بعد اتفاق 14 فصيلا لإعادة توحيد صفهم

هل يرفع الفلسطينيون رهان تحدي التطبيع والضم وصفقات القرن،،،؟

هل يرفع الفلسطينيون رهان تحدي التطبيع والضم وصفقات القرن،،،؟
  • القراءات: 392
م. مرشدي م. مرشدي

لم يكن التطبيع الزاحف بين الكيان الإسرائيلي ودول عربية، نقمة على الفلسطينيين بعد أن حمل في طياته نعمة،  جعلتهم يقتنعون أن مصيرهم بين أيديهم وأن اعتمادهم على أنفسهم يبقى سر وحدتهم ومصدر قوتهم وأن شعارات  "الأخوة العربية" و"الصف العربي الموحد "ما هي في الواقع سوى شعارات لوهم زائف يجعل من تحقيق الهدف المشترك والغاية الموحدة في إقامة دولتهم المستقلة حلما لن يتحقق.

بدأ ملف المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية يعود إلى الواجهة هذه الأيام ضمن حركية غير معهودة علها تدفع إلى توحيد صف فلسطيني تهلهل طيلة خمسة عشر عاما من فرقة تركت شرخا انعكس سلبا على المقاومة وقوة الموقف الفلسطيني في وجه مخططات التهويد وابتلاع ما بقي من الأرض الفلسطينية.

وقد يكون الاجتماع الذي ضم الأمناء العامين لمختلف فصائل المقاومة الفلسطينية نهاية الأسبوع عبر تقنية التواصل المرئي واتفاقهم على تشكيل لجنة تضم شخصيات فلسطينية وازنة بمهمة رسم تصور عملي للخروج من الطريق المسدود الذي وصلته القضية الفلسطينية بشارة خير على طريق إنهاء حالة الانقسام بين قطاع محاصر وضفة غربية متآكلة.

ويبدو أن الفلسطينيين اقتنعوا بعد سنوات الفرقة أن مصيرهم سينتهي حتما إلى مصالحة مفروضة بعد أن تأكدوا أن فرقتهم لم تزد حكومة الاحتلال إلا تنمرا وطغيانا وأن الحق الفلسطيني ما انفك يتآكل لصالح واقع مكرس، تريد إسرائيل وأمريكا فرضه عليهم.

وتكون فصائل المقاومة الفلسطينية قد أدركت خطورة هذا الموقف مما جعلها تحدد مهلة خمسة أسابيع لأعضاء هذه اللجنة من أجل صياغة تصورات عملية لطي صفحة الصراع بين إخوة تحولوا فجأة إلى أعداء في ظل تجاذبات الصف العربي ومحاولات مختلف الدول العربية استخدام القضية الفلسطينية لخدمة مصالحها الضيقة والتفكير بعدها في خارطة طريق للتحرك لمنع المنطق الإسرائيلي ـ الأمريكي والمطبعين العرب الذي يجعل منهم مجرد مواطنين من درجة ثانية في وطنهم الأم.

وهو ما يدفع إلى القول أن الفلسطينيين بعودتهم إلى بعضهم البعض جاء متأخرا وبعد أن وقفوا على مخاطر موجة تطبيع زاحفة أصبح العدو فيها صديقا والشقيق الفلسطيني، أخ مارق.

وانتهت قيادات مختلف الفصائل الفلسطينية إلى ضرورة التحرك صفا موحدا، بعد أن اقتنعت أن قاسمها المشترك يبقى رفضها لكل عملية تطبيع هدفها تصفية القضية الفلسطينية، وتجاوز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمساس بالقدس ومقدساتها.

ولأنهم يدركون أن المهمة لن تكون سهلة في ظل سياق إقليمي ودولي غير مناسب فإن قادة مختلف هذه الفصائل شددوا على نضال مشروع لكافة الوسائل بما فيها تفعيل المقاومة الشعبية كخيار يتماشى مع الواقع  ويؤهله لمواجهة خطط الاحتلال الإسرائيلي.    

ولكنهم اكدوا في مقابل ذلك أن تحقيق هذه الغاية يمر حتما عبر اتفاق مسبق بضرورة قبول الجميع العيش تحت نظام سياسي بسلطة موحدة ضمن تعددية سياسية وفكرية، وترسخ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة وفق المعايير الدولية.    

وتكمن أهمية هذا اللقاء ليس فقط في النتائج التي انتهى إليها ولكن لإرادة التحرك الإيجابي التي طبعت مواقف كافة الفصائل لأول مرة منذ عدة سنوات  وأيضا لكونه ضم 14 فصيلا بما فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي.

وهي الأهمية التي جعلت الرئيس الفلسطيني، محمود عباس الذي تراس الاجتماع انطلاقا من مقر الرئاسة في رام الله  يدعو حركته "فتح " و«حماس" إلى حوار وطني شامل لإعادة رسم ماهية السلطة الفلسطينية موحدة وأنه لن تكون هناك دولة بالضفة و أخرى في  قطاع غزة بقناعة أن "الخلافات لا يجب أن تنسينا حماية وطننا".

وهي المقاربة التي أيده فيها إسماعيل هنية رئيس حركة "حماس" الذي شارك في الندوة انطلاقا من السفارة الفلسطينية في العاصمة اللبنانية عندما أقر بأن القضية الفلسطينية "تمر بمرحلة خطيرة وغير مسبوقة في ظل محاولات لتغيير التاريخ عبر صفقة القرن وخطة الضم والتطبيع مع دول عربية".    

والتي جاءت في سياق مخطط مدروس لتصفية القضية الفلسطينية وثوابتها، من خلال إقامة تحالف لاختراق المنطقة عبر التطبيع والاعتراف المتبادل.

فهل يكون الفلسطينيون هذه المرة في مستوى التحديات التي وقفوا عليها في اجتماعهم والذي لا يجب باي حال مجرد سواد على بياض لينهار كما انهارت كل الوساطات والاتفاقات التي تمت بين فرقاء  قضية فلسطينية ما كان أن تعرف خلاف  الأخوة  وجفاءهم، كون أسبابها واضحة وأهدافها أوضح ولا تقبل أي مزايدة  أو شحناء؟