الباحثة في أدب الطفل زينب جيهان ناعم لـ"المساء ":
"آفاق الطفولة المبكرة" مؤلف لفهم احتياجات مرحلة ما قبل التمدرس

- 138

تطرح مرحلة ما قبل التمدرس، الكثير من الإشكالات، التي تتطلب فهم نفسية الطفل، قبل الاهتمام بتعليمه، وانطلاقًا من هذا الوعي، بادرت الباحثة زينب جيهان ناعم، صاحبة مشروع مؤسسة "الفضاء التعليمي للأطفال"، إلى إصدار مؤلفها الجديد "آفاق الطفولة المبكرة: منظور الرعاية والتنمية لطفل ما قبل المدرسة"، ليكون بمثابة مرجع لكل من له اهتمام بالطفولة المبكرة، ومدافعةً عن حق الطفل في أن يُرى، ويُفهَم، ويُنشأ على أسس متينة، قبل أن يُعلَّم.
"المساء" التقت الباحثة المتخصصة في أدب الطفل، زينب جيهان ناعم، للحديث عن فحوى المؤلَّف وأبعاده، وما الذي يمكن أن يقدمه لهذه الفئة من المجتمع.
❊ بدايةً، من هي ناعم زينب جيهان؟
❊ أستاذة في التعليم ما قبل التمدرس، وصاحبة مشروع مؤسسة الفضاء التعليمي للأطفال، وهي مؤسسة ناشئة تعتمد منهجًا جديدًا، يُعرف بـ"المنهج التكنوسيكلوجي"، الذي يدمج بين الجانب التكنولوجي والجانب السيكولوجي في تنشئة الطفل، بما يواكب التطورات المجتمعية الحديثة. وقد حصلت على براءة اختراع لهذا المنهج سنة 2024. تحمل شهادتي ماستر: إحداهما في إدارة المؤسسات الناشئة، والأخرى في تعليمية اللغة، بالإضافة إلى ليسانس في اللسانيات التطبيقية، وكاتبة وباحثة متخصصة في أدب الطفل، تعنى بتسليط الضوء على السنوات الأولى من عمره.
❊ ما سر اهتمامك بموضوع الطفولة ما قبل التمدرس؟
❊ اهتمامي بهذه المرحلة لم يكن مجرد اختيار موضوعي، بل هو موقف تربوي واعٍ، نابع من إيمان راسخ بأن هذه المرحلة تمثل الركيزة الأساسية التي يُبنى عليها كل ما يأتي بعدها في حياة الإنسان. مرحلة ما قبل التمدرس ليست مجرد فترة انتقالية تسبق الدخول المدرسي، بل هي نقطة تأسيس جوهرية لشخصية الطفل، حيث تتبلور فيها ملامح الإدراك، واللغة، والهوية النفسية والاجتماعية. وما نغرسه خلال هذه الفترة، ينعكس بعمق على مستقبل الطفل معرفيًا، انفعاليًا، وسلوكيًا.
ولأن هذا العمر الحساس غالبًا ما يُهمل في الخطابات التربوية لصالح التعليم النظامي، شعرت أن من واجبي كأكاديمية ومربية، أن أُسلط الضوء عليه، لا كمرحلة تهيئة مدرسية فقط، بل كفترة سيكولوجية وتربوية حساسة، تتطلب رؤية علمية، واحتضانًا منهجيًا، ورعاية تراعي الفروق الفردية والبنية النفسية للطفل. ومن هنا وُلد كتاب "آفاق الطفولة المبكرة: منظور الرعاية والتنمية لطفل ما قبل المدرسة."
❊ ما الذي يقدمه الكتاب لهذه الفئة؟
❊ جاء هذا الكتاب، كمحاولة جادة لسد ثغرة واضحة في الأدبيات التربوية والنفسية، من خلال تسليط الضوء على مرحلة ما قبل المدرسة، باعتبارها مرحلة تأسيسية تشكل حجر الأساس لنمو الطفل الشامل: نفسيًا، معرفيًا، اجتماعيًا، وحتى إبداعيًا.
الكتاب لا يعالج موضوع التعليم بشكل مباشر، بل يركز على مفاهيم الرعاية والتنمية في سياق التنشئة، من حيث البيئة، والتفاعل، والأساليب التربوية، والتوازن بين احتياجات الطفل النفسية والوجدانية. تناولنا فيه الطفل من منطلق كونه مشروعًا إنسانيًا، يحتاج إلى الوعي لا إلى التلقين، وإلى الاحتواء لا إلى الضبط الميكانيكي.
الكتاب دعوة لإعادة التفكير في الطفولة المبكرة كمنظومة متكاملة، ومحاولة لرد الاعتبار لهذه المرحلة التي تُعد الأساس في تكوين الإنسان، ولفتح حوار حقيقي حول تنشئة الطفل في زمن التحولات المتسارعة. نطمح أن يكون هذا الكتاب نافذة لفهم الطفل، لا من حيث ما نريد أن نعلمه إياه، بل من حيث ما يحتاج أن يُفهَم عليه.
❊ من هي الفئة التي يُوجَّه إليها هذا الكتاب؟
❊ الكتاب موجه لكل من تعنيه الطفولة، لا من باب التعليم فقط، بل من باب الفهم والتنشئة والرعاية، إلى المربين والمعلمين في الطور ما قبل المدرسي، ليكون لهم مرجعًا يتجاوز الجانب البيداغوجي إلى عمق حاجات الطفل النفسية والنمائية.
كما يُوجَّه إلى الطلبة الجامعيين والباحثين في مجالات علوم التربية، علم النفس، والطفولة المبكرة، ليجدوا فيه أرضية غنية لبناء دراساتهم أو تعميق معارفهم. ويستفيد منه أيضًا الأولياء والمهتمون بالتربية الأسرية لفهم مراحل نمو الطفل بشكل أعمق، إضافة إلى صُناع القرار والمشرفين على البرامج التربوية، لإعادة التفكير في الأولويات التربوية الموجهة لهذه الفئة، وجعلها أكثر استجابة لحقيقتها الإنسانية.
❊ كلمة أخيرة؟
❊ ننتظر من هذا المؤلف أن يُساهم، ولو بلمسة بسيطة، في تصحيح المسار التربوي نحو مركزية الطفل، لا مركزية البرامج، وأن يُحدث تحولًا في الخطاب، حيث لا نتحدث عن الطفل، بل إليه، وننطلق منه لبناء أساليب رعاية أرقى، وأكثر إنسانية وصدقًا ووعيًا.