الزواج المسؤول وعي نفسي واجتماعي وصحي وشرعي

160 مدرب في مهمة وطنية لتأهيل داخلي "القفص الذهبي"

160 مدرب في مهمة وطنية لتأهيل داخلي "القفص الذهبي"
  • 150
 أحلام محي الديـن أحلام محي الديـن

❊ دورات التأهيل ساهمت في خفض نسب الطلاق

❊ التأهيل النفسي يسمح برفع المستوى المعرفي والسلوكي والمهاري

أشرفت رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني، الدكتورة ابتسام حملاوي، على افتتاح فعاليات الدورة التكوينية "لَبِنة" للتأهيل الزواجي، في طبعتها الثانية، لفائدة 100 جمعية شبانية، بالتنسيق مع جمعية "حورية" للمرأة الجزائرية، في إطار دعم جهود التوعية والتأهيل الأسري، بهدف ترسيخ ثقافة الزواج المسؤول وبناء أسر متوازنة في المجتمع الجزائري، وهي الدورات التي شهدتها كل من ولايات العاصمة، ورقلة، الجلفة والبليدة، والتي استمرت فعالياتها لمدة ثلاثة أيام. قدم فيها المدربون، الذين استفادوا بدورهم، من تكوين لمدة سنتين، مداخلات مختلفة في عدة جوانب، مساهمة في البناء الرئيسي للعلاقة الزوجية.  

أشارت رئيسة المرصد، ابتسام حملاوي، خلال كلمتها الافتتاحية بخصوص الدورة التكوينية حول التأهيل الزواجي، إلى المرافقة التي حظيت بها جمعية "حورية" منذ البداية، في مشاريعها الثلاثة التي تبناها المرصد، موضحة في السياق، أن أبوابه مفتوحة لتبني كل المشاريع الجمعوية البناءة، التي تهدف إلى خدمة المجتمع، مضيفة أن نسب الطلاق شهدت مستويات عالية في المجتمع، وقالت: "كمجتمع مدني، نحن نؤمن بدوره الفعال في تغير الواقع وعكس المعادلات، لاسيما أن الكثير من الدول تبنت دورات التأهيل الزواجي، التي ساهمت في خفض نسب الطلاق"، مضيفة: "التكوينات في التأهيل الزواجي أثبت ناجعتها في حل الإشكاليات، وساهمت في خفض مستوى الطلاق". وقال أيضا: "وضعنا كل التسهيلات والإمكانيات لجمعية "حورية"، لتمكينها من تأهيل أكبر عدد من الشباب من المقبلين على الزواج، ومن هم في الأشهر الأولى من الزواج".

في حين، أكدت عائشة سرير حرزي، رئيسة جمعية "حورية" في تصريح لـ«المساء"، أن دورة التأهيل الزواجي، في طبعتها الثانية، مست عدة ولايات من الوطن، يتم من خلالها التطرق إلى خمسة محاور تخص التأهيل للزواج، وهي الجانب النفسي والاجتماعي والشرعي والقانوني والاقتصادي والطبي. وذكرت أن المدربين تحصلوا على تكوين لمدة سنتين، على 14 محورا، يوجد منهم أطباء، محامون وأساتذة جامعيون.

وأضافت المتحدثة، أن "لبنة للتأهيل الزواجي" مشروع يهم الشعب الجزائري، بسبب الارتفاع الكبير لنسب الطلاق في المجتمع، وهذا يدل، حسبها، على أن "مجتمعنا مقبل على تحديات كبرى، ولابد من مواجهتها ومعالجتها من العمق"، مردفة: "لهذا أطلقنا مشروع (لبنة)، وهو متكون من شقين؛ الشق الأول قمنا فيه بتكوين المدربين في التأهيل الزواجي، واللذين يشرفون بدورهم على الشق الثاني، وهو تدريب وتأهيل المقبلين على الزواج في كل المحاور الأساسية، من أجل علاقة زوجية متوازنة وسليمة".

أوضحت سرير، أن المحاور التي تم التطرق إليها جد أساسية في تسير العلاقة الزوجة، كالمحور النفسي والاجتماعي، المحور القانوني وكذا المحور الاقتصادي، الخاص بتدبير شؤون الأسرة، إلى جانب المحور الصحي والجنسي، كلها تقدم للشباب أساسيات الحياة الزوجية، بحيث يصبحون قادرين على إدارة حياة زوجية متوازنة ومتكاملة، قادرة على مجابهة كل التحديات التي تعترض الطريق.

وشبهت المتحدثة التأهيل الزواجي، برخصة السياقة، التي لابد لها من تدريب متعدد، موضحة بقولها: "فما بالك بتدريب أسرة يبنى عليها المجتمع، وتكون الأجيال القادمة، فهذه المهارات كفيلة ببناء مجتمع متماسك ومنه وطن متطور."

لحياة زوجية متوازنة

تطرق المختصون خلال مداخلاتهم القيمة، إلى التعريف بماهية الزواج، الذي ليس مجرد مناسبة اجتماعية، يقدم فيها الأكل والشرب والحلويات، وإنما مؤسسة معقدة، تتطلب استعدادًا متكاملاً، كونها عماد بناء الأسر والمجتمعات السليمة، مع الإشارة إلى أهمية التأهيل الزواجي، الذي يُعدّ جسرا متماسكا، يساعد الزوجين على بلوغ الحياة المشتركة بوعي ومسؤولية.

التأهيل النفسي والاجتماعي لفهم الذات والطرف الآخر

تطرق الدكتور كمال صدقاوي، من جامعة تيارت، خلال مداخلته، المتعلقة بالشق النفسي والاجتماعي، موضحا أن التأهيل النفسي، هو الأساس في كل علاقة ناجحة وجيدة، كونه يُساعد المقبلين على الزواج على فهم ذواتهم، وفهم الطرف الآخر جيدا، وكذا إدراك نقاط القوة والضعف في كل طرف، مع معرفة كيفية التصرف في الزمن والمكان المناسبين. دون إغفال حقيقة معرفة سبب الارتباط ومشاعر الزوجين الحقيقية تجاه الميثاق الغليظ.

أوضح الدكتور صدقاوي، الذي تحدث بإسهاب، وبسط الشرح، ليتسنى للجميع الفهم، بأن الزواج لا يرتكز على فستان أبيض أو لقطات رومنسية من المسلسلات، أو أيام الفرحة بالخميس والجمعة، فالزواج يبدأ يوم السبت، أي عند انطلاق الحياة الزوجية، ويحتاج إلى فهم عميق لهذه العلاقة المقدسة، موضحا أن التأهيل النفسي الاجتماعي، يُعزز قدرة الزوجين على إدارة المشاعر، والتعامل مع الخلافات، وفهم لغة الحب الخاصة بكل طرف. وضرب مثلا عن أزواج، مروا لديه في استشارات زوجية، مضت على علاقتهم ثلاثين سنة من العشرة، إلا أنهم لم يتمكنوا من فهم بعضهم البعض، فالزوجة منطوية والزوج منبسط، ولم يستطع أي طرف التعرف على عالم الآخر أو دخوله. مشيرا في هذا السياق، إلى أن الزواج لقاء ناضج بين شخصين اكتمل وعيهما الذاتي.

أوضح الدكتور صدقاوي، أن فهم التأهيل النفسي يقود إلى المعرفة والفهم والتفاعل، كما عرج على الوضع الأسري في العالم العربي عامة، وارتفاع نسب الطلاق، بعد أقل سنة من الزواج، وأحيانا خلال الأشهر الأولى، أو الطلاق بدون دخول، إلى جانب العنوسة والعنف الأسري وواقع الفجوة، الذي يعكس الجهل بالتأهيل.

أشار المختص، إلى أن دورات التأهيل النفسي، تسمح برفع المستوى المعرفي والسلوكي والمهاري. ومنه تعزيز التفاهم، التخطيط المستقبلي، وكذا معرفة كيفية التعامل مع الضغوط وتحقيق الاستقرار العاطفي. ومنه بلوغ مرحلة السكينة في العلاقة الزوجية.

 التأهيل الاجتماعي لبناء شراكة اجتماعية

أشار المختص صدقاوي، إلى أن الزواج يكون ضمن نسيج اجتماعي واسع، وهنا تظهر أهمية التأهيل الاجتماعي الذي يُعرّف المقبلين على الزواج بأدوارهم المتبادلة، كزوج وزوجة، وأب وأم مستقبليين، وأعضاء في عائلة ممتدة، ومنه يساهم التأهيل في اكتساب مهارات الحوار، إدارة العلاقات مع الأهل، وتجاوز الفروقات الثقافية أو العادات المختلفة بين العائلتين. وأشار المختص في السياق، إلى أنه لابد من إدارة الحديث والاستماع للآخر، أو لأفراد عائلة الزوج مثلا، خاصة الحماة، إذ تحمل العروس مفاهيم خاطئة تعيش بها، دون أن تكلف نفسها عناء إدارة الحديث، لفهم الواقع.

أوضح الدكتور، أن التأهيل الاقتصادي ضروري، كون الحياة الزوجية الناجحة تحتاج إلى استقرار مالي متزن، وليس لثراء فاحش. فمن خلاله، يتعلم الشريكان طريقة وضع ميزانية مشتركة، بغرض إدارة الدخل والنفقات، ترتيب الأولويات، والاستعداد للطوارئ. كما أن فتح باب الحوار ضرورة للحديث عن العمل، الادخار وكذا الطموحات المستقبلية، مشيرا إلى أن الشفافية المالية ضرورة بين الزوجين، دون إغفال الجانب الشرعي، الذي يعد أساسيا، كونه يزرع التراحم والمودة بين الزوجين والأبناء.

التأهيل الصحي.. حفاظ على علاقة متزنة

أكدت الدكتورة قادري فاطمة الزهراء، مدربة متخرجة من مشروع "لبنة" لجمعية "حورية المرأة"، في تصريح لـ«المساء"، أن التطرق إلى التأهيل الصحي، ضرورة لرفع مستوى الوعي لدى الأزواج، بداية من أهمية الكشف الطبي قبل الزواج، الوقاية من الأمراض الوراثية والمعدية، وأهمية النظافة الشخصية والصحة الإنجابية وكذا النمط الغذائي، تقول: "لقد تم التطرق من خلال هذه الدورة، إلى الجانب الصحي، الذي يضم ثلاثة محاور هي؛ التغذية الصحية التي أشرفت عليها، وكذا التأهيل الجنسي الذي قدمته طبيبة، ومحور الأمومة والطفولة، إلى جانب مجالات أخرى وعدة ورشات".

أوضحت الطبيبة قادري، أنها عمدت، من خلال مداخلتها، إلى التعريف بالغذاء الصحي، الذي يعد ضروريا للمتزوجين، لما له من تأثير إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية، حيث قالت: "الطعام الصحي يمد الجسم بالعناصر الغذائية الضرورية للنشاط والطاقة، ويساهم في الحفاظ على وزن صحي، ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، ويؤثر إيجابياً على المزاج والعلاقة الحميمة." 

وأضافت: "الغذاء الصحي يؤثر نفسيا أيضا بطريقة إيجابية على المزاج والقدرة على التركيز، ويساعد على تخفيف التوتر والقلق، مما ينعكس بشكل إيجابي على العلاقة الزوجية، كما أن لبعض الأطعمة تأثير مباشر على الرغبة الجنسية، مثل الأطعمة الغنية بفيتامين "ب" والأحماض الدهنية الأساسية، وأن تناول الغذاء الصحي يساهم في الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية والوقاية من الأمراض".