بعد تهاوي أسعار النفط إلى ادنى مستوياتها منذ عشرين عاما

هل تنجح ندوة الرياض في استعادة توازن السوق البترولية؟

هل تنجح ندوة الرياض في استعادة توازن السوق البترولية؟
  • القراءات: 862
ح. ح / م. مرشدي ح. ح / م. مرشدي

يعقد وزراء الطاقة في الدول الأعضاء في منظمة الدول المنتجة للبترول "أوبك" بالإضافة إلى روسيا أو ما يعرف بـ«اوبك +" يوم غد اجتماعا طارئا بالفيديو  انطلاقا من العاصمة السعودية الرياض، في محاولة للتوصل إلى اتفاق يوقف الانهيار الكارثي الذي عرفته أسعار الخام متأثرة بتداعيات فيروس كورونا وحرب أسعار بين العربية السعودية وروسيا. وتحسبا لمثل هذا الاجتماع المصير فقد تم توجيه الدعوة للمشاركة في هذا الاجتماع عبر الساتل إلى عشر دول نفطة في العالم بما فيها الولايات المتحدة  على أمل التوصل إلى استراتيجية تدفع كل الدول النفطية في العالم للتفاهم حول سقف إنتاج عالمي يحافظ على أسعار  برميل النفط.

ويكتسي هذا الاجتماع الطارئ أهمية خاصة في إعادة الاستقرار إلى سوق هشة جعلت أسعار الخام تتهاوى في ظرف قياسي من 68 دولارا للبرميل نهاية شهر فيفري الأخير إلى حدود 18 دولارا فقط  الأسبوع الماضي ضمن مستوى  لم تبلغه أسعار الخام منذ عشرين عاما.وكان لحالة الانكماش التي دخلها الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب الدولي على هذه المادة الحيوية وخاصة من طرف الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم بسبب تفشي فيروس "كورونا"، سببا مباشرا في هذا التراجع غير المسبوق قبل أن تزيده حرب الأسعار التي اشتعلت فجأة بين الرياض وموسكو تدهورا اكبر وجعلت السوق في حالة تخمة جعلتها غير قادرة على استيعاب كميات إضافية، ضمن موقفين ضربا بشكل مباشر الدول المنتجة الأخرى سواء داخل منظمة "أوبك" أو خارجها.

وكانت الصناعة النفطية الأمريكية اكثر المتضررين من هذه حرب بين أكبر منتجين في العالم مما جعل الرئيس الأمريكي  يلقي بكل ثقله الدبلوماسي لدى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وكذا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقنعهما بالتخلي عن سياسة الإغراق التي كانت وبالا على شركات النفط الأمريكية وخاصة تلك المنتجة للغاز الصخري التي وجدت نفسها في أزمة حقيقية بعد تراجع هوامش أرباحها وتأثير ذلك على سوق العمالة في الولايات المتحدة بتسريح آلاف العاملين في أحد أكبر القطاعات المستوعبة لليد العاملة في أمريكا. ويأتي اجتماع الغد وسط هذه التجاذبات ليزيد في قناعة كل الدول المنتجة  داخل "اوبك" أو خارجها إلى انتهاج سياسة اكثر عقلانية  بإمكانها إعادة  أسعار الخام إلى مستويات معقولة تخدمها وتخدم الدول المستهلكة على السواء.

ويبدو أن الطرفين السعودي والروسي اقتنعا أن قراريهما بإغراق السوق لن يعود بالنفع على أي منهما بل أن أثارها ستكون أكثر وقعا على دول أخرى منتجة وهو ما جعل الدول الأعضاء في "اوبك +" توجه دعوة رسمية إلى دول نفطية في العالم غير أعضاء من اجل المشاركة في اجتماع يوم غد.وشملت الدعوة عشر دول وهي بالإضافة إلى روسيا كل من الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين والنرويج والبرازيل وكولومبيا ومصر وإندونيسيا وترنيداد وتوباغو والتي تأثرت اقتصاداتها هي الأخرى بالتراجع الحاد لأسعار الخام.ولكن هل يتمكن المشاركون في هذه الندوة الاستثنائية من التوصل إلى قرار استثنائي يعكس حجم التحديات التي يفرضها الموقف في سوق نفطية تتأثر لأدنى التقلبات الدولية الاجتماعية منها والجيو ـ استراتيجية وحتى الصحية  كما هو حاصل الأن بسبب فيروس كورونا؟

ويطرح هذا التساؤل وخاصة وان الرهان يخص التوصل إلى اتفاق لتقليص  حجم الإنتاج الحالي بحوالي 10 ملايين برميل يوميا وهو رقم ضخم يصعب تحقيقه وخاصة من حيث تحديد حصص كل دولة عضو على اعتبار أن ذلك يبقى الضامن الوحيد لامتصاص الفائض الحالي من سوق متخمة والسماح تدريجيا بتعافي الأسعار وعودتها إلى مستوياتها السابقة. وهو رهان يمكن تحقيقه في حال اقتنعت الدول الأعضاء أن كل تصرف خارج اطار الإجماع الذي تحتمه سوق مادة جد حساسة بمثل مادة النفط، سوف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر التي لا تخدم أي طرف.

كما أن تجاوب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين مع فكرة عقد ندوة الرياض بقناعة ضرورة توحيد كل الجهود لتخفيض سقف الإنتاج الحالي لإحداث توازن في السوق وتزامن ذلك مع قرار شركة النفط السعودية "ارامكو" بعدم تحديد أسعار نفطها لصفقات شهر ماي القادم إلى غاية بعد غد الجمعة ومعروفة نتائج اجتماع الرياض مؤشر إيجابي قد يساعد على تخفيض الإنتاج المرجو ومنه استعادة الأسعار عافيتها بشكل تدريجي. يذكر أن الجزائر التي تضمن الرئاسة الدورية لمنظمة "اوبك" سبق وان دعت بداية الأسبوع  كل المنتجين إلى جعل ندوة العاصمة السعودية فرصة ‘‘لتغليب روح المسؤولية بهدف التوصل إلى اتفاق شامل وواسع وفوري لخفض للإنتاج‘‘ خدمة لمصلحة الجميع.


اتفاق جديد يلوح في الأفق

أسعار النفط تنتعش لكنها تظل تحت المستوى المأمول

ارتفعت أسعار النفط، أمس، بعد أن لاحت في الأفق إمكانية توصل كبرى الدول المنتجة للخام إلى اتفاق لخفض الإنتاج، مع تهاوي الطلب بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. وارتفع خام برنت 80 سنتا بما يعادل 2.4 بالمائة إلى 33.85 دولار للبرميل أمس، بعد أن شهد انخفاضا بأكثر من ثلاثة بالمائة يوم الاثنين. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 83 سنتا أو 3.2 بالمائة إلى 26.91 دولار للبرميل بعد انخفاضه نحو ثمانية بالمائة في الجلسة السابقة.

ورجحت مصادر مطلعة توصل الدول الكبرى المنتجة للنفط في إطار "أوبك+"، بما فيها السعودية وروسيا - التي أعلنت رسميا، أمس، عن مشاركتها في اجتماع الغد - إلى اتفاق لخفض الإنتاج خلال الاجتماع الذي يعقد غدا الخميس، مع حديث عن إمكانية انضمام الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة إلى الاتفاق.

في هذا السياق، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن أول أمس إن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لم تضغط عليه ليطلب من منتجي النفط بالولايات المتحدة خفض إنتاجهم لدعم أسعار الخام العالمية، لكنه أشار إلى أن إنتاج النفط الأمريكي انخفض بالفعل على أي حال بسبب تراجع الأسعار.

وأشارت مصادر في أوبك، أمس، إن أي اتفاق نهائي على حجم تخفيضات أوبك وحلفائها، في إطار تحالف أوبك+، خلال محادثات الغد، سيتوقف على حجم الخفض الذي سيكون منتجون آخرون مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل مستعدين لتطبيقه.

وأظهرت بيانات حديثة أن الركود العالمي الذي يقول اقتصاديون إنه بدأ في الظهور، سيكون أشد على الأرجح مما كان متوقعا قبل بضعة أسابيع بسبب جائحة كورونا.ودعت الجزائر التي ترأس ندوة منظمة الدول المصدرة للنفط، مؤخرا إلى ضرورة الذهاب نحو تخفيض فوري للإنتاج وان يكون الخفض شاملا وبكميات كبيرة، معربة عن أملها في أن تتغلب روح المسؤولية على المنتجين للتوصل إلى اتفاق جديد،بعد أن تم وضع حد للاتفاق السابق في نهاية مارس الماضي، ما أدى إلى وضع كميات هامة من النفط في السوق العالمية، متسببا في انهيار للأسعار.

ح. ح