بعد رفض واشنطن تزكية اتفاق بوتين وأردوغان

هل تصمد الهدنة في محافظة إدلب السورية؟

هل تصمد الهدنة في محافظة إدلب السورية؟
  • القراءات: 647
م. مرشدي م. مرشدي

ألقت الإدارة الأمريكية بكل ثقلها الدبلوماسي رافضة كل مسعى لتمرير بيان عبر مجلس الأمن الدولي، يدعم اتفاق الهدنة المتوصل إليه بين روسيا وتركيا بخصوص محافظة إدلب السورية مساء الخميس الماضي، بدعوى أن الأمر سابق لأوانه.

وجاء موقف السفير الأمريكي ردا على دعوة نظيره الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، باتجاه الدول الأعضاء الأربعة عشر من أجل استصدار بيان مشترك باسم الهيئة الأممية يؤيد مضمون الاتفاق الموقع بين الرئيسين فلاديمير بوتين ونظيره رجب طيب اردوغان، والذي تم من خلاله وقف الانزلاق العسكري الذي عرفته محافظة إدلب الاثنين الماضي، بين القوات التركية والسورية وخلف عشرات القتلى في صفوف قوات الجانبين.

وحسب مصادر أممية فإن الجانب الروسي سيتعامل بالمثل بمجرد قيام الولايات المتحدة بمطالبة الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بإصدار مذكرة تأييد للاتفاق المتوصل إليه يوم 29 فيفري الماضي، بالعاصمة القطرية الدوحة، بين الإدارة الأمريكية وحركة طالبان الأفغانية لسحب القوات الأمريكية في أفغانستان مقابل وقف حركة طالبان عملياتها العسكرية في هذا البلد منذ سنة 2001.

واستغرب السفير الروسي، الموقف الأمريكي رغم أن كل الدول الأخرى رحبت باتفاق وقف إطلاق النار بين القوات السورية المدعومة روسيا وبين القوات التركية التي أقامت منطقة عازلة في داخل العمق السوري.

وحاولت كارين بيرس، سفيرة المملكة المتحدة في الهيئة الأممية تبرير موقف حليفها الأمريكي بأن الاتفاق يطرح في حد ذاته العديد من التساؤلات حول من سيسهر على احترامه ومنع خرق بنوده، وهل ستمتثل السلطات السورية لهذا الاتفاق الذي تم على حسابها ودون إشراكها وفوق أراضيها ويهم سيادتها المنتهكة من طرف دولة جارة.

وهي المقاربة التي دافع عنها نظيرها الألماني كريستوف هيزغن، الذي طالب بتوسيع تطبيق اتفاق الهدنة إلى داخل المنطقة العازلة التي أقامتها القوات التركية، لتمكين السكان من العودة إلى منازلهم التي هجروها بسبب ضراوة المعارك التي اندلعت بين القوات التركية والسورية. كما طالبت الدول الأوروبية الاعضاء في مجلس الأمن الدولي، بإدخال تعديلات على نص الاتفاق ضمن طلب سارعت روسيا إلى القبول به وحتى التفاوض بشأنه.

وتضمن نص الطلب الروسي المقدم إلى مجلس الأمن، خمس نقاط من بينها التأكيد على سيادة سوريا الترابية وترحيب الدول الأعضاء بنتائج القمة الروسية ـ التركية والتأكيد على استحالة تحقيق حل عسكري للنزاع في سوريا بما يدعو إلى دعوة كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات بهدف تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة بعث مسار سلام بين الأطراف السورية برعاية أممية.

وبغض النظر عن مضمون الاتفاق ومواقف دول مجلس الأمن منه فإن تساؤلا يفرض نفسه حول مدى قبول السلطات السورية بهذا الاتفاق وهل تمت استشارتها بخصوص بنوده؟ ومهما كانت قدرة الاتفاق على الصمود فإن التزام الطرف الروسي سيخلط على الرئيس بشار الاسد كل حساباته العسكرية وهو الذي راهن على هجوم قوات بلاده باتجاه محافظة إدلب، لوضع حد للحرب الأهلية التي كادت أن تسقط نظامه لولا التدخل الورسي.

يذكر أن الرئيس السوري، رفض في عدة مناسبات وقف هذا الهجوم إلى غاية استعادة كامل السيادة الترابية السورية، ودحر آخر فلول تنظيمات المعارضة المسلحة وبقايا تنظيم "داعش". فهل يعني ذلك أن القوات السورية سوف لن تواصل تقدمها باتجاه المواقع العسكرية التي أقامها الجيش التركي في داخل العمق السوري، وبالتالي تمكين مسلحي المعارضة وتنظيم الدولة الإسلامية من إعادة تنظيم أنفسهم وتحصين نقاط دفاعاتهم؟

فبقدر ما كبل هذا الاتفاق تصرفات الرئيس السوري فقد شكل طوق نجاة للرئيس التركي، الذي وجد نفسه في مستنقع الحرب السورية بعد أن خسر رهانه على كسب تأييد الدول الأوروبية بورقة آلاف المهاجرين السريين واللاجئين الزاحفين على حدودها.

وأكدت الساعات الستة التي استغرقتها قمة الرئيسين الروسي والتركي أن أردوغان، وجد مواقف بوتين مستعصية وصلبة باعتباره لا يريد التضحية بالنظام السوري لصالح التركي، ولعب كل الأوراق من أجل الاحتفاظ بموقع مؤثر في أية ترتيبات أمنية وسياسية قادمة بين الحكومة السورية والمتمردين من عناصر المعارضة المسلحة التي تقوم أنقرة بدعم بعضها.