بين شكوك برلين وواشنطن وترحيب باريس

هل تنجح الوساطة الصينية في إنهاء الحرب في أوكرانيا؟

هل تنجح الوساطة الصينية في إنهاء الحرب في أوكرانيا؟
  • 636
ص. م ص. م

شككت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وألمانيا، في جدية مخطط السلام الذي قدمته الصين أول أمس، على شكل وثيقة في 12 نقطة ضمن مسعى لتغليب لغة الحوار لاحتواء أزمة الحرب الروسية ـ الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني، وسط مؤشرات على إطالة أمدها.

فغداة نشر الصين لما قدمته على أساس أنه "مخطط السلام" لإنهاء الحرب في أوكرانيا، اعتبر مستشار الأمن في البيت الأبيض، جاك سوليفان، أنه يمكن التوقف عند النقطة الأولى من هذه الوثيقة التي تتعلق بـ "احترام سيادة كل الأمم"، مضيفا بأنه "يمكن للحرب أن تنتهي غدا، إذا توقفت روسيا عن مهاجمة أوكرانيا وتسحب قواتها".

وباستثناء هذه النقطة التي ركز عليها المسؤول الأمريكي، فهو يرى أن الصين التي باشرت منذ أسابيع، في لعب دور الوسيط في هذا الصراع المسلّح وباعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي "تقع على عاتقها مسؤولية ضمان احترام قيم ومبادئ وأهداف الأمم المتحدة في مجال الحرب والسلم".

وإذا كانت الولايات المتحددة شككت ضمنيا في نوايا الصين في لعب دور الوسيط، فإن الرئيس الألماني، فرانك ـ ولتور ستاينماير، عبّر صراحة عن "شكوكه" في "الدور البنّاء" الذي يمكن للصين لعبه من أجل السلام في أوكرانيا. وهو نفس الموقف الذي عبّر عنه أيضا الأمين العام لحلف "الناتو" جينس ستولتنبورغ، الذي قال بأن الصين "ليس لديها الكثير من المصداقية" فيما يتعلق بأوكرانيا، معبّرا عن شكوكه في اقتراحات بكين لإنهاء الحرب.

وقبلها اعتبر رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، الوثيقة الصينية بأنها "لا تمثل مخططا للسلام"، ولكن مجرد "موقف جددت من خلاله الصين مواقفها المعبّر عنها منذ البداية" دون أن يشير إلى رفض المقترح الصيني.

وكان سفير الاتحاد الإوروبي لدى الصين، جورج توليدو، أشار في تعليق له على المخطط الصيني بأن هذا الأخير لم يتضمن إشارة إلى "المعتدي".

وعلى نقيض مواقف الأطراف الغربية سالفة الذكر من المبادرة الصينية، فقد سارع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، الذي يبحث عن دور لبلاده على الساحة الدولية، إلى الترحيب بالتزام الصين للعمل من أجل إنهاء الحرب.

وبغض النظر عن الشكوك الأمريكية والألمانية، فقد اعتبر الرئيس ماكرون، أن "التزام الصين في جهود السلام في حد ذاته أمر جيد"، معلنا في السياق عن زيارة رسمية سيقوم بها إلى بكين بداية شهر أفريل القادم.

وبينما أبدى الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنسكي، استعداده للعمل مع بكين، معلنا نيته في لقاء نظيره الصيني شي جين بنغ، قالت روسيا، إنها تقدّر الجهود الصينية في نفس الوقت الذي شددت فيه على ضرورة اعتراف الغرب بضمها للمناطق الأوكرانية الأربعة التي أعلنت انفصالها عن كييف لصالح موسكو.

كما حظي المخطط الصيني بدعم كازاخستان التي تعد الوزن الاقتصادي الثقيل في آسيا الوسطى، والحليف لروسيا بالرغم من أنها وإلى غاية الساعة حافظت على موقفها المتوازن من الصراع الأوكراني.

وجاءت هذه المواقف غداة دعوة أطلقتها بكين بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاع الحرب باتجاه روسيا وأوكرانيا لإجراء محادثات سلام، قدمت على إثرها وثيقة قالت إنها "مخطط للسلام" يتضمن 12 نقطة رئيسية، أكدت من خلالها على ضرورة احترام الوحدة الترابية للدول، والمعارضة الشديدة لأي استخدام للسلاح النّووي.

وعلى وقع التوتر المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة، يشرع منذ اليوم، كاتب الدولة الأمريكية أنطوني بلينكن، في جولة إلى منطقة آسيا الوسطى تشمل كازاخستان وأوزباكستان على أمل توطيد العلاقات مع جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، قبل توجهه إلى الهند للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية مجموعة الـ 20، حيث من المقرر أن يلتقي بنظرائه الهندي والياباني والأسترالي لإجراء محادثات من المؤكد أن المبادرة الصينية ستكون في قلبها.

ويبقى السؤال مطروحا حول حظوظ نجاح  المبادرة الصينية، خاصة وأن الغرب لا يزال يتّهم بكين بدعم روسيا حتى من حيث إمدادها بالأسلحة الأمر الذي نفته السلطات الصينية بشكل قطعي، ليس ذلك فقط، فالصين التي تبقى في نظر الغرب الشريك الاستراتيجي لروسيا امتنعت أول أمس، عن التصويت في الجمعية العامة الأممية على لائحة تطالب بالسحب الفوري للقوات الروسية من أوكرانيا، حتى أنها عطّلت أمس، إصدار بيان مشترك لوزراء المالية للدول الأعضاء في مجموعة الـ20 المجتمعين بالهند.