تحكم في تقنيات الرسم وتركيب الأجهزة دون دراستها

أبو بكر.. تحدى اضطراب التوحد ويبحث عمن يحتضنه

أبو بكر.. تحدى اضطراب التوحد ويبحث عمن يحتضنه
السيدة سعيدة ميصراوي
  • 784
رشيدة بلال رشيدة بلال

تراهن السيدة سعيدة ميصراوي، أم أبوبكر، المصاب باضطراب التوحد، كثيرا على ما اكتشفته في ابنها من مواهب، جعلته يتميز عن غيره ممن يعانون من هذا الاضطراب، حيث أبدع في الرسم والتحكم في بعض التقنيات دون أن يدرسها، بل وذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يمكنه تفكيك وتركيب الأجهزة الإلكترونية بكل دقة وبراعة، الأمر الذي جعل والدته ترعى مواهبه، من خلال إلحاقه بدار الشباب في بلدية وادي العلايق بولاية البليدة، وكل أملها أن يجد من يطور مواهبه، ليتمكن من شق طريقه بنفسه، ومنه تأمين مستقبله في مجتمع لا يزال ينظر إلى المتوحد بأنه شخص معاق.

تقول أم أبو بكر، لدى نزولها ضيفة بمنتدى جمعية الصحفيين والمراسلين لولاية البليدة، مؤخرا، للحديث عن موهبة ابنها، بأن قصتها مع التوحد بدأت عندما بلغ ابنها أبو بكر الثلاث سنوات، عقب إصابته بالتهاب في اللوزتين، حيث لفت الطبيب  انتباهها إلى إمكانية أن يكون مصابا بالتوحد، بعدما لاحظ عليه بعض العلامات، وهو الاضطراب الذي لم تكن حتى تسمع عنه، وبعدما رافقت ابنه، وأخضعته لبعض التشخيصات، أكد لها المختصون إصابته باضطراب التوحد، وحسبها، فإن تقبل الفكرة لم يكن سهلا، غير أنها سرعان ما تيقنت أهمية أن يتم مرافقته ومتابعته عند المختصين، وكان من نتائج التشخيص والتكفل المبكر أن أتى بثماره، حيث تمكنت بعد عناء كبير من إلحاقه بروضة الأطفال، الأمر الذي ساعده على الاندماج والتفاعل مع الأطفال، حيث تمكن من التحدث بعدما كان لا يستطيع حتى الكلام.

وتردف أم أبو بكبر قائلة: "أن يكون لديك طفل مصاب بالتوحد ليس أمرا سهلا، حيث يتطلب الكفاح الدائم والمستمر لتلبية احتياجاته ومرافقته، ليتمكن من إيجاد مكان له في المجتمع"، في إشارة منها إلى رحلتها الطويلة من أجل إقناع بعض المديرين بقبوله في المدرسة، وحسبها، فإن حرصها على تواجده في الروضة واحتكاكه بالأطفال العاديين، وما يمتلكه من ذكاء فطري، جعله يكتسب بعض المهارات التي فرضت على مدير إحدى المؤسسات التعليمية قبوله، وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها كأم، من أجل تعليم ابنها في المنزل، حتى يتمكن من مواكبة الأطفال الأصحاء، وشيئا فشيئا، تمكن اليوم من بلوغ السنة الأولى متوسط، وتقول أمه: "على الرغم من أنه أبدى بعض التراجع في التحصيل المدرسي"، إلا أنها لا تزال تحرص على الدفع به، ليكون لديه دائما مقعد في المدرسة.

وعن موهبته، أشارت أم أبو بكر، بأن اكتشافها لموهبة ابنها في الرسم، كان بمثابة جرعة الأمل التي تراهن عليها من أجل تأمين مستقبله، خاصة بعد التأخر الذي ظهر عليه في التحصيل المدرسي في الطور المتوسط، وقالت في الإطار: "اكتشفت ميله الكبير للرسم، حيث لم تكن رسوماته عبارة عن خربشات، إنما رسومات متقنة، يحرص فيها على الاهتمام بكل التفاصيل، وهو الأمر الذي جعلني أفكر في إلحاقه بدار الشباب، حتى يتم مرافقته ومساعدته على تطوير موهبته"، وكان حسبها، هذا الإجراء، أهم خطوة تقوم بها، لأن المشرفين على دار الشباب بوادي العلايق، احتضنوه وساعدوه على تطوير موهبته، بل وأكثر من هذا، احتكاكه بالقائمين على دار الشباب ساعده على اكتشاف مواهب أخرى، على غرار الاهتمام بكل ما له علاقة بالأجهزة الالكترونية، إذ يملك القدرة على تفكيك جهاز وإعادة تركيبه بكل احترافية.

وتختم أم أبوبكر بالقول: "على الرغم من أن أبو بكر البالغ اليوم من العمر 14 سنة، لا يزال يعاني من بعض الصعوبات في النطق، إلا أن موهبته الكبيرة في رسم ما يقع عليه بصره بدقة كبيرة، وامتلاكه لحس عال في اختيار الألوان والمزج بينها، جعلها تقرر رفع التحدي من أجل مساعدته على تطوير موهبته، حتى تكون السند الذي يعتمد عليه، ولما لا يسترزق منه في المستقبل القريب".