بعد التصعيد الإرهابي الأخير

هل تتحول منطقة الساحل إلى بؤرة صراع بين القوى الدولية؟

هل تتحول منطقة الساحل إلى بؤرة صراع  بين القوى الدولية؟
  • القراءات: 479
م. م م. م

تعهدت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بيرلي أمام الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كايتا، أمس، بتكثيف بلادها لدعمها اللوجيستي للقوات المالية مع عزمها تحفيز حلفائها من الدول الأوروبية الأخرى من أجل إسنادها في معركتها ضد خطر التنظيمات الإرهابية الناشطة في مالي وكل دول الساحل.

وحلت المسؤولة العسكرية الفرنسية بالعاصمة باماكو في ثاني محطة لها ضمن جولتها إلى دول الساحل في أقل من أسبوع منذ مقتل 52 جنديا ماليا في هجومين مسلحين استهدفا مواقع عسكرية للقوات المالية في أقصى شمال ـ شرق البلاد على الحدود مع دولة النيجر.

وجددت بيرلي بعد لقائها بالرئيس المالي، إبراهيم أبو بكر كايتا القول بصعوبة الوضعية الأمنية في هذه المنطقة ووصفتها بـ«الخطيرة" وخاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها القوات المالية في صد المد الإرهابي المتنامي في مناطق شمال ووسط البلاد.

ولكنها اعترفت في سياق هذه الصعوبات ولأول مرة بالرفض الشعبي الداخلي المتزايد في مختلف دول الساحل لتواجد القوات الأجنبية والذي أصبح ينظر إليه على أنه استعمار مقنع عاد إلى المنطقة تحت غطاء محاربة الإرهاب، من دون أن يمنعها ذلك من القول وبطريقة لبقة أن ذلك يبقى مجرد رد فعل طبيعي من رأي عام داخلي كلما وقعت عمليات إرهابية بحجم تلك التي وقعت بداية هذا الأسبوع بمنطقة ميناكا على الحدود مع دولة النيجر وخلفت مقتل أكثر من خمسين عسكريا.    

وأعادت الوزيرة الفرنسية التأكيد في تصريحاتها بالعاصمة باماكو ما قالته أول أمس، بالعاصمة التشادية، نجامينا بأن محاربة الإرهاب ستكون طويلة وأن تقييم نتائجها لا يجب أن يأخذ بالمعارك التي تقع هنا وهناك ولكن بمحصلة هذه العملية في عمومها وهو تأكيد آخر أن قوات بلادها سوف لن تنسحب من المنطقة سواء قبل بها السكان أم أبوا.

وهو التوجه الذي أكدت عليه بطريقة ضمنية عندما أشارت إلى مساعي فرنسية حثيثة لإقناع حلفائها الأوروبيين بفكرة إرسال قوات خاصة من جيوشها إلى منطقة الساحل للمشاركة في الجهد المبذول في إطار محاربة الإرهاب ودعم جيوش المنطقة المتضررة من هذه الظاهرة.

وانساق الرئيس المالي في سياق هذه المقاربة وذهب إلى حد التأكيد أن تدهور الأوضاع الأمنية أصبح يشكل خطرا حتى على بقاء الدولة المالية الأمر الذي جعله يؤكد أن دعم القوات الأجنبية أصبحت أكثر من ضرورة.

ولا يستبعد أن يكون هذا النداء غير العلني بداية لإنزال عسكري متعدد الجنسيات في منطقة ساخنة والتي يمكن أن تتحول إلى بؤرة صراع دولي تتطاحن فيها مصالح مختلف القوى الدولية ليس للقضاء على الإرهاب الذي جعلوا منه ذريعة لتبرير هذا التدخل وإنما لخدمة مصالحهم الإستراتيجية في قارة يرشحها متتبعون لأن تكون نقطة الاستقطاب الرئيسية في الألفية الحالية.