بعد قمة نجامينا حول مكافحة الإرهاب بالمنطقة

هل تجد فرنسا من ينقذها من مستنقع الساحل؟

هل تجد فرنسا من ينقذها من مستنقع الساحل؟
  • القراءات: 752
ص. محمديوة ص. محمديوة

يسعى قادة دول الساحل الخمس ومعهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لإلقاء حمل المهمة العسكرية لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الافريقي على الأمم المتحدة، وذلك في ظل عجز قوة "برخان" الفرنسية وحتى تلك المشتركة بين هذه البلدان في تطهير هذه المنطقة الشاسعة من المسلحين ومختلف الجماعات الارهابية الناشطة فيها.

فقد خرج رئيس النيجر محمادو ايسوفو أمس، ليعلن صراحة ضرورة تفعيل البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يخول لهذه الأخيرة إرسال قوات دولية الى أي منطقة مضطربة بهدف إحلال السلم والاستقرار فيها بقوة السلاح. وعبّر رئيس النيجر في تصريحات صحفية أمس، عن قناعته بضرورة أن يكون للأمم المتحدة دور عسكري في منطقة الساحل، بعد يومين من المناقشات التي شهدتها قمة نجامينا بين قادة دول مجموعة الساحل الخمس التي تضم كل من موريتانيا والنيجر وتشاد ومالي وبوركينافاسو والتي عرفت مشاركة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن طريق تقنية التحاضر عن بعد. وبحسب رئيس النيجر، فإنه يجب فرض السلام في مالي بقوة السلاح بما يتطلب توسيع صلاحيات قوة الأمم المتحدة في هذا البلد الإفريقي المضطرب "مينوسما" حتى لا تبقى منحصرة فقط في حماية المدنيين، ويكون لها دور هجومي يشمل تنفيذ عمليات عسكرية ضد الجماعات المسلحة التي صعدت في الآونة الأخيرة من أنشطتها الهجومية ضد القوات المالية والفرنسية وحتى الأممية وتلك المنضوية تحت لواء قوة مجموعة دول الخمس.

ويبدو أن قمة نجامينا التي كان قادة دول الساحل قد أرادوها أن تكون تكملة لقمة مدينة "بو" الفرنسية في تقديم مزيد من الدعم العسكري خاصة الفرنسي، قد تحولت الى قمة للبحث عن التمويل المالي وحتى العسكري والعتاد بعد أن أبان الرئيس الفرنسي عن رغبة بلاده في الانسحاب تدريجيا من مستنقع الساحل بأقل الأضرار الممكنة. والمفارقة أن الدعم المالي الذي يبحث عنه حتى الرئيس الفرنسي ودعا نظراءه الأوروبيين لتقديمه في اطار قوة "تاكوبا" التي يعول عليها لتعويض قوات بلاده في الساحل قد لا يتمكن من الحصول عليه في ظل مخاوف أوروبية بدأت تتجلى للعيان من مغبة التورط في هذه المنطقة الساخنة. وتبلورت هذه المخاوف بالدرجة الأولى في معارضة ألمانيا لمشاركة قواتها في مهمة قتالية بمنطقة الساحل ضمن رفض واضح للدعوة الفرنسية باتجاه حلفائها الأوروبيين لدعمها في عملياتها العسكرية هناك. وجاء رد وزير الخارجية الألماني، هايكوماس، صريحا بعد اختتام قمة نجامينا بالقول "لا ننوي المشاركة في مهمات أخرى في الوقت الحالي"، مشددا أن بلاده "مهتمة بشكل خاص" بتكثيف الجهود المدنية لتحقيق الاستقرار في دول الساحل.

ويبقى أمام فرنسا الاستنجاد بالإدارة الأمريكية الجديدة التي أبدت موقفا مغايرا لذلك الذي تبنّته سابقتها في عهد دونالد ترامب، والذي كان يعارض أي تمويل مالي لأي مهمات قتالية أو حتى وكالات أممية ومنظمات إنسانية وحقوقية لا تعود بالفائدة على الولايات المتحدة ضمن منطقه "أمريكا للأمريكيين" الذي دافع عنه بقوة. وكانت مشاركة كاتب الدولة الأمريكي أنطوني بلينكن في قمة نجامينا عبر تقنية التحاضر عن بعد بمثابة إشارة انطلاق لعودة الولايات المتحدة للساحة الإفريقية من باب منطقة الساحل وخاصة مالي. وضمن هذا السياق أكد وزير الخارجية الأمريكي، أن دولة مالي تظل "ركيزة أساسية" لتحقيق الاستقرار في منطقة الساحل في المستقبل، مؤكدا التزام بلاده "بدعم الجهود التي تقودها افريقيا لضمان مرحلة انتقالية يقودها المدنيون لمدة 18 شهرا تتوج بإجراء انتخابات حرة ونزيهة ومن ثم العودة إلى حكومة منتخبة في مالي بحلول أفريل 2022".

وحث حكومة مالي الانتقالية على "تنفيذ عملية شاملة وشفافة لتلك الانتخابات"، مرحبا بـ"التزامها بمعالجة المظالم الأساسية للشعب المالي بما في ذلك الأمن والحوكمة وحقوق الإنسان وتجديد الميثاق الاجتماعي والإصلاح الانتخابي وتنفيذ اتفاق الجزائر". كما جدد رئيس الدبلوماسية الأمريكية، التزام بلاده بأن تكون شريكا قويا لدول الساحل، حيث قال "نحن مثلكم قلقون من تصاعد التطرف العنيف وتحديات الحكم والمخاوف الإنسانية في المنطقة". فهل ستكون الولايات المتحدة منقذة الرئيس الفرنسي من مستنقع الساحل الافريقي الذي حصد أرواح منذ تورط القوات الفرنسية فيه عام 2013 ما لا يقل عن 50 جنديا ولا يريد الرئيس ايمانويل ماكرون مزيد من الخسائر لا في الأرواح ولكن أيضا للتخفيف من متاعب الإليزي المالية.