حكومة الاحتلال ترفض كل فكرة لوقف إطلاق النار

هل يحل كيري ومون عقدة التعالي الإسرائيلي؟

هل يحل كيري ومون عقدة التعالي الإسرائيلي؟
  • القراءات: 765
م. مرشدي م. مرشدي
عكس تواجد الأمين العام الأممي بان كي مون ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالعاصمة المصرية، الرغبة الدولية في إنهاء المذبحة الإسرائيلية المتواصلة ضد المدنيين في قطاع غزة منذ أسبوعين.
وشكلت المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار بين حكومة الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية حماس، موضوع المباحثات التي جرت إلى حد الآن بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرقم الأول الأممي ورئيس الدبلوماسية الأمريكية.
ونقل الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة نتائج هذه المحادثات إلى الضفة الغربية، ثم إلى إسرائيل؛ حيث سيلتقي الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقناعه بوقف عملياته العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين.
وانتقل بان كي مون إلى إسرائيل ومعه العبارة التي أطلقها بالعاصمة المصرية بعد لقاء تنسيقي بينه وبين وزير الخارجية الأمريكي، بأن "العنف يجب أن يتوقف ويجب أن يتوقف فورا؛ لأن ما شهدناه خلال الأيام الأخيرة غير مقبول". ويتعين على الإسرائيليين والفلسطينيين إسكات لغة السلاح وفتح الباب أمام لغة المفاوضات.
ولكن هل سيجد هذا النداء آذانا صاغية لدى الوزير الأول الإسرائيلي وكل أعضاء حكومة الاحتلال؟ ذلك هو التساؤل الذي يطرحه الكثيرون بالنظر إلى حرب الإبادة المتواصلة ضد سكان قطاع غزة، والتي لا يريد المسؤولون الإسرائيليون وقفها إلى غاية تحقيق الهدف المتوخى، وهو "القضاء على الإرهاب".
وهي القناعة التي دافع عنها ناطق عسكري إسرائيلي عندما راح يؤكد أن جيش الاحتلال سيواصل عملياته لمحاربة الإرهاب في نفس سياق تصريحات وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي أبدى معارضة صريحة لفكرة وقف إطلاق النار، وقال: "إننا ندفع الثمن غاليا ولكننا لن نترك العمل المنجز في منتصف الطريق".
وهو ما يعني أن كيري وبان كي مون كان عليهما أن يتوجها أولا إلى الكيان المحتل لإقناع  مسؤوليه بضرورة وقف العدوان لا التوجه إلى القاهرة؛ في محاولة للضغط على حركة حماس من أجل قبول مبادرة مبتورة لوقف إطلاق النار.
وليس ذلك فقط، فإن التحرك الأمريكي ـ الأممي افتقد للجرأة اللازمة من أجل تحقيق ما جاءا يسعيان من أجل تحقيقه والتحدث مع قيادات حركة حماس؛ على اعتبار أنها الطرف الثاني المعني إلى جانب إسرائيل، بوقف إطلاق النار.
فإذا كان جون كيري لا يمكنه أن يلتقي بقيادات هذه الحركة من منطلق اعتبارها منظمة إرهابية، فإن المسؤول الأممي كان بإمكانه التوجه إلى غزة للقاء مسؤول هذه الحركة أو حتى لقاء مسؤوليها في العاصمة المصرية إذا سلّمنا بأن حماس تبقى طرفا رئيسا في التوصل إلى وضع حد للعدوان الإسرائيلي على سكان قطاع غزة.
وكان يكون هذا التصرف طبيعيا إذا اعتبرنا أن الولايات المتحدة أرادت أن تمرر وقف إطلاق النار عبر القاهرة، دون إشراك حركة المقاومة الإسلامية في أمر يخصها قبل غيرها.
ثم إن علاقة القاهرة بحركة حماس لم تعد "سمنا على عسل" كما كانت، وتحولت إلى قطيعة نهائية، وبالتالي فإن مطالبة حركة حماس بقبول الفكرة المصرية تبقى ضربا من الخيال.
صحيح أن حركة حماس توجد أمام هامش مناورة محدود وضيق، وكل الخيارات مسدودة أمامها إلا أنها رغم ذلك لا تريد الانتحار بنص اتفاق يقتلها ببطء وهو ما يجعلها تصر على موقفها الرافض؛ كونه الخيار المتاح رغم نتائجه غير المضمونة، ولكن لعب ورقة المقاومة ومقارعة جيش الاحتلال، جعلها تفرض منطقها ولا يتم التفاهم حول وضع يعنيها دون علمها.
وحتى إن كان الرئيس محمود عباس التقى برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بالعاصمة القطرية وحمل له بنود اتفاق القاهرة، إلا أن ذلك لا يعني بأية حال من الأحوال أن حماس ستمنح صكا على بياض للرئيس الفلسطيني للتفاوض باسمها ما لم يضمن لها كل الشروط التي وضعتها، وعلى رأسها رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وفتح المعابر مع الكيان المحتل، في ضربة رأت حماس أنها إن ضيّعتها هذه المرة فإنها لن تحققها مستقبلا في ظل المحيط الإقليمي غير المناسب، وخاصة التشنج الذي يطبع علاقاتها مع السلطات المصرية الجديدة،
ولذلك فإن المنطق في مثل هذه الأوضاع الكارثية، يحتّم الأخذ بمواقف أطراف الصراع؛ لأنه لا يُعقل أن يدافع جون كيري على الكيان المحتل بتلك الشراسة والقول بحقه الدفاع عن النفس ولا يقبل من إسماعيل هنية أن يضع شروطه برفع العدوان وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، ورفع الحصار لرفع الغبن المسلَّط على الشعب الفلسطيني هناك منذ سبع سنوات!