طباعة هذه الصفحة

اورسيلا فان دير في أول زيارة إلى إفريقيا بعد تسلمها مهامها

هل تتمكن أوروبا من منافسة الزحف الصيني والأمريكي على القارة العذراء،،؟

هل تتمكن أوروبا من منافسة الزحف الصيني والأمريكي على القارة العذراء،،؟
  • القراءات: 477
م. مرشدي م. مرشدي

حملت اول زيارة تقوم بها رئيسة اللجنة الاوروبية الجديدة اورسيلا فان دير لاين،، الى العاصمة الافريقية اديس ابابا، حيث مقر الاتحاد الافريقي أمس، رسائل قوية عكست الاهتمام الذي يوليه الاتحاد الاوروبي لقارة افريقيا ورغبته في الاحتفاظ بمكانته كأول شريك تجاري معها، في ظل منافسة قوى دولية لم تخف هي الاخرى رغبتها في الحصول على امتيازات ومنافع اقتصادية في هذه القارة.

وحملت السيدة فان دير لاين، في تصريحها الذي ادلت به بعد لقاء مع نظيرها الافريقي، موسى محمد فكي، عبارات مزجتها بلباقة دبلوماسية ليس لأنها اول زيارة  تعارف لها الى الخارج منذ توليها منصبها في الفاتح ديسمبر الجاري، ولكنها ارادت مغازلة الدول الافريقية عندما راحت تؤكد على دعم اوروبي قوي لأفريقيا.

وحتى وان كانت التصريحات الرسمية اكدت ان زيارة المسؤولة الاوروبية الى مقر الاتحاد الافريقي، ستخصص لبحث قضية المهاجرين الأفارقة المتدفقين على مختلف السواحل الاوروبية، بالإضافة الى القضايا الامنية وحالة اللاستقرار التي تعرفها مختلف مناطق مختلفة في إفريقيا، إلا أن الجانب الخفي منها يبقى رغبة اوروبا في المحافظة على مكانتها في قارة مازالت تعتبرها عمقها الاستراتيجي مقارنة بقوى اخرى بعيدة مثل الصين والولايات المتحدة وحتى وروسيا والهند واليابان، مستغلة في ذلك العلاقات التاريخية لمختلف الدول  الاستعمارية في افريقيا، وطغيان منطق الابوية الذي فرضته على مستعمراتها السابقة.

ولم تخف المسؤولة الاوروبية الجديدة بطريقة ضمنية هذه النزعة عندما اكدت ان زيارتها الى مقر الاتحاد الافريقي، جاء ليعبر عن رسالة سياسية قوية كون قارة افريقيا والاتحاد الافريقي  يحظيان بأهمية خاصة لدى الاتحاد الاوروبي،  بصفة عامة واللجنة الاوروبية بصفة خاصة.

واضافت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة، في ختام لقائها برئيس اللجنة الافريقية موسى محمد فكي، أن إفريقيا بالنسبة للاتحاد الاوروبي واللجنة الاوروبية يمثلان اكثر من مجرد جار، وانها تريد ان تجعل من القارة شريكا اقتصاديا قويا.

وحتى وان حاولت رئيسة اللجنة الاوروبية، التظاهر بمظهر الراغب في الاستماع لانشغالات الأفارقة ونظرتهم التحليلية لقضايا الراهن الافريقي، وخاصة تلك التي تهم اوروبا سواء تعلق الامر بالهجرة السرية او القضايا الامنية، وعلى رأسها استفحال ظاهرة الارهاب وحتى ظاهرة الاحتباس الحراري، الا ان ذلك لا يمنع من القول إنها بحكم وظائفها السابقة وخاصة منصب وزيرة الدفاع في بلد مثل المانيا، تبقى اكثر دراية من غيرها بأسرار وخبايا مثل هذه القضايا، وحتى وان اكدت أمس، أنها لم تأت من أجل عرض مخطط لأفريقيا بقدر ما جاءت لأخذ فكرة عما يجري.

وحتى وان سلمنا بمضمون تصريحها فإن فان دير لاين، لن تتوانى في تقديم هذا المخطط في زياراتها القادمة الى القارة، عندما اكدت أننا سنتمكن سويا من ايجاد حلول لكل القضايا وحلول لكل الأسئلة المطروحة في رد لها على دعوة موسى محمد فكي، الذي طالب بدور اكثر فعالية يتعين على المجموعة الدولية القيام به من اجل تمكين الدول الافريقية من مواجهة التهديدات الامنية وخاصة الارهاب.

وهي اشارة قوية على ان المسؤولة الاوروبية، انما انتقلت الى مقر الاتحاد الافريقي، للوقوف على التصورات الافريقية لمواجهة الخطر الارهابي المستفحل، وخاصة في منطقة دول الساحل التي تحولت خلال السنوات الاخيرة الى مستنقع امني حقيقي فشلت فيه القوى المحلية والاقليمية وحتى الفرنسية والاممية في احتوائه، بل إنه ازداد تعفّنا.

ولا يستبعد أن تكون المسؤولة الاوروبية قد انتقلت الى اديس ابابا، حيث مقر الاتحاد الافريقي من اجل بحث موقف الاتحاد من رغبة فرنسا اقحام مختلف الدول الاوروبية في مواجهة الخطر الارهابي، وعدم الاعتماد عليها في كل مرة للقيام بهذه المهمة وخاصة بعد فشل قوة بارخان في احتواء المد الارهابي خمس سنوات منذ نشر عناصرها في مالي ودول الساحل الاخرى، وايضا بسبب تكاليفها الباهظة وفي وقت تعالت فيه اصوات فرنسية مطالبة بطرح هذه القضية على نقاش وطني فرنسي للبت فيه.

وكان تباين مقاربة الجانبين بخصوص الهجرة السرية كبيرا بلغ حد النقيض، إذ في الوقت الذي تريد فيه اوروبا اقامة محتشدات في مختلف دول القارة وخاصة الشمالية منها لمنع وصول المهاجرين، رفضت الدول الافريقية مثل هذه الاجراءات الامنية وطالبت عكس ذلك بسياسة هجرة تفاضلية للمهاجرين الأفارقة تأخذ بعين الاعتبار العلاقات التقليدية بين البلدان الافريقية ومختلف الدول الاوروبية الاستعمارية السابقة، بقناعة ان الدول هذه الأخيرة كانت ولازالت سببا في تعاسة الشباب الافريقي الذي لم يجد سوى ركوب خطر الموت في البحر للوصول الى الضفة الاخرى للمتوسط والتي كثيرا ما انتهت رحلاتهم بماسي وكوراث انسانية كانت آخرها قبل يومين في عرض المياه الاطلسية الموريتانية.