بسبب سوء استخدامها أو عدم مطابقتها لمعايير الجودة

أجهزة التدفئة قد تتحول إلى قنابل موقوتة

أجهزة التدفئة قد تتحول إلى قنابل موقوتة
  • القراءات: 2363
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تشهد هذه الأيام انخفاضا في درجات الحرارة، لاسيما في الفترة الليلية، مما يدفع الكثيرين إلى اقتناء وسائل لتدفئة المنازل، وتتصدر المدفئات الغازية قائمة أهم الأجهزة المنزلية للتدفئة، إلا أنها تعتبر بمثابة قنابل موقوتة أو سلاح ذي حدين، كما يصفها السيد مصطفى زبدي رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك، حيث يتسبب سوء استخدامها أو شراء الأنواع الرديئة منها في تسرب الغاز واندلاع الحرائق، وهنا قد تتحول المدفأة من وسيلة تدفئة إلى أداة موت.

يصاحب كل موسم من السنة مخاطر مختلفة، ترتبط عموما بالاستعمالات الروتينية ومن أهم تلك المخاطر المصاحبة لفصل الشتاء: التدفئة، أو بتعبير آخر سوء استعمال المدفئة، حيث يتم تسجيل، خلال موسم البرد، العديد من الحوادث التي تؤدي بعضها إلى الوفاة.

وتتعدد الأسباب وراء تلك التسربات، بعضها يعود إلى غياب الصيانة الروتينية للأجهزة التي نملكها داخل البيوت، أو قد تكون بسبب سوء استعمالها أو بكل بساطة، بسبب سوء اختيار الأجهزة التي نقتنيها لبيوتنا، ولعل هذا الأخير أخطر الأسباب.

وحول هذا الموضوع، كان لـ«المساء" جولة استطلاعية عند بعض تجار تلك الأجهزة، وكانت وجهتنا سوق "الحميز" التي تعد أكبر مساحة في العاصمة مختصة في بيع الأجهزة الكهربائية والكهرومنزلية، كما تعتبر ضالة كل باحث عن تلك الأجهزة بأسعار في المتناول، تختلف حسب النوعية وبلد المنشأ. بداية، وقفنا عند محل فؤاد، شاب في الثلاثين من عمره كان منهمكا في إرشاد الزبائن الذين كانوا يعدون بالعشرات داخل محله، أوضح لنا أن تجارة المدفئة تنتعش خلال هذا الموسم من السنة، وهو شيء طبيعي نظرا لدرجات الحرارة المنخفضة، ورغم سروره بهذا الانتعاش، إلا أنه أوضح قائلا: "أنا جد حائر بشأن نقص ثقافة السلامة عند المواطنين، إذ يمتنعون من تشغيل المكيف الهوائي في الشتاء ويقبلون في المقابل على شراء مدفأة! هم لا يدركون أن المكيفات الهوائية أكثر أمانا من المدفئة التي حتى وإن كانت من النوع الجيد، إلا أن البعض يسيء استعمالها لدرجة تجعلها خطيرة وتهدد حياته وحياة أسرته بالكامل".

من جهة أخرى، اقتربنا من زوج كان بصدد البحث عن مدفأة تجمع توليفتها بين الأمن، السلامة والسعر، وهو الأمر الذي لم يكن بالهين، حيث أوضح الزوج قائلا: "أصبح اليوم من الصعب اقتناء شيء جيد ذو نوعية عالية دون دفع ثمن باهظ، هذا ما يدفع الكثيرين إلى الالتفات أكثر نحو تلك الأنواع الرديئة، باحثين عن السعر المنخفض، وهنا لا يمكن إلقاء اللوم عليهم، خصوصا أصحاب الدخل المحدود، إذ يبقى عامل تدفئة المنزل خلال أيام البرد بالنسبة لهم أهم من السلامة".

من جهته، يقول نبيل الذي كان هو الآخر بصدد البحث على نوع محدد من المدفئات؛ أية مدفئة تتّسم بجانب جمالي مميز وتوضع في أي ركن من المنزل وليس لها توصيلة خاصة، إلا أن العديد من التجار نصحوه بعدم اقتنائها بسبب غياب عامل التهوية فيها، إلا أن نبيل يرى أنه لا مانع من اقتنائها إذا احترم معدل تشغيلها وتمت مراقبتها أثناء الاشتغال. من جهة أخرى، أوضح بائع آخر في نفس السوق، أنه لا يمكنه عرض مدفئات باهظة الثمن ذات نوعية عالية بالنسبة لميسوري الحال، دون اعتبار ميزانية الأسر الأخرى، فإذا كان الأمر كذلك فسوف يجبر الكثيرين على تخصيص ميزانية لشراء مدفئة تتوفر فيها عوامل السلامة رغم أن السلامة لا ثمن لها، حسبه.

وعلى صعيد آخر، أوضح السيد مصطفى زبدي رئيس الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك، أن حالات الاختناق والحرائق المندلعة من وسائل التدفئة تأتي في المرتبة الأولى ضمن حوادث الشتاء، لاسيما تلك التي تعتمد في تشغيلها على الكيروزان. ويضيف أنه لا يقتصر خطر سوء استخدام وسائل التدفئة على اختيار الرديء منها أو استخدام التوصيلات الغازية بطريقة خاطئة عند تشغيلها، فهناك ممارسات أخرى خاطئة يرتكبها البعض، تؤدي بتحويلها من جهاز تدفئة إلى جهاز خطير، مثل تعليق الملابس المبللة فوق المدفأة الزيتية بهدف تجفيفها، مما يؤدي إلى وصول الماء إلى الأجزاء المكهربة. مما قد يكون مصدر خطر كبير في المنازل.

وهنا يؤكد السيد زبدي أن المجتمع المدني يجدد مع بداية كل موسم حملات التوعية والإرشاد عن حسن استغلال تلك الأجهزة وتفادي جعلها مشكلا يهدد حياة الكثيرين، ورغم أن تلك الحملات تحقق أهداف عديدة، إلا أن ذلك يبقى غير كافيا، حسبه، "ولابد من تجديد التوعية في كل مناسبة، لأن البعض يهمشون جانب الأمن ويتناسون المخاطر التي تحملها تلك الأجهزة، بالتالي يبقى الهدف من تلك الحملات؛ تنمية مستوى الوعي العام حتى ننجح في تخفيض الحوادث ولو بصورة نسبية".

وعن انتشار المدافئ رديئة الصنع في السوق الوطنية، التي يكون منشأها غالبا الصين وتمتاز بكونها رخيصة الثمن مقارنة بالمدافئ ذات الجودة، يقول مصطفى زبدي بأنه لا يؤيد استخدام أي جهاز رديء أو رخيص، لأن ذلك الثمن يكون على حسب السلامة الفردية، موضحا أنه رغم قناعة البعض بخطورتها، إلا أنه لا يمكن الجزم بعدم انتشارها داخل المنازل، فأحيانا تكون تلك الأسعار مغرية لدرجة تجعل الفرد يقتني المدفئة، داعيا بمرور فصل الشتاء على خير، لكن هذا أمر يعود إلى وزارة التجارة من خلال رصد منافذ البيع، وضبط دفتر شروط خاص بنوعية الأجهزة التي نستوردها، مع ضرورة تشجيع الصناعة المحلية التي تكون أكثر آمانا من الصينية.

وجدد السيد زبدي حرصه على استخدام المدفئات المطابقة لمواصفات الجودة العالمية، مع ضرورة طلب النصيحة من عدة باعة مختصين وخبراء في الأجهزة الإلكترومنزلية، كما حذر من استخدام وسائل التدفئة المعتمدة على الفحم والكيروزان والغاز بعد النوم، فارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون داخل غرفة مغلقة يؤدي إلى فقدان الوعي والاختناق دون الشعور، ومن ثم الوفاة.