بعد نشر مضمون مكالمته مع الرئيس الأوكراني

هل أصبحت أيام الرئيس ترامب معدودة في البيت الأبيض؟

هل أصبحت أيام الرئيس ترامب معدودة في البيت الأبيض؟
  • القراءات: 1088
م. مشدي م. مشدي

أكد مضمون المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيسين الأوكراني، فولوديمير زيلانسكي والأمريكي دونالد ترامب، يوم 25 جويلية الماضي، أن هذا الأخير ضغط فعلا على نظيره الأوكراني بعد ان طالبه بفتح تحقيق قضائي حول نشاطات ”مشبوهة ” يكون هونتر بايدن نجل نائب الرئيس الامريكي السابق جو بايدن والمرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية العام القادم قد تورط فيها بأوكرانيا.

وحسب هذا التسريب فإن الرئيس ترامب قال بالحرف الواحد للرئيس الأوكراني ”لقد كثر الحديث عن ابن بايدن، وأن والده قام بضغوط لوقف التحقيقات التي تطال نجله ولكن الكثير من الناس هنا يريدون معرفة الحقيقة وسيكون من المفيد أن تولي هذه القضية أهمية خاصة” من اجل قطع الطريق أمام بادين تحسبا لانتخابات شهر نوفمبر من العام القادم.

وكان هذا الالتماس بمثابة مبرر كاف استغله الحزب الديمقراطي أول أمس، من اجل بدء تحقيق نيابي تمهيدا لعزل الرئيس ترامب من منصبه 400 يوم قبل انتهاء عهدته. ورغم إصرار الديمقراطيين على تآمر الرئيس الامريكي على الأمن الداخلي الامريكي إلا أن ترامب، وفي رد فوري على هذا التسريب أكد انه لم يمارس أي ضغط على أوكرانيا وأنها مجرد أخبار كاذبة يكون صحفي مرتش قد سربها.

وكان يمكن أن ينهي الرئيس الامريكي ما تبقى من أيام عهدته في ظل السكينة وربما خوض تجربة انتخابات ثانية والفوز بمقعد البيت الأبيض لولا قيام احد المبلغين في جهاز المخابرات الأمريكية بنشر مضمون هذه المكالمة الهاتفية التي تحولت الى أشبه بكرة ثلج زاحفة على المسار السياسي للرئيس الجمهوري، وأصبحت بمثابة زلزال قوي هز أركان إدارته بعد تأكد ابتزازه للرئيس الأوكراني عبر مطالبته بمنحه كل المعلومات عن نجل نائب الرئيس الامريكي السابق.

وأكدت صحيفة ”وول ستريت جورنال” الأمريكية أن الرئيس الأمريكي حث نظيره الأوكراني على فتح تحقيق بشأن الكيفية التي حصل فيها نجل بايدن على وظيفة في شركة غاز أوكرانية سنة 2014، وساومه في ذلك بمساعدة عسكرية أمريكية بحوالي مليار دولار.

فهل أصبحت أيام الرئيس الامريكي معدودة فعلا في البيت الأبيض بعد ” تهمة التآمر” التي حركها الحزب الديمقراطي، وجعلت رئيسة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب  نانسي بيلوسي، تؤكد أن الكونغرس سيبدأ تحقيقا رسميا لعزل الرئيس ترامب، على خلفية هذه الفضيحة وانتهاكه للدستور بشكل خطير؟.

ويطرح هذا التساؤل كونها المرة الأولى التي يتحرك فيها الحزب الديمقراطي بمثل هذا الحرص من أجل تنحية الرئيس الجمهوري، وبما يؤكد أن قيادات الحزب الديمقراطي المؤثرين قد تحينوا التوقيت المناسب للإعلان عن مساعي تنحيته وإنهاء عهدته الرئاسية مع أشغال الجمعية العامة الأممية.

وإذا كان الرئيس الامريكي قد نجا من نتائج تحقيق المدّعي العام المستقل روبيرت مولر، وعلاقاته المشبوهة مع السلطات الروسية بخصوص تأثير هذه الأخيرة على نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، فإن فضيحة المكالمة الهاتفية مع الرئيس الأوكراني قد تكون نهايته حتمية.

وعكرت هذه التطورات الأجواء بالنسبة للرئيس الامريكي، وهو الذي كان يأمل في استغلال مشاركته في أشغال الجمعية العامة الأممية لإعادة إظهار قوة بلاده، وتأكيد حرصه على حماية مصالحها في العالم ضمن شعاره ”أمريكا أولا”، ولكن العرس لم يكتمل بالنسبة له وقد ظهر ذلك جليا من خلال خطابه الذي انتظره الجميع ولكنه كان مخيبا، وكشف عن رئيس فاقد للتركيز ومضطرب الأفكار وغير واثق من مواقفه المتذبذبة تجاه مختلف القضايا التي تطرق إليها وخاصة العلاقة مع إيران.

فبدلا من إبداء صرامته في التعاطي مع الدول التي تعارض سياساته ظهر الرئيس ترامب في موقع ضعف وراح يؤكد انه يعتبر نفسه كأول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يتعرض لسوء المعاملة بسبب حقد وكراهية الديمقراطيين له، معبّرا عن أمله في أن لا يتكرر ذلك مع رئيس أمريكي آخر.

والمفارقة أن تفجير هذه الفضيحة وتحرك الديمقراطيين جاء عشية قمة كانت مبرمجة مساء أمس، بين الرئيس ترامب ونظيره الأوكراني على هامش أشغال الجمعية العامة الأممية.

وحاول الرئيس الأوكراني التقليل من أهمية هذه التسريبات والضجة التي خلّفتها مكالمته الهاتفية مع الرئيس الامريكي، وقال بكثير من التهكم أن الشخص الوحيد الذي بإمكانه الضغط علي يبقى ابني البالغ من العمر ست سنوات وبقناعة أنني رئيس دولة مستقلة.