جسر سيدي راشد بقسنطينة

أزيد من 100 سنة من الوجود

أزيد من 100 سنة من الوجود
  • القراءات: 2838
شبيلة/ح شبيلة/ح
تزخر مدينة قسنطينة بمناظر طبيعية ومعالم أثرية معمارية بالغة الأهمية، لا تزال شاهدة على تعاقب الحضارات عليها، مما أهلها لأن تكون من بين أهم أكبر المدن، حيث اشتهرت قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري بالعديد من الأسماء، على غرار؛ مدينة الجسور المعلقة نسبة إلى جسورها التي تعد من أهم المعالم التاريخية.
يعد جسر سيدي راشد تحفة معمارية ويصنف في خانة أكبر الجسور الحجرية في العالم، يقدر علوه بـ 105 م، فرغم مرور أزيد من 100 سنة على تدشينه، إلا أنه لايزال إلى حد الساعة محط اهتمام الباحثين والشعراء وحتى الفنانين الذين أعجبوا بموقع المدينة وطبيعتها، فكتبوا عنها ومنحوها حيزا هاما في أعمالهم الفنية، حيث أرادوا تخليد جمالها من خلال الأعمال التي أبدعوا فيها، وزادت من شهرة المدينة، وعلى رأس الأعمال المخلدة لجمال جسر سيدي راشد؛  أعمال الرسام الفرنسي بول جوبير صاحب الرسومات المميزة على أسقف بلدية قسنطينة بلوحاته الرائعة.ويعود تاريخ بناء هذا الجسر إلى سنة 1908 تحت إشراف المهندس الفرنسي أوبان إيرود بمساعدة مواطنه المهندس بول سيجورني الذي قام بعدما تحول إيرود إلى التدريس في جامعة أكسفورد، بوضع مخطط الأقواس وأكمل بناء الجسر الذي يطل على وادي الرمال ويربط وسط المدينة بمحطة القطار، كما تم تصنيف هذا المعلم السياحي في وقت إنجازه كأكبر جسر من حيث التصنيف العمراني، لطوله الذي يصل إلى 447 م على علو 105م وأقواسه الـ27 التي يتوسطها قوس كبير بقطر 70م يميزه عن الجسور الأخرى.جسر سيدي راشد يختصر حياة مدينة وسكانها، بدليل أنه كان مقصد العديد من السياح والمختصين في المعالم الأثرية، فرغم العوامل الطبيعية وحتى الجيوغرافية، يبقى وعلى مر السنين، محافظا على طبيعته، رغم مرور 100 سنة على تدشينه، مما جعله محط اهتمام العديد من السياح وزوار المدينة، خاصة أن الجسر يحمل روايات مشوقة وعديدة تعددت في قسنطينة حول تسمية الجسر بهذا الاسم، فمنهم من يقول إنه سمي نسبة إلى الضريح الذي يوجد أسفله والذي تشير بعض الروايات إلى أنه قبر أحد المساجين الجزائريين الناشطين في عملية البناء والذي توفي إثر حادث عمل أثناء بناء الجسر، وأخرى تقول بأن فرنسا كرمت قبيلة تيزي راشد بتسمية الجسر على قبيلة تيزي راشد، وغيرها من الروايات الأخرى، فيما ذهب أغلب سكان قسنطينة إلى أن الرواية الصحيحة هي أن الضريح ملك لأحد الأولياء الصالحين يدعى راشد، وهو من حفظة القرآن الكريم والحديث، قدم من منطقة فرجيوة واستقر لبعض الوقت في قسنطينة، ولما توفي، دفن في هذا الضريح رغم أن بعض الدراسات تشير إلى أن سيدي راشد ولي صالح توفي في مدينة مكناس في المغرب، وما يزال قبره يتواجد هناك إلى اليوم.ولعل ما زاد من جمال وأهمية هذا الجسر؛ الزاوية التي توجد في أسفله وتعد من أجمل زوايا مدينة الجسور المعلقة نظرا لموقعها الاستثنائي وهندستها المعمارية الفريدة، فزاوية سيدي راشد بمحاذاة حي السويقة العتيقة تحت قنطرة سيدي راشد، من أقدم زوايا المدينة، يرجع تاريخ إنشائها إلى القرن التاسع ميلادي، كانت تعبر عن تقاليد سكان قسنطينة الذين كانوا يتوافدون على هذا الضريح والتبرك به، حيث كان من عاداتهم؛ أخذ كمية من التراب من حديقة الضريح ودفن داخلها القطعة الزائدة بعد ختان الطفل، إضافة إلى إقامة "الزردة". غير أن الزاوية وخلال العهد الاستعماري، تعرضت إلى تشويهات بعد أن حاولت السلطات الفرنسية تدنيس الضريح من خلال بناء مصحة أمامه، خاصة ببائعات الهوى اللائي كن يخضعن للعلاج والفحوصات الطبية أسبوعيا.