الطبخ العاصمية، وتقدّم خلال الأعياد، المولد النبوي وعاشوراء، وهناك من يقدّمها في الأعراس أو وعدات عودة الحاج من البقاع المقدسة كنوع من الصدقة على الأهل والجيران ممن يتقاسموا مع الأهل فرحة رجوعه.

وبما أن الرشتة مثلها مثل الكسكسي أصبحت تباع جاهزة، فإن عملية تحضيرها تقتضي طبخها على البخار ثلاث مرات ودهنها بالزبدة في المرحلة الأخيرة، على أن يضم مرقها الدجاج، البصل، الحمص واللفت والكوسة ومازالت تحافظ على وصفتها الأساسية التي لم تمسها أية تغييرات، بسبب رفض محبيها ذلك.