في ظل ندرة ثقافة اقتنائها

«ورود الجزائر» مكسب جمالي لواجهة العاصمة

«ورود الجزائر» مكسب جمالي لواجهة العاصمة
  • القراءات: 3321
❊ إحسان رنيمي ❊ إحسان رنيمي

لا يستطيع المار أمام محل بيع الورود بالبريد المركزي، أن يشيح ببصره عن الورود المعروضة باحترافية كبيرة وبشكل جذاب، تشعرنا ولوهلة، بأننا في أحد شوارع أوروبا المفعمة بالنشاط والجمال، حيث زادت ألوانها المكان جمالا وبهاء ورونقا في تناغم يسبح فيه الجليل.

أول ما يقع عليه بصرك عند مدخل المحل أو بإحدى جنباته، تربع كهل اختار أن يقضي عمره وسط الجمال، إذ تحيط به الأعداد الهائلة من الورود والأزهار مختلفة الأشكال والألوان والعطور، يخلصها من الأشواك ويتفنن في الاعتناء بها، إنه السيد علي بوعكاز الذي يدعوه زبائنه «عمي موح»، استقبلنا بابتسامة عريضة وروح مرحة، ساردا علينا قصته مع هذه المهنة النبيلة والفريدة من نوعها، حيث قال بأنه بدأ مزاولتها منذ نعومة أظافره عام 1955، وهي المهنة التي ورثها عن أجداده الذين اشتهروا بها في منطقة القبائل قديما، وبالضبط في «تادمايت، سيدي علي بوناب»، والذين حرصوا على نقلها إلى أبنائهم، فكانت ثمرتها هذه الدكانة الصغيرة بحجمها الكبيرة برونقها، حيث أكد على تمسكه بمهنته رغم أنه قارب العقد الثامن من العمر، رغم عناء العمل في تجارة الورود، معتبرا حب المهنة وشغفه بها دافعا لمزاولتها. أشار محدثنا إلى أن الورود لغة الحب ووسيلة لتبادل الأحاسيس والمشاعر، إذ يفترض أنها تتصدّر قائمة الهدايا لأحبائنا والمقربين منا، سواء للتهنئة أو للتعبير عن محبة ومعزة في قلوبنا، ناهيك عن لمستها الجمالية الساحرة. وفي معرض حديثه، أشار محدثتنا إلى الوجه السلبي في تجارة الأزهار والورود التي بات يعمها الكساد، خاصة مع انتشار باعة الزهور الاصطناعية التي تشهد بدورها إقبالا واسعا، بسبب عدم تلفها وثمنها الرخيص، وأكد السيد علي أن الإقبال على الورود الطبيعية يتزايد خلال الأعياد والمناسبات الخاصة ومواسم الأفراح، حيث تكثر الطلبيات على مختلف أنواع الورود، خاصة الحمراء، مشيرا إلى أن الجزائريين لا يملكون ثقافة إهداء الورود.

أكد عمي موح أنه لم يسبق له أن دخل مدرسة تعليمية، إلا أن تعامله مع الورود أكسبه الكثير من الخبرة وجعله يغوص في عالمها، إلى جانب تعامله مع الأجانب الذين أولوا اهتماما كبيرا لها.

أجاب محدثنا حيال مصدر الورود قائلا، بأنها تسافر من عز شتاء هولندا في الباخرة لتصنع ربيعا في عاصمتنا، يشرح «أقوم باستيرادها من هولندا لتصل بعد شهر أو شهرين بعد الطلب، كما أتعامل مع مشتلة خاصة بالورود في زرالدة». مشيرا إلى أن عدم الاهتمام بسوق الورود المحلية يجعلها تذبل في غضون أسبوع، بينما المستوردة منها تعيش عمرا أطول. وعن سرها أشار محدثتنا إلى أنه يعود إلى طريقة غرسها والاعتناء الفائق بها هناك.

عن التشكيلات المختلفة للباقات، أشار البائع إلى أنها تعود إلى ذوق الزبون، فيحرص على تلبية رغبات زبائنه ويقوم بتزيينها بطريقة راقية ومميزة.

فيما يخص الأنواع التي يعرضها، قال بأن الوردة مطلوبة بقوة، خاصة الأحمر منها في العديد من المناسبات، على غرار «عيد الحب» الذي تتزايد خلاله الطلبيات. كما عدد لنا عدة أنواع متوفرة عنده مثل «البنفسج»، «الخزامى»، «النرجس» و»البابونج»، في حين يقدّر ثمن الوردة الواحدة بـ200 دج بالنسبة لهولندية الأصل، أما المحلية فتبلغ 100 دج، وقد يختلف سعر الورود حسب المواسم، لأن هناك ورود تنبت في الشتاء فقط والعكس.

إحسان رنيمي