التسمم بالأدوية على رأس الحوادث المنزلية
أكثر من 10 آلاف حالة في 2015
- 1024
حنان. س
التسمم بالأدوية، وعلى رأسها "الباراسيتامول" من الحوادث المنزلية التي سجلها خلال عام 2015 المركز الوطني للسموم، حيث يتقاسم الراشدون والأطفال نفس النسبة تقريبا بحوالي 60% من مجموع حالات التسمم، وإن كانت حالات التسمم بالدواء لدى الأطفال تظهر عن طريق استهلاكها بالخطأ، إلا أن استهلاكها لدى البالغين يفسر بالسلوك الانتحاري، حسب دكتورة مختصة في علم الأوبئة من المركز.
يتلقى المركز الوطني للسموم ما معدله 768 اتصالا شهريا للإبلاغ عن حالات الإصابة بالتسمم، سواء بالأدوية أو بالمبيدات الحشرية أو بالأعشاب أو حتى بالمواد البترولية، ومنها المازوت والبنزين. وحسب الدكتورة التي تحدثت إلى "المساء" على هامش صالون المستشفى، فإن أغلب حالات التسمم يكون سببها الرئيسي الأدوية، بما فيها المؤثرات العقلية و"الباراسيتامول"، موضحة أن الحالات المسجلة لدى الأطفال يمكن وضعها ضمن الحوادث المنزلية بـ90.8 %، لكن عند البالغين يأتي التسمم بالأدوية كنتيجة لمحاولة الانتحار لدى هؤلاء (68.7 %).
من جهة أخرى، يظهر التسمم بالمواد الصناعية كنوع آخر من الحوادث المنزلية والصناعية على حد سواء، والتي تعرف انتشارا كبيرا خاصة وسط الفلاحين ممن يضطرون إلى استعمال المبيدات الحشرية، وكذا الميكانيكيين ممن يستعملون مشتقات البترول "أولئك يتعرضون لخطر استنشاق المبيدات أو المازوت وغيرها من المواد الصناعية، بالتالي خطر التسمم"، تشرح المختصة موضحة أن التسمم بالمبيدات الحشرية يمثل نسبة 9.5 %، والتسمم بمشتقات البترول الصناعية يمثل 5.2 %.
الحوادث المنزلية مشكل اجتماعي
تعتبر الحوادث المنزلية مشكلا اجتماعيا حقيقيا بالنظر إلى ارتفاع نسبها، وهو ما يستدعي، حسب المختصة، تكثيف حملات التحسيس والتوعية، معتبرة أن أكثر الحوادث المنزلية المسجلة، خاصة عند الأطفال، من الممكن جدا تفاديها. معتبرة أن مسؤولية هذه الحوادث يتقاسمها المجتمع ككل، ودعت الأسرة وعلى رأسها الأم، إلى التحلي بروح المسؤولية خصوصا حيال المنظفات والكاشطات على وجه التحديد التي تهدد سلامة الأطفال، لاسيما الفئة العمرية من 2 إلى 5 سنوات، إذ تشير إحصائيات المركز بشأنها إلى أنها تشكل نسبة 93.6 % من مجموع الحوادث المسجلة خلال السنة المنصرمة.
وتقول الدكتورة إن تعرض الأطفال لخطر المنظفات يرجع بالتحديد إلى إفراغ محتوى هذه الأخيرة في قارورات بلاستيكية أخرى، وهو ما يجعل الطفل يظن أنها مشروبات غازية أو عصائر، فيتعرض بالتالي للخطر، ناهيك عن وضعها في متناولهم. في السياق، تلفت المختصة إلى ضرورة عدم التقليل من أهمية الأمور، أي ألا تغفل الأمهات عن ضرورة إبقاء المنظفات بكل أنواعها وحتى الأدوية، بعيدا عن متناول الأطفال، كما أنه عليهن ألا يغيرن تعبئة المواد الحارقة في دلاء أخرى حتى لا تغري الأطفال وتكون بالتالي سببا في وقوعهم ضحايا لتلك المواد والمنظفات، وتسبب لهم عاهات قد تكون في بعض الأحيان مستديمة.
التسمم بالباراسيتامول.. يعني الانتحار!
عن شق آخر من الحوادث المنزلية التي قالت عنها المتحدثة بأنها تمس جميع الأشخاص؛ الأطفال منهم أو البالغين، فإنها تتعلق بالتسمم الدوائي خاصة بـ"الباراستامول"، هذا الدواء المعروف جدا والشائع استعماله من طرف جميع الفئات العمرية بهدف تسكين الألم، إلا أن المسجل من طرف المركز الوطني للسموم أنه الدواء الأكثر استعمالا بغرض الانتحار! ويشكل التسمم بالدواء حوالي 5600 حالة من مجموع يجاوز 10 آلاف حالة تسمم يعالجها المركز سنويا.
وحسب نفس المختصة، فإن دواء ‘متفورمين-أقراص’ الخاص بمرضى السكري يأتي في مقدمة التسمم الدوائي بغرض الانتحار، خاصة عند البالغين، يأتي بعده "الباراسيتامول" بتناول بين 30 إلى 40 قرصا. وتشرح المختصة هذه النزعة الانتحارية باستعمال الدواء، خاصة وسط الشباب (19-29 سنة) لأسباب اجتماعية، منها الفشل الدراسي، حيث تسجل أكبر نسبة خلال شهري ماي وجوان مع ظهور نتائج الامتحانات. وتشدد الدكتورة على أهمية التثقيف الصحي للجميع، معتبرة أن كل دواء هو سم في حد ذاته إذا لم يتم التقيد بالجرعة الموصوفة من طرف الطبيب المعالج، ناهيك عن إبعاد كل أصناف الأدوية والعقاقير عن متناول الأطفال.
الأعشاب.. نوع آخر من التسممات
من جهة أخرى، يظهر استعمال بعض الأعشاب سواء في الطبخ أو في التداوي بها كنوع آخر من حالات التسمم التي يتلقاها نفس المركز، حيث تشير الإحصائيات إلى نسبة 2.6 % تسمم بالأعشاب من مجموع الحالات المعالجة خلال عام 2015. وتبلغ حالات تسمم الأطفال هنا 182 حالة، و43 حالة بالنسبة للبالغين. وتشرح الدكتورة بالقول؛ إن أغلب حالات التسمم بالأعشاب تعود أساسا إلى تفشي التداوي بالأعشاب، وحتى استعمال بعضها في الطبخ دون الحاجة إلى التعرف عن طبيعتها أو مدى سميتها من دونه. ناهيك عن أنواع أخرى من التسممات التي تصيب الإنسان، ومنها التسمم بالحيوان، ومنها العناكب والعقارب والثعابين، إلى جانب التسمم بمواد التجميل. وكل أنواع التسممات أصبحت ضرورية التبليغ، حيث يضع القانون الطبيب المعالج أمام مسؤولية مهنية للتبليغ عن أية حالة تسمم، وهو ما يجعل التسممات والحوادث المنزلية تعرف ازديادا في السنوات الأخيرة.