‘’الانتحار" محور ملتقى جهوي بقالمة

أزمة "كورونا" ضاعفت الظاهرة

أزمة "كورونا" ضاعفت الظاهرة
  • القراءات: 848
وردة زرقين وردة زرقين

أجمع المتدخلون خلال الملتقى الجهوي الأول، المنظم بقالمة مؤخرا، حول ظاهرة الانتحار تحت شعار "لا للانتحار.. كلنا معنيون"، على أن أزمة "كورونا" ضاعفت من بروز الظاهرة، رغم أنها دخيلة على مجتمعنا، وكانت موجودة قبل الأزمة بسبب عوامل أخرى، منها المخدرات التي سيطرت على عقول الشباب، حيث دعا المختصون إلى التدقيق في هذه الظاهرة ومحاربتها بقوة.

الملتقى نظمته إذاعة قالمة الجهوية، بالتنسيق مع المؤسسة العمومية الاستشفائية "ابن زهر"، بالمركز الثقافي الإسلامي "مبارك بولوح" في مدينة قالمة، حيث تطرق المتدخلون كل في اختصاصه، إلى دراسة وأسباب ودوافع شباب ولاية قالمة إلى الانتحار، وكيفية محاربة هذه الظاهرة الغريبة عن تقاليدنا. 

قال الدكتور فتني وليد، رئيس مصلحة الطب العقلي بمستشفى "ابن زهر" بقالمة، في مداخلته "متلازمة الانتحار"، إن الانتحار موجود قبل أزمة "كورونا"، لكن هذه الأخيرة ضاعفت في الظاهرة في الآونة الأخيرة وزادت في تسريع عدد المنتحرين، لأن المنتحر يجنح إلى الانعزال، وعندما يدعو الظرف للانعزال، تزداد نسبة الانتحار، أما المشكل المطروح ـ يقول الدكتور فتني ـ فيتمثل في أنه بعد تلاشي أزمة "كورونا" وبعد رفع الحظر، سيبقى الأثر النفسي. أضاف قائلا؛ "الأمم المتحدة أكدت أن الأزمة النفسية ستستمر إلى ما بعد كورونا"، موضحا أن "بعض الجزائريين لا يزالون يعانون من الأزمة التي تسببت فيها العشرية السوداء، تضاف إليها الأزمة النفسية التي تسببت فيها "كورونا"، بالتالي ستستمر الأزمة إلى ما بعد "كورونا" في الوسط القريب والمتوسط، مما يجبرنا على تفادي هذه الحالة النفسية بالتواصل والتوعية واستعمال كل الوسائل للتواصل، ومحاصرة هذه الظاهرة".

من جهته، أوضح مدير الحماية المدنية لولاية قالمة، الرائد بن عودة محمد، في مداخلته، أن عدد المنتحرين ارتفع في السنوات الأخيرة، إذ سجلت مديرية الحماية المدنية بقالمة، خلال هذه السنة، 18 وفاة في عملية الانتحار، من بينهم طفلة لا تتعدى 12 سنة من عمرها، كما تم إنقاذ 6 أشخاص من موت محقق، دون حساب عمليات أخرى، فيما تم حماية أشخاص آخرين من الانتحار بعدد يتجاوز 30 شخصا.

فيما أكد الرائد بن عودة، أن هذه الظاهرة دخيلة على مجتمعنا، وما زاد الوضع تأزما خلال هذه السنة؛ الضغوطات الاجتماعية من أزمة "كورونا" التي أدت إلى ارتفاع في عملية الانتحار على مستوى كامل التراب الوطني، داعيا كل المتدخلين والمختصين من الأمن والأئمة، كل في مجال اختصاصه، التدخل من الناحية القانونية والشرعية والرقابة، وكذا الجمعيات من ناحية التحسيس، إلى التدقيق في هذه الظاهرة، لتفادي زيادة عملية الانتحار، مستقبلا.      

كما أكدت الطبيبة النفسانية والمنسقة الولائية لدار المرافقة والإدماج، لخريجي قطاع التكوين المهني والتعليم المهنيين مريم لعرايسية، أن ظاهرة الانتحار يصل إليها الشاب عندما يبلغ نقطة بلا رجوع، ناتجة عن غلق قنوات الحوار والاتصال والنصيحة والتوجيه، لأن الحل يكمن في كيفية الاستماع والإصغاء إلى الشباب وكيفية استرجاع الثقة في أنفسهم، وجعلهم فعالين إيجابيين قادرين على تحقيق مشاريعهم، بالتالي، ضرورة تسلح الشباب بالتكوين وولوج عالم الشغل.

قالت مريم لعرايسية: "يجب على كل الهيئات والقطاعات والفاعلة الجاذبة لفئة الشباب، أن تكون لديها آليات وميكانيزمات حقيقية للمرافقة في الميدان، لمساعدتهم على الخروج من هذه الظاهرة السلبية الغريبة عن ديننا وتقاليدنا وأساليب تربيتنا".

وقد أشارت المتحدثة في مداخلتها، إلى عمل الهيئة التي تحظى بمرافقة الشباب كخريجين قبل وأثناء وبعد عملية التكوين، وقالت أنه عمل إعلامي تحسيسي للشباب فيما يخض ظاهرة الانتحار، حيث قامت دار المرافقة ببث تفاعلي، بحضور أساتذة مختصين في المجال، كما شاركت الهيئة في أيام دراسية مع جمعيات المجتمع المدني، وضمن نشاطاتها اليومية، ببرمجة خرجات ميدانية تحسيسية لصالح شباب مناطق الظل.

من جهته الإمام الخطيب في مسجد "لقمان" بالفجوج، الشيخ نورالدين بودبوز، أكد أن الانتحار حرام وكبيرة من الكبائر يتنافى وديننا الحنيف، وأرجع الأسباب الأساسية لهذه الظاهرة في مداخلته بعنوان "لا تقنطوا من رحمة الله" إلى عوامل عديدة، منها القنوط من رحمة الله والخوف من انعدام الرزق والأمن والأمان، ثم أسلوب الإدارات في تعاملها مع الشباب، وما زاد الوضع تأزما ـ على حد قوله ـ أزمة "كورونا"، حيث أصبح الشباب يضيق من الرزق، كذلك المهلوسات والمخدرات التي أثرت فيه بشكل كبير، وقال الإمام الخطيب، إن العلاج الأساسي لهذه الأزمة هو  الوازع الديني، ثم ضرورة الاستماع لهؤلاء الشباب من طرف إطارات الدولة والمسؤولين"، داعيا مصالح الأمن إلى محاربة هذه الظاهرة بكل ما أتيت من قوة، مؤكدا أن هذا البلاء سيطر على عقول الشباب، والكثير منهم انتحر تحت تأثير المخدرات، ومنهم من أقبل على قتل والديه تحت تأثير المهلوسات، مضيفا في السياق، أن الوالدين استقالوا من توعية أبنائهم، على حد تعبيره.