عوضته أطباق جديدة

«القديد» يغيب عن أطباق الجزائريين في عاشوراء

«القديد» يغيب عن أطباق الجزائريين في عاشوراء
  • القراءات: 1920
كريم.ب كريم.ب

تتعدد أشكال احتفال العائلات الجزائرية بيوم عاشوراء، من مجالس للذكر وحفظ القرآن، إلى التفنّن في إعداد الكثير من الأطباق التقليدية، التي باتت تفتقد الكثير من خصوصيتها خلال السنوات الأخيرة، فالكثير من العائلات الجزائرية باتت تفضّل إعداد أطباق من «الكسكسي» المصحوب بالدجاج أو اللحم، أو حتى إعداد بعض الحلويات التقليدية للترحيب والتبرّك بهذه المناسبة الدينية المباركة، غير أنّ الكثير من الأطباق الضاربة في القدم، باتت تختفي تدريجيا من لائحة الأجواء الاحتفالية بيوم عاشوراء، ومن بين هذه الأطباق «القديد».

«القدّيد» أحد الأطباق التقليدية التي راج استعمالها في السنوات الماضية، أو بالأحرى خلال الفترة الاستعمارية، حيث كانت تتماشى مع الظروف السائدة آنذاك، بسبب غياب المعدات التي من شأنها الحفاظ على اللحوم وهي طازجة، حيث تقول الحاجة «فاطمة» وهي إحدى النساء اللواتي عشن الفترة الاستعمارية، أن «القدّيد» عبارة عن لحم يتم تجفيفه باستعمال كمية كبيرة من الملح، حيث يتم تعريضه يوميا لأشعة الشمس، حتى يجف عن آخره، وبعدها يتم تخزينه في أماكن جافة بعيدة عن الرطوبة، حتى لا يصيبه التلف.

وتضيف قائلة في معرض حديثها؛ «القديد» أكلة شعبية قديمة، يتم إعدادها من قبل العائلات في حال قدوم ضيف عزيز، وطبعا للطبق نكهة خاصة، حيث كانت النسوة قديما يقمن بإعداد طبق «القدّيد» مع الكسكسي خلال بعض المناسبات، من بينها رأس السنة الأمازيغية، وأيضا يوم «عاشوراء» من اللحم الذي يتم تجفيفه من مناسبة عيد الأضحى، غير أنّ إعداد «القدّيد» بات قليلا من قبل العائلات خلال السنوات الأخيرة، فعادة ما تعجز النساء عن صنع «القّديد» أو «الخليع»، كما يسمى في الكثير من المناطق، لصعوبة إعداد اللحم قبل أن يجف ويصبح صالحا للاستعمال.

وغير بعيد عن الحاجة «فاطمة» التي اعتادت تناول طبق «القدّيد»، تفضّل الكثير من العائلات الترحيب بيوم عاشوراء من خلال إعداد طبق «الكسكسي بالدجاج»، وفي كثير من الأحيان أطباق تقليدية تجمع الكثير من الخضروات، أو بعض الأعشاب الطبيعية التي تجمعها النساء من الحقول خارج المدن، والأوساط الحضرية، حيث تقول «سعيدة» وهي إحدى النساء الماكثات في البيت، أن طبق «القديد» من بين أقدم الأطباق التقليدية التي احترفت صنعه بعض العجائز، لاسيما أنّ طريقة صنعه تتطلّب الخبرة، بداية من اختيار قطع اللحم المناسبة، وكذا تجفيفها باستعمال كميات كبيرة من الملح، ومتابعة تجفيفها في أماكن معينة، وكل هذه المراحل لم تعد النساء في الوقت الحالي تتقنها، لذا نجد البعض فقط من النساء من لديهن الخبرة في إعداد هذا الطبق التقليدي المحض الذي سقط تدريجيا من لائحة الأطباق التقليدية، التي لطالما ارتبط إعداده بيوم عاشوراء.

طريقة الاحتفال بيوم عاشوراء كثيرا ما يصاحبها في نفس اليوم، أو اليوم الذي يسبقها، الصوم، وكثيرا ما ينتهي هذا اليوم المبارك بتناول أطباق شهية، هي بعيدة نوعا ما عن الأطباق التقليدية التي تكون لصيقة بالمناسبات الدينية، غير أن هذا اليوم يبقى مميزا، حتى ولو بإعداد أطباق تطغى عليها اللحوم بنوعيها.

يرى السيد «حميد» وهو جدّ لخمسة أحفاد، أن كل الأطباق التقليدية التي كانت رائجة في وقت مضى، هي الآن مختفية بسبب التغيّر الحاصل في المناخ المعيشي، حيث يقول في معرض حديثه «..لقد تعوّدت على تناول هذا الطبق الذي كانت تعده زوجتي رحمها الله، فلطبق «القديد» خصوصيته، لكن للأسف نساء الوقت الحالي لا يقمن بإعداده إلا القليل منهن».

وبين هذا وذاك، يبقى الاحتفال موجودا وسط العائلات الجزائرية، ترحيبا بيوم عاشوراء، حتى ولو كان بالقليل، وحتى اختلفت فيه أنواع الأطباق التي يتم إعدادها