حديقة التجارب "الحامة"

أكثر من ألف زائر يوميا

أكثر من ألف زائر يوميا
  • 948
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

كشفت المكلفة بالإعلام في حديقة التجارب “الحامة”، الآنسة سناء جبالي، عن أن الحديقة استقطبت خلال العطلة الشتوية أكثر من 1000 زائر في اليوم الواحد، ليصل خلال نهاية الأسبوع إلى أكثر من 1500 زائر يوميا. وقد عملت الحديقة على التكثيف من نشاطاتها في التربية البيئية، من خلال تنظيم خرجات ميدانية، وتنظيم أيام توعوية تحسيسية وورشات مفتوحة لفائدة الأطفال، بالتنسيق مع العديد من الجمعيات الناشطة ووزارة التربية الوطنية، بهدف تكوين الطفل في المجال البيئي، واستغلال فرصة العطلة وتعليمه المفاهيم الأولية للبيئة والتنوع البيولوجي، مع حثه على ضرورة المحافظة عليها.

تجد العائلات في حديقة "الحامة" متنفسا طبيعيا، خاصة أنها تتوسط العاصمة وتتربع على مساحة 32 هكتارا وتعتبر رئة العاصمة، نظرا لأهميتها البيولوجية وتنوع غطائها النباتي بأكثر من 3000 نوع من النباتات الاستوائية. كما تعد الوجهة المفضلة لعشاق الطبيعة، والباحثين عن الهدوء والسكينة، ففيها تناغم ألوان الطبيعة وتتجلى عظمة الخالق في محافظتها على روعة الربيع على مدار السنة. 

في جولة ميدانية قادت "المساء" إلى الحديقة أول أمس،  لفت انتباهنا عدد الزوار الهائل الذين اصطفوا منذ أولى ساعات النهار أمام مدخلها، مشكلين طوابير طويلة في انتظار دورهم لشراء تذكرة الدخول، حيث رافق الأطفال أولياؤهم من داخل العاصمة وخارجها، وآخرين مع أساتذتهم، في رحلات استكشافية أو في مجموعات شبابية فضلت الاسترخاء هناك بعيدا عن ضوضاء المدينة. حدائق غناء في قلبها، منها الفرنسية والبريطانية، يسهر للمحافظة على جمالها مختصون، بحيرة وبرك مائية بها أسماك، تتوسطها جزيرة صغيرة تسكنها طيور جميلة، كان الزوار يتنقلون بينها وبين الممرات الطبيعية لاكتشاف سحرها تارة، والتنوع النباتي الذي تزخر به تارة أخرى.

اقتربنا من الآنسة نادية من الحراش، كانت رفقة أمها وإخوتها الصغار، أوضحت لنا أن الحديقة أفضل وجهة يختارها الأفراد خلال العطل، وبحكم توفر وسيلة النقل وسهولة الوصول إليها، تقصدها عائلتها بصفة مستمرة للبحث عن الراحة والتجول وسط النباتات الخضراء والأشجار الباسقة، مضيفة أن شساعة المساحة تسمح للأطفال باللعب والاستمتاع، وتحصيل فاصل قبل العودة إلى مقاعد الدراسة. وغير بعيد عن هذه العائلة، شاهدنا مجموعة من الأطفال، تعمدوا ارتداء لون موحد، كانوا مع معلماتهم ومدير مدرستهم، أتوا من متوسطة حمام ريغة من ولاية عين دفلى، في إطار النادي الأخضر البيئي الذي نظمته المدرسة بهدف تقريب الطفل من الطبيعة، خاصة أن الشهر المقبل يجمع بين مناسبتين وهما اليوم العالمي للمناطق الرطبة، واليوم الدولي للغابات، وفي هذا الشأن، قالت السيدة (م.ف) أستاذة؛ بأنه تمت برمجة زيارة حديقة التجارب لأول مرة، ليتمكن التلاميذ من التعرف عليها عن قرب والتمتع بمناظرها، إلى جانب زيارة حديقة الحيوانات التابعة لها.

تحتوي الحديقة على مدرسة بيئية تنقسم إلى خمس ورشات؛ ورشة البستنة، الحيوانات، الطيور، النباتات الطبية، وورشة للرسم، كلها تستقطب آلاف الأطفال سنويا بهدف تقريبهم من المحيط البيئي وحثهم على المحافظة عليه، هذا ما أشارت إليه حياة التي كانت رفقة ابنتها وأمها وشقيقتها، موضحة أن طفلتها ساهمت على مدار السنة المنصرمة في تلك الورشات، وتحصلت على شهادة من خلالها، فاحتكاكها بالطبيعة جعلها تعشقها، وهي التي تحث عائلتها خلال كل مناسبة وعطلة مدرسية على زيارتها وتمضية الوقت فيها، مؤكدة أنها اليوم أصبحت من زوار الحديقة الدائمين، مضيفة أنها راضية عن النظام الذي يعم الحديقة، بفضل تضافر جهود عمالها من مختصين بيولوجيين وبيئيين، وأعوان أمن ونظافة ومسيرين وغيرهم.

طلاب جامعيون حاضرون 

في أركان منعزلة عن الممرات الرئيسية، يتجمع العديد من الطلاب الجامعيين الذين تقدموا إلى تلك الحديقة، مستغلين العطلة المدرسية من أجل المطالعة والمراجعة، وهو حال مجموعة "صونية" التي تضم الإناث والذكور الذين التفوا حول طاولة دائرية.. منهمكين في مراجعة دروسهم، حيث أوضحت الطالبة في اختصاص الهندسة المعمارية، أنه بحكم سكنهم قرب الحديقة، فإنها تعتبر مكانا مثاليا للدراسة، كونها تضمن جوا هادئا وممتعا، فرغم أنها تعج بالأطفال إلا أن مساحتها الواسعة سمحت لهم بإيجاد ركن بهدف الانعزال للدراسة في زاوية منها.

قعدات عائلية ووجبات في الهواء الطلق

من قال بأن زيارة الحديقة تكون فقط برفقة الصغار.. ؟!، فلقد شد انتباهنا العدد الكبير من المجموعات النسوية، التي اختارت قسطا من الراحة والاستمتاع بالوجبات الغذائية وسط أحضان الغابة، حيث قالت السيدة صباح بأن زيارة المساحات الخضراء مفيد جدا لكل الفئات العمرية وليس للأطفال فقط، حيث يساعد التنزه على التخلص من القلق والضغط النفسي، وبما أن وسائل النقل متوفرة، فإنه يسهل الوصول إليها، وأشارت إلى أنها تقوم رفقة شقيقاتها خلال كل شهر بتنظيم قعدات بها، لتناول الغذاء أو شرب القهوة، حيث تحضر كل واحدة نوعا معينا من الحلويات أو الأطباق السريعة لتناولها هناك. كما نبهت المتحدثة إلى ضرورة الحفاظ على البيئة وترسيخ تلك الثقافة عند الأطفال.

التصوير الفوتوغرافي .. هواية زوار الحديقة المفضلة

يمكن الجزم أن 90 بالمائة من زوار الحديقة لم يترددوا في حمل هواتفهم الذكية، أو إخراج آلة التصوير لتخليد ذكراهم في المكان، فكل ركن من أركانها يدفع الزائر إلى أخذ صورة فيه، يتلهف الكل إلى التقاط أجمل اللقطات وأروع الوضعيات يكون الشخص موضوعها، لكن الأهم من ذلك جمال الخلفية، حسبما أشار إليه محدثونا، خاصة صور "السيلفي" التي يعشقها الشباب.   

أكثر من 80 عاملا يسهرون على تحقيق الأمن والنظام

أول أمر نلاحظه عند دخول الحديقة، هو مستوى التنظيم الكبير، بالإضافة إلى نظافة المكان وهدوئه، فرغم العدد الهائل للزوار، تبقى الحديقة بفضل حرص هؤلاء نظيفة وهادئة، حيث يعمل الأعوان على إدشاد الزوار على المحافظة على نظافة المحيط وعدم ممارسة نشاطات تزعج غيرهم، والابتعاد عن كل الحركات التي تفسد النباتات كالدوس عليها أو اللعب بالكرة، حيث أوضح لنا أحد أعوان الأمن أن تلك المساحة هي حديقة للتنزه، وليست للعب بأدوات قد تضر النباتات، حيث انتقد المتحدث سلوك بعض المواطنين الذين يزورون الحديقة بغرض التنزه والترفيه عن النفس، خصوصا الأولياء، ولا يعلمون أولادهم التربية البيئية ولا يبدون حرصهم على الحفاظ على الطبيعة.