أمام غلاء أسعار قاعات الحفلات

أعراس الخيم والأسطح تعود إلى أحياء وهران

أعراس الخيم والأسطح تعود إلى أحياء وهران
  • القراءات: 2565
 رضوان قلوش/ خ.نافع رضوان قلوش/ خ.نافع

تعرف مختلف الأحياء الشعبية الكبرى لمدينة وهران والمناطق الكبرى المحيطة بها، عودة قوية لإقامة الأعراس بالخيم التي تنتشر بالشوارع والأحياء إلى جانب إقامة أخرى فوق أسطح البنايات، وهي الظاهرة  التي ارتبطت بارتفاع أسعار كراء قاعات الحفلات التي لم تعد في متناول المقبلين على الزواج.

 انتشرت بمدنية وهران خلال الصائفة الحالية والمعروفة لدى الجزائريين بإقامة الأفراح والأعراس، ظاهرة تنصيب الخيم وسط الشوارع والأحياء الشعبية لاستقبال المدعوين للأعراس وحفلات الزفاف؛ ما فتح المجال واسعا أمام عدد كبير من الشباب للاستنجاد بهذه الخيم، خاصة بوجود الحديثة منها غير تلك الخيم القديمة التي كانت تقام بها الأعراس. وقد وقفت "المساء" خلال الأسبوع الماضي على ثلاث حفلات أعراس أقيمت بداخل الخيم وكانت قمة في الروعة، خاصة أنها ذكّرت الجميع بالأيام الخوالي الجميلة بوجود جوق موسيقي.

 وقد كان أول عرس أقيم بمنطقة البلانتير بمدينة وهران، وهو العرس الذي أقامه أحد الشباب يعمل ببلدية وهران بأجرة زهيدة، الذي أكد أن لجوءه لإقامة العرس بالخيمة جاء بعد أن فقد الأمل في إقامته داخل قاعة حفلات، حيث لم يجد قاعة تتناسب وإمكانياته المالية، خاصة أن أرخص قاعة حفلات لا يقل ثمنها عن 8 ملايين سنتيم، وهي غير مهيأة وغير قادرة على استقبال كل المدعوين. وأضاف المتحدث: "إن إقامة العرس بالخيمة التي وضعها أصدقاؤه لم تكلفه الكثير، خاصة أنها نُصبت بالحي مجانا. كما أن كل المدعوين سيتمكنون من الحضور حتى من لا يملكون سيارات لعدم تنقلهم إلى قاعة الحفلات. وأكد المتحدث أن عائلة العروس كانت قد اشترطت عليه إقامة العرس بقاعة حفلات، غير أنه تمكن من إقناعها بمحدودية إمكانيته؛ ما اعتبره المتحدث مؤشرا هاما لحياة زوجية سعيدة.

كما شهد حي سيدي الهواري هو الآخر إقامة عرس كبير لأحد أبناء العائلات المعروفة بالمنطقة، والذي فضّل رغم إمكانياته المادية إقامة عرسه بالخيمة العملاقة الحديثة والمعروفة بتسمية "خمية مولاي السلطان"، وهي من الطراز الرفيع وبألوان مختلفة، وعادة ما تنصب مثل هده الخيم بالوعدات المنتشرة بمنطقة الغرب الجزائري.  وقد كشف العروس في لقاء مع "المساء"، أنه أراد العودة إلى الأصالة بإقامة عرسه بالخيمة التي تم نصبها بوسط الحي العريق سيدي الهواري، والتي تزينت بالألوان والأضواء، مؤكدا أن مثل هذه الأعراس تحيي الأصالة الجزائرية، وتعود بالجزائريين إلى الزمن الجميل بعيدا عن الاختلاط والغناء والسهر لساعات متأخرة. وقد تم جلب عدد كبير من الكراسي التي تم رصها أمام بعضها لاستقبال مئات الضيوف، فيما عرف العرس تنشيطا من فرقة موسيقية بالطابع المغربي، والتي أمتعت الجمهورية بباقة من الغناء المغربي والوهراني، والذي امتزج بطلقات البارود.

ثالث عرس تمكنت "المساء" من حضوره كان بمنطقة قديل بشرق مدينة وهران، هو العرس الذي تميز بتنصيب خمية كذلك، استقبلت كل الوافدين من المدعوين من مناطق مختلفة من الولاية؛ على اعتبار أن صاحب العرس من عائلة كبيرة بوهران.

وقد أكدت عائلة العروس أنها لجأت إلى استخدام الخمية لإقامة عرس كبير بمشاركة فرق للخيالة والقرقابو.

وأكد رب العائلة أن تقاليد الأعراس بالجزائر قد تلاشت، وأن جل الشباب لا يعرفون معنى إقامة عرس وفق التقاليد. وقد دعا المتحدث إلى ضرورة المحافظة على الأصالة الجزائرية في إقامة الأعراس، موضحا أن ثمن قاعة الحفلات يعادل راتبا سنويا لبعض الشباب المقبلين على الزواج من محدودي الدخل، وهو ما يُعد في نظره تبذيرا.

كما تعرف وهران انتشار ظاهرة إقامة الأعراس فوق أسطح البنايات خاصة بما يعرف بالأحواش، التي تتوفر على أسطح كبيرة قادرة على استقبال عدد كبير من المدعوين.

أكد بعض المواطنين أن أعراس الأسطح في العادة تقام في الأحياء الضيقة التي لا يمكن فيها تنصيب الخيم. كما أن جل الأعراس التي تقام فوق أسطح البنايات تخص حفلات الزفاف الخاصة بالعروس، من منطلق أن جل العائلات ترفض إقامة حفلات الزفاف بداخل الخيمة بسبب "الحرمة"؛ حيث تلجأ العائلات إلى الاستعانة بالأسطح لإقامة حفلات الزفاف بحضور النساء والمدعوات، وهي أعراس تتم في العادة وفق التقاليد الوهرانية المعروفة بعيدا عن الاختلاط.

قصد تغطية مصاريف عيد الأضحى والدخول المدرسي ... الوهرانيات يقبلن على رهن الذهب

في ظل الوضعية المالية الصعبة التي يعيشها الكثير من أرباب العائلات الوهرانية، تقصد شريحة كبيرة من السيدات بنك التنمية المحلية المتواجد بوسط المدينة لرهن  مصوغاتهن؛ من أجل تلبية رغبة أطفالهن في شراء كبش العيد وتغطية مصاريف الدخول المدرسي التي اجتاحت الأسواق الجزائرية بأسعار خيالية، فبين هذا وذاك يسعى المواطن البسيط إلى إدخال الفرحة إلى بيته وقلب أولاده ولو بتركة تشكل عبءا ثقيلا على كاهله لأشهر معدودات.

 

خلال زيارتنا لبنك التنمية المحلية على الساعة العاشرة صباحا وجدنا طابورا طويلا من السيدات أمام الباب في انتظار دورهن، ومنهن من تقصد المكان منذ الساعات الأولى من الصباح، بينما يستغل بعض الشباب البطالين هذه الفرصة لبيع الأماكن الأولى في الطابور بثمن لا يقل عن 1000 دينار، وعند حديثنا مع إحدى الزبونات في العقد الثالث والتي كانت تنتظر خارج البنك دورها للدخول، أكدت أنها اعتادت على الاقتراض من بنك التنمية المحلية عن طريق رهن مصوغاتها كلما وجدت نفسها في ضائقة مالية، وهي عادة توارثتها عن والدتها وجداتها، وتجدها أفضل طريقة للسلف في هذا الزمن الصعب الذي نادرا ما تجد فيه من يقرضك.

سيدة أخرى أم لأربعة أولاد، عاملة ببلدية وهران، صرحت بأن مصاريف شراء أضحية العيد والدخول المدرسي أجبرتها على رهن ما تملكه من مصاغ؛ فراتبها وراتب زوجها لا يكفيان لتغطية هذه الالتزامات ولا يمكنها أن تحرم أطفالها من فرحة العيد، لذلك تحاول في باقي شهور السنة أن تقتصد لأجل سد الدين وإرجاع مصوغاتها خلال المدة المحددة.

من جهته، أكد رئيس المصلحة بذات البنك أن الإقبال على الرهن من قبل الزبائن على طول شهور السنة، لكن العملية تزداد خلال المناسبات والأعياد الدينية مثل حلول شهر رمضان وعيد الأضحى والدخول المدرسي، كما هي الحال عليه الآن، حيث يتم استقبال يوميا بين 400 و500 زبون، ويتم قبول القطع الذهبية المختومة بالجزائر كونها ليست مغشوشة، فيكفي أن يحضر الزبون نسخة من بطاقة التعريف وتتم إجراءات الرهن بسرعة، وهي إجراءات أزاحت الكثير من هموم العائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل ورفعت عنهم ذل الاستدانة ومد يدها للغير.