بحثوا عن مخرج لمأزق الحرب ضد تنظيم "داعش"

وزراء دفاع سبع دول غربية يبررون فشل تحالفهم

وزراء دفاع سبع دول غربية يبررون فشل تحالفهم
  • القراءات: 955
م. مرشدي م. مرشدي

عقد وزراء الدفاع سبع دول غربية بقيادة الولايات المتحدة اجتماعا بالعاصمة الفرنسية، باريس بهدف تقييم نتائج حربهم ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام ووضع تصور لخطة استشرافية لما يجب القيام به لاحقا. وانتهى وزراء الدفاع المعنية بلدانهم بالتحالف الدولي ضد هذا التنظيم بعد قرابة عامين من حرب مفتوحة، إلى قناعة مشتركة أن خطة المواجهة المنتهجة منذ جوان 2014 بقيت عقيمة في تحقيق النتائج المرجوة بدليل سيطرة مقاتلي تنظيم "داعش" على مناطق شاسعة في العراق وسوريا، بل إن قدراته العسكرية ما انفكت تتزايد رغم الضربات التي يتعرض لها.

وهي المعطيات التي حتمت عقد هذا الاجتماع التنسيقي لبحث الخيارات العسكرية المقبلة بما فيها البحث عن حلفاء آخرين لتدعيم تحالف يضم أكثر من ستين دولة. وإذا كانت الدول الغربية وضعت أحدث ما حوته ترسانات قواتها الجوية لملاحقة تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن قناعة صناع القرار العسكري فيها لم تتغير في تأكيد أنه ما لم يتم تدعيم ذلك بقوات برية، فإن عمليات القصف الجوي ستبقى محدودة النتائج بالنظر إلى شساعة مناطق تواجد مقاتلي التنظيم وانتشارهم وسط سكان المدن سواء في العراق أو سوريا. ويدرك الجميع مثل هذه المعضلة ولكنهم لم يجدوا دولة واحدة حتى من بينهم قبلت بإرسال قوات برية إلى هذين البلدين لمعرفتها المسبقة أن الخروج منها لن يكون أبدا بمثل وضع أول خطوة على أبواب مستنقعها.

وحتى الولايات المتحدة التي تعرف أكثر من غيرها ما يعنيه العراق لقواتها، التزمت الحيطة في التعامل مع الوضع واكتفت فقط بإرسال "مدربين" لتأهيل القوات العراقية على مواجهة خطر تنظيم "داعش" ضمن خيار تأكد فشله إلى حد الآن أمام تقنية التفجيرات الانتحارية التي استهدفت هذه القوات وجعلتها عاجزة عن التحرك حتى في الرمادي التي تم تحريرها. والمفارقة أن اجتماع باريس الذي ضم وزراء دفاع ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وهولندا وأستراليا، بإشراف مباشر من الوزيرين الأمريكي والفرنسي، استثنى روسيا من المشاركة فيه رغم تدخلها العسكري في سوريا.

كما أن الخطة الدولية لتجفيف منابع تمويل "داعش"، فشلت على اعتبار أن ضرب آبار النفط وطرق تهريب البترول وبيعه في السوق السوداء أكدت محدوديتها ما دامت دول تستقبل تلك الكميات بأسعار زهيدة مما يعني أن محاربة الظاهرة يجب أن تتم في المنبع وليس في المصب.  وهو ما جعل وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر يطالب حلفاء بلاده ببذل جهد أكبر وتوفير الدعم اللازم لبلاده بعد أن اتهمهم بطريقة ضمنية أنهم مقصرون في ذلك بما يستدعي منهم بذل جهد أكبر بقناعة أنها قادرة على ذلك إن أرادت. والإشارة واضحة باتجاه دول عربية والخليجية من بينها على وجه الخصوص التي تريد واشنطن منها إقحام وحداتها البرية في ملاحقة عناصر التنظيم. ولم يستطع مدير العمليات العسكرية في هيئة الأركان الفرنسية، الجنرال ديديه كاستر إخفاء حقيقة هذا الفشل عندما أكد أن التحالف الدولي يعاني من نقائص كبيرة حالت دون تحقيقه نتائج عملية سريعة وخاصة من حيث الوسائل المستخدمة.

الأمر الذي جعل وزراء الدفاع المجتمعين بالعاصمة الفرنسية يطرحون فكرة زيادة عدد أفراد القوات الخاصة والمخبرين لجمع أكبر قدر من المعلومات حول التنظيم ومواقعه وتقنيات الحرب التي يتبعها حتى تتمكن من اختراقه. وهي الإشكالية التي طرحت نفسها بإلحاح أمس عندما أكد الوزراء المشاركون على ضرورة تجنيد إمكانيات إضافية وعدد أكبر من المدربين ضمن خطة عملية لتأهيل القوات العراقية في مواجهة هذا التنظيم. واقتنعت الدول المنضوية تحت راية التحالف الدولي أن تكوين 15 ألف عسكري عراقي في مجال تفكيك الألغام والسيارات الانتحارية لم تأت بالنتيجة المرجوة بدليل أن كل العمليات التي نفذها التنظيم استخدمت فيها هذه التقنية الفتاكة التي عرقلت تقدم القوات النظامية العراقية في كثير من عملياتها الميدانية.

وإذا كان الوزراء يعكفون على الخيارات العسكرية لمواجهة خطر التنظيم الإرهابي، إلا أن قناعتهم انصبت أيضا على ضرورة إرفاق الجهد العسكري بجهد دبلوماسي بقناعة أنه لا يوجد أي حل للمعضلة السورية والأزمة الأمنية العراقية إلا عبر طاولة المفاوضات. ولكن نجاح هذه المزاوجة يبقى مرهونا بمدى تعاون الدول الغربية مع روسيا دبلوماسيا وعسكريا، وهي النقطة التي شكلت العقبة الرئيسية أمام إقامة تحالف عسكري غربي ـ روسي في سوريا لتقويض خطر تنظم "داعش" ومنع توسع رقعة انتشار عناصره.