تعطرها نكهة الأعشاب والتوابل

«المقرنة» والكسكسي بالحلحال طبقان من سهول المتيجة

«المقرنة» والكسكسي بالحلحال طبقان من سهول المتيجة
  • القراءات: 5829
  نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
أشارت عايدة علوش رئيسة جمعية أصالة للفن والإبداع لمدينة القليعة بتيبازة، أنه مهما توحدت العادات والتقاليد وتقاربت بين مختلف الولايات إلا أن بعض التفاصيل تبقى لصيقة بثقافة وبيئة كل منطقة، مضيفة أن المنطقة الساحلية لولاية تيبازة لها طابعها الخاص من حيث العادات لاسيما ما يخص الأكلات الشعبية.
كانت زيارة «المساء» لجناح ولاية تيبازة خلال المهرجان الوطني لإبداعات المرأة، الذي جاء في طبعته الخامسة تحت عنوان «حبوب ذهبية..تراث، فنون وأذواق»، فرصة للالتقاء بإحدى المولعات بفن الطبخ التي أبرزت خلال حديثها لنا تخصصات منطقة المتيجة في فن المائدة.
كانت رائحة الأعشاب تطيب جو جناح السيدة عايدة علوش التي ضم جناحها قصعة وأكياسا من «الخيشة» تحتوي على مختلف الحبوب وأنواع الكسكسي ذات الألوان المتدرجة للبني التي أخذتها من مختلف الأعشاب والتوابل التي تمزج معها، وراحت عاشقة الطبخ تحدثنا عن ميزة الكسكسي بمدينة القليعة، حيث أنها لم تخف أسرار وصفاتها التي تحاول من خلال جمعيتها تلقين فنونها للنسوة من مختلف الشرائح العمرية.
وتضيف المتحدثة أن لذة طبق «كسكسي الحلحال» الذي تحضره أصبحت مشهورة في مدينتها، وهو طبق تدخل في تركيبته نبتة أساسية وهي عشبة الحلحال المعروفة بالخزامى البرية وتقطف خلال شهري فيفري ومارس، حيث تقوم عامة النسوة القاطنات بالمناطق البدوية بجمعها ليتم بيعها بعد ذلك على شكل حزمة في الأسواق الشعبية بثمن لا يتعدى 20 دج، ولتحضير هذا الطبق تؤخذ الورقة والزهرة وتغسل جيدا وتوضع في إناء وتترك ليلة كاملة حتى يأخذ الماء نكهة العشبة ويتطيب بالذوق المر والرائحة الطيبة للحلحال. كما يأخذ اللون الأسود أو البني الغامق، بعد ذلك تعصر النبتة وتصفى من الماء وتترك لتجف قليلا ثم تطحن حتى تصبح على شكل غبرة، وحينها تفتل هذه الغبرة مع الدقيق وترش بالماء المُنكه بالحلحال حتى تتكون حبات الكسكسي. بعدها يطهى هذا الكسكسي على البخار مرتين على الأقل وعندما يجهز الطبق يقدم مرفقا بالسكر للتخفيف من شدة ذوقه المر وكذا اللبن أو الرايب.
تقول رئيسة الجمعية أن طبق كسكسي الحلحال من أشهر أطباق المنطقة، ولا يمكن أن تقصد بيتا من بيوت منطقة القليعة دون أن يرحب بك عطر الخزامى البرية التي تنكه الكسكسي وهي أكلة لذيذة المذاق وصحية في آن واحد يحبها الكبير والصغير، وصمدت بفضل ذلك أمام مختلف الأطباق العصرية التي تعرفها المائدة الجزائرية بصفة عامة، تؤكد المتحدثة، أن هذا الطبق يقي من عدة أمراض منها السكري وأمراض الكولون والمعدة. كما أنه يخفف حدة القلق باعتبار رائحة الخزامي مريحة للأعصاب فضلا عن كونه يقي من أمراض القلب والكولسترول، فبفضل ذلك تحاول العائلات بالولاية المحافظة على هذا الطبق لفوائده الجمة.
وحسب المتحدثة كان هذا الطبق يحضر في السابق خصوصا لرمضان كوجبة للسحور يتماشى مع مختلف الأطباق الأخرى الثقيلة باعتباره خفيفا ومتوازنا، إلا أنه في الآونة الأخيرة أصبح يحضر على مدار السنة.
من جهة أخرى، فإن طبق «المقرنة» هو الآخر سمة مائدة ولاية تيبازة، وهو طبق اقتصادي يحضر خصوصا بمناسبة عيد الفطر تجهزه النسوة بمزج الدقيق أو الفرينة مع الماء والملح على شكل عجينة تشبه الرشتة تقسم باليد على شكل مستطيلات رقيقة وقصيرة تجفف لمدة 48 ساعة وتقلى في طاجين على نار هادئة حتى تكتسب اللون الذهبي الفاتح، ومن جهة أخرى يحضر المرق الذي يرافقها بمزج حبة بصل والقليل من الحمص وبعض التوابل حسب الرغبة من الفلفل الحار والقرفة والملح وكذا الزيت وتضاف إليه كرات اللحم أو الدجاج، ثم ترفق بحبوب «المقرنة» مثل البركوكس ويدهن بالزبدة ويزين بالقليل من القرفة لتقديمه.