لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

أضحية العيد لمن استطاع إليها سبيلا!!

أضحية العيد لمن استطاع إليها سبيلا!!
  • القراءات: 3646
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
ڑتكلف عادة بعض الأسر نفسها، خلال هذه المرحلة من السنة، بتخصيص ميزانية كافية تمكنها من شراء أضحية العيد، ولكل واحد دافعه بين التقرب من الله أو التباهي، ويرى البعض أنه مفروض عليه إسعاد عائلته وأطفاله، ليتنافس آخرون على اقتناء أكبر أضحية والتباهي بها وسط الحي، هي الظاهرة التي باتت لا تخفى حتى وسط العائلات محدودة الدخل، فمن يقول أضحية كبيرة، يقول أضحية أغلى..
وحول هذا الموضوع، اقتربنا من السيد محمد مغريز إمام مسجد حمزة "بن عبد المطلب"، للاستفسار حول حكم التكلف لاقتناء أضحية العيد واللجوء إلى الاقتراض والقيام بسلفيات من أجل التمكن من اختيار أضحية جيدة لعيد الأضحى، وأوضح لنا الإمام محمد قائلا: "إن الأضحية ـ كما يشير إليها اسمها ـ هي أضحية لله، وليس المقصود منها ذبحها فقط، وإنما الهدف منها التقرب إلى الله عز وجل. وللإشارة، لن ينال الله  لحومها ولا دماؤها شيئا، كونه غني كريم، وإنما يفرضها على الشخص القادر لينال الإخلاص فيها والاحتساب، وحتى تكون الأضحية مقبولة لابد أن تتوفر النية الصالحة والخالصة  الله عز وجل.
وقد أوضح إمام المسجد أن النصوص القرآنية فيها حث وترغيب للنحر وأن يكون القصد وجه الله وحده، وليس فخرا ولا رياء أمام الناس، مضيفا أن ذلك قد يجعل من الأضحية إثما يؤثم عليه صاحبه لما فيه من مفاخرة قد تضايق المحتاج الذي لا يستطيع اقتناء أضحية العيد. وعلى صعيد آخر، يقول محدثنا: "قد تقع العديد من الأسرة بعد سنوات في خطأ "العادة"، حيث اعتادت تلك الأسر على شراء أضحية لنحرها وتناول لحمها، فأكثر ما بات يشغل اهتمام الناس هي طريقة طهيها أو استعمالات أجزائها كاستغلال الإيهاب "الهيدورة" أو غيرها وهذا غلط لأن هذه الانشغالات لابد أن تكون في مقام ثان لتبقى نية القيام بما أمر به الله هي الأهم.
وقد وصف المتحدث أن النحر بدون نية الإخلاص كالجسد بلا روح، حيث أن صدق العبادات يبدأ بصدق النيات فلابد أن تقترن بالإخلاص. مضيفا أن الاقتراض من أجل شراء كبش العيد لا حرج فيها إلا أنه لابد أن يكون للمقترض مصدر رزق يعيد منه ما اقترضه من عمد غيره مع الوفاء بتسديد دينه في الوقت المحدد.
وأمام غلاء سعر كبش عيد الأضحى المبارك، لم يجد البعض سوى البحث عن وسيلة لاقتراض المال وتوفير ثمن تلك الأضاحي بغض النظر عن حكم الشرع، إذ يجمع أغلبهم على أن إتمام فرحة الأطفال بالعيد، وتأمين أكل اللحم والكبد و’’البوزلوف’’ هي المناسبة الوحيدة لاسيما بالنسبة لهؤلاء الذين يعجزون عن استهلاك اللحوم طيلة السنة لارتفاع سعرها، ليبقى عيد الأضحى المناسبة الوحيدة.
وفي هذا الخصوص، يقول زهير بأن كبش العيد تحول إلى هاجس للكثيرين بسبب ارتفاع أسعاره التي تراوحت هذه السنة بين 38 و60 ألف دينار، لاسيما أن الطلب بلغ ذروته في هذه السنة، وإن كان المواطن غير قادر على تحمل تلك التكاليف، إلا أنه لا يزال يبحث عن وسيلة تجعله يعيش فرحة العيد "مكلفة" بالاقتراض من عند الأصحاب والأقارب.
"أمين" عامل بسيط بإحدى المؤسسات الخاصة، يؤكد أنه يحرص على أن يدخر مبلغا من المال من راتبه الشهري خلال الأشهر الأربعة قبل قدوم عيد الأضحى المبارك، واعتماده خلال تلك المرحلة سياسة التقشف النسبي بغية شراء الكبش خلال العيد، سألنا محدثنا إن كان على دراية بحكم الشرع في هذه الحالة، فرد أن الوجوب يكون على القادر، إلا أن ذلك لا يمنعه من تخصيص ميزانية حتى يتحلى بصفة "قادر" خلال عيد الأضحى.
ويقول أنيس من جهته: "لقد أصبت بصدمة كبيرة عندما قمت بزيارة أحد أسواق بيع الماشية مؤخرا، فكانت الأسعار مرتفعة، لاسيما بالنسبة للكباش الكبيرة، وبحكم أننا عائلة متكونة من 8 أفراد، فعلينا اقتناء أضحية كبيرة أو أضحيتين صغيرتين وعلى هذا أنا مجبر على اقتراض مبلغ مالي من صديقي الذي سبق أن طلبت منه ذلك، وهو موافق، فأنا الآن مرتاح في اختيار الكبش الذي أريد، وسأعمل على تسديد ذلك المبلغ بعد شهرين من عيد الأضحى، والهدف من ذلك هو إسعاد أمي وأطفالي الثلاثة حتى  يتمتعون بفرحة العيد.
«الأضحية لمن استطاع
إليها سبيلا"
 كانت تلك قناعة السيدة كريمة التي أوضحت أن زوجها غير قادر على تكلفة الكبش، مما سيجعلهم يمتنعون عن اقتنائها هذه السنة، ولإسعاد أطفالهم سوف يقتنون كمية من اللحم والكبد تكفي الثلاثة أيام الأولى من العيد حتى لا يشعر الأطفال أنهم مستبعدون من فرحة العيد. فأضحية العيد سنة مؤكدة بالنسبة للقادر على ثمنها، أما من عجز عن شرائها فيسقط عنه الوجوب ولا ينبغي تكليف نفس ما لم تكلف به شرعا.