بفعل تداعيات تفشي جائحة كورونا

أجواء رمضانية غير مألوفة بغرداية

أجواء رمضانية غير مألوفة بغرداية
أجواء رمضانية غير مألوفة بغرداية
  • القراءات: 1405
ق.م ق.م

تخيّم على سكان غرداية في رمضان هذه السنة، أجواء اجتماعية غير مألوفة بعد تغيير عدة عادات متوارثة مصاحبة لشهر الصيام، وذلك بسبب الحجر الصحي الجزئي الذي تم إقراره في إطار التدابير الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا. وفي العادة كان سكان المنطقة يعيشون هذه المناسبة الدينية بإحياء عادات الأجداد التي تعزز التماسك الاجتماعي والتضامن والمشاركة والكرم، ولكنهم يقضون هذه السنة وبكافة أطيافهم شهر رمضان في أجواء غير معتادة، تتميز، بشكل خاص، بغياب الفطور مع العائلة الكبيرة، وإلغاء الصلاة الجماعية وصلاة التراويح في المساجد.

هناك إجماع على أن رمضان 2020 يمضي هذه السنة بدون الحميمية العائلية المألوفة التي عادة ما تغلب عليها الأجواء الروحانية، وذلك بسبب الحجر الصحي الليلي الذي فُرض لمكافحة انتشار جائحة كوفيد-19.

وفي هذا الصدد، قال الحاج بكير، أحد سكان قصر مليكة شرق مدينة غرداية، قال بنبرة حسرة، ''من الصعب أن نعيش شهر رمضان المبارك بدون صلاة التراويح التي تُعتبر من مميزات الشهر الفضيل في ظل الحجر الصحي الليلي، الذي نتقبله بكل صبر من أجل التصدي لانتشار فيروس كورونا''.

ومن جهته، يرى محفوظ، وهو موظف بقصر بني يزقن، أن شهر رمضان في ظل الحجر الصحي الليلي، منحه فرصة أكبر لأداء الصلوات المفروضة في أوقاتها.

ويعيش سكان غرداية هذه المناسبة الدينية المقدسة ضمن أجواء عادات تتسم بتحول جذري، سيما ما تعلق منه بمنع التنقلات الليلية، ويقضون شهر الصيام بشعور حسرة فقدان أيام جميلة ولقاءات عائلية ليلية، وإحياء عادات عريقة تعوّدوا على إحيائها في رمضان، كما أضاف محفوظ.

ورغم ذلك يستغل مواطنو ولاية غرداية هذا الشهر الكريم لإحياء بعض العادات المتوارثة، سيما منها وجبات الإفطار، وطقوس اجتماعية أخرى يحافظون عليها عبر العصور.

وتشكل هذه المناسبة الدينية فرصة لإحياء بعض أنواع الأطباق المحلية والتقليدية، تتناقل وصفاتها عبر الأجيال منذ زمن بعيد، والتي لا يتم تذوقها، كما جرت العادة، هذه السنة بين أفراد العائلة الكبيرة والجيران؛ كإحياء ليالي العشر الأوائل من شهر رمضان، ومرور النصف الأول منه، وكذا ليلة القدر؛ أي ليلة 27 منه؛ بسبب الالتزام بشروط الحجر الصحي.

جدير بالذكر أن ليلة العاشر من رمضان المعظم تتميز بتحضير بعض الأكلات التقليدية، على غرار طبق البغرير بالعسل، فيما يحضَّر بمناسبة ليلة النصف من رمضان، طبق الكسكسي بلحم صغير الجمل، فيما يميز الاحتفال بليلة القدر، طبق الشخشوخة مرفقا بصلصة التمر.

وحسب التقاليد الاجتماعية المتوراثة، يتم توزيع هذه الأطباق على عابري السبيل والأصدقاء والعائلات بمختلف الأحياء، وأثناء الزيارات بين الأقارب والجيران.

تقاليد عريقة تغيب بسبب كوفيد-19

وتظل أبواب المنازل عبر مختلف قصور ولاية غرداية، مفتوحة؛ لأن الزيارات بين الجيران لا تنقطع، كما لفت محفوظ، مشيرا إلى أن رمضان تقليديا، يعتبر مناسبة لاستحضار القيم المشتركة والتضامن والتجمع العائلي في أجواء روحانية، تَسبب في انقطاعها كوفيد-19.

ومن أجل الحفاظ على القرابة والترابط بين أفراد العائلة خلال رمضان هذه السنة، توجهت ربات البيوت إلى تنويع مائدة الافطار باستعمال التكنولوجيات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي، للحصول على وصفات تناسب مائدة شهر رمضان المعظم.

وعلى غرار مختلف مناطق الوطن، فإن المساجد المنتشرة عبر إقليم ولاية غرداية مغلقة. وفي هذا الشأن يقول الحاج عبد القادر من حي ثنية المخزن: "ما ينقصني الخروج بعد الإفطار من المنزل، والتوجه نحو المسجد لأداء صلاة التراويح، هذه الشعيرة الدينية التي لم يسعفنا الحظ هذا العام لأدائها يوميا، وهو أمر يحز في نفسي''.

ويقضي معظم سكان ولاية غرداية شهر رمضان، في جو من التقاليد العريقة والبساطة رغم تخوفات أخطار جائحة كورونا. ورغم ذلك يُجمع أغلب الساكنة على ضرورة الاحترام الشامل للتباعد الاجتماعي والتحلي بروح المسؤولية بما يضمن المجابهة الفعالة لكوفيد -19.

وتبقى اليقظة بمثابة كلمة السر بين ساكنة المنطقة؛ حيث يظل التباعد الاجتماعي والتقليل من التنقلات بالنسبة لهم، أهم الوسائل الفعالة للتصدي لهذه الجائحة.