بعد انتشارها المخيف تحت تسميات مخبرية
5 جرعات من المخدرات التخليقية لكل جزائري

- 1030

أوضح عبد النوري صالح، خبير مستشار لدى مجموعة بومبيدو، أن المخدرات التخليقية في بعض الأحيان تكون أخطر من المخدرات الطبيعية، مشيرا إلى أن التقرير العالمي لسنة 2009 يسجل أكثر من 166 مادة غير خاضعة للمراقبة تروج داخل الأسواق العالمية بتسميات مخبرية، مصرّحة على أساس أنها مسكنات ومنشطات. وأضاف خلال مداخلته على هامش الملتقى الدولي الموسوم بظاهرة المخدرات، أن إفريقيا أصبحت منطقة إنتاج وتخزين لهذه المواد المخدرة التي تستهدف الشباب بالدرجة الأولى. وأوضح المتحدث أن الجزائر أحصت خلال 2015 ما يزيد عن 2.11 طنا من المخدرات، وبرقم أكثر تفصيل يقول المستشار من مجموعة بومبيدو أنها تقدر بـ211 مليون غرام، وكل غرام منها يمثل جرعة، وإذا تم تقسيم هذه الكمية على سكان الجزائر كلهم بمن فيهم الأطفال، سوف يحصل كل فرد على 5 جرعات، حسب الدراسة التي أجراها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات.
وتتمثل المخدرات التخليقية في كل المخدرات التي يضاف إليها مركب معين أو يتم التغيير في جزيئاتها حتى تتحول إلى مكون آخر له مفعول المخدر، إلا أنه يصبح مادة جديدة غير مدرجة في قائمة الممنوعات، ما يجعل الاتجار بها سهلا وغير معاقب من القانون، إلا بعد فترة من إصدار قرار منعها كونها مادة مخدرة وتشكل خطرا على الصحة العمومية، لافتا إلى أن هناك بعض المجرمين الذين يحرّفون هذه المواد عن مسارها المشروع ويستخدمونها في إنتاج العديد من أنواع المخدرات التخليقية، مستفيدين من التقنيات الحديثة في إنتاجهم غير الشرعي.
وتعد المخدرات التخليقية مواد تؤثر على الحالة النفسية وتصنع في المصانع بطرق كيميائية تحت تسميات مختلفة منها المهبطات أو المهدئات، وتكون عادة على شكل أقراص أو كبسولات ذات أحجام وألوان مختلفة، واستمرارية تعاطيها تصيب المتعاطي بالعديد من المشاكل الصحية تفقد المعتاد عليها النوم بدونها، كما أن الحبوب المنشطة التي كثيرا ما تروج تحت تسميات مخبريه متعددة، وهي حبوب منشطة للجهاز العصبى وهذه المنشطات قد شاع تعاطيها وكثر استعمالها بين الشباب كوسيلة للسهر والذي يؤدي إلى الأرق.
كما أشار الخبير لدى مجموعة بومبيدو الذي يعد محفلا تابعا لمجلس الاتحاد الأوروبي، يختص في مجال التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإدمان، أن المخدرات التخليقية هي كذلك تلك المهلوسات التي يستهين بها الشباب ظنا منهم أنها حبوب تمنحهم النشوة دون إصابتهم بالإدمان إلا أنها في حقيقة الأمر عقاقير تؤدي إلى هلوسة سمعية وبصرية وعادة ما تنتهي بالجنون، كما أشار المتحدث إلى بعض المخدرات التخليقية المتمثلة في الغراء مثلا أو البنزين التي يستعملها الشاب عندما يتعذر عليه شراء المخدرات الأخرى، وهي تعرف بـ"المذيبات الطيارة"، تستنشق عن طريق الأنف تصيب متعاطيها بالدوار والهلوسات البصرية ولها تأثير خطير على الجهاز العصبي والتنفسي وكذا الدم.
وقال عبد النوري صالح الذي يشغل كذلك منصب مدير الدراسات والتحليل والتقييم بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، خلال مداخلته التي جاءت بعنوان "تطور وضعية المخدرات والإدمان في الجزائر وجهود محاربتها"، أن بعض الدول الإفريقية أصبحت منطقة منتجة لهذه المخدرات التخليقية، كما أنها أضحت منطقة تخزين، تبادل وعبور لها، لتطرح بعدها في المناطق الأوروبية، فالعائدات التي تجنيها الشبكات المختصة في الترويج لهذه الحبوب، تجعل من منتجيها يتحايلون على القانون بالتغيير في الصيغ الكيماوية لهذه العقاقير، لتتحول من تركيب ممنوع إلى مادة مصرح بها على أساس أنما مواد "علاجية" كالمسكنات والمنشطات. ويستغل المروجون الفترة الانتقالية من - تشخيص العقار وفحصه والإقرار أنه مادة مخدرة ولابد أن تسحب وتمنع في السوق - للترويج لتلك المواد بترخيص كامل قبل إصدار قانون "المنع".
وأرجع مستشار بومبيدو الأوروـ متوسطية - التي تهتم بتبادل المعلومات بين بلدان البحر الأبيض المتوسط وتسعى إلى تطوير نظام قضائي عادل وشامل في مكافحة الإدمان -، إدمان الشباب على هذا النوع من المخدرات إلى نقص الوعي لديهم، لاسيما أنها مواد تكون أخطر من المخدرات الطبيعية، نظرا لاحتوائها على مواد كيماوية، إضافة إلى استهلاكها بطريقة غير رشيدة ظنا منهم أنها مفيدة، ما يرفع من نسبة استهلاكها بدون خوف، لتتحول بعد فترة إلى إدمان خطير على متعاطيها.
ونوه عبد النوري صالح بضرورة وضع إستراتيجية فعالة لتسريع المشاريع الهادفة إلى الحد من الظاهرة عبر برامج العلاج وإعادة التأهيل والدعم النفسي والوقاية، مؤكدا أن مجموعة بومبيدو الأورو ـ متوسطية تهدف من خلال تدخلاتها إلى تحسين نوعية تنفيذ السياسات المتعلقة بالمخدرات في جميع البلدان المشاركة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا على حد سواء، مع التركيز على تأثيرات العوامل الثقافية المحلية في سياسات وبرامج التدخل، بهدف التعاون الجاد في مواجهة جميع أشكال تهريب المخدرات والتصدي لها على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية بصفتها جريمة منظمة تشكل تحديا كبيرا أمام العالم كافة.
وقال المتحدث إن المخدرات التخليقية أو كما يعرفها البعض بـ«التصنيعية" تعد أكبر تحد أمام الهيئات المختصة في التصدي لهذه الظاهرة العالمية، وذلك بعد زيادة انتشارها وزيادة الطلب عليها عالميا وتنوع مصادرها وتصنيعها واستخدامها بحيث أصبح انتشارها على نطاق واسع ومتنام بشكل مستمر وآخذ بالانتشار في أسواق جديدة لها لم تشهدها من قبل.