النهاية المخزية لأكبر جلاد حكم الكيان المحتل

نتانياهو في قلب الإعصار

نتانياهو في قلب الإعصار
  • القراءات: 560
م. مرشدي م. مرشدي

إستفاق الإسرائيليون لأول مرة منذ إقامة هذا الكيان المحتل قبل نصف قرن على قرار المحكمة العليا القاضي بإدانة، وزير أول إسرائيلي بتهمة تعاطي الرشوة وسوء استغلال المنصب وهو مازال رهن الخدمة.

ويكون النائب العام في أعلى هيئة قضائية في إسرائيل قد وضع بذلك حدا لسؤال طالما طرحه عامة الإسرائيليين وطبقتهم السياسية على أنفسهم: هل انتهى نتايناهو سياسيا وطويت صفحته في سياق الكشف عن تورطه في فضائح متلاحقة، ميزت فترة إدارته للشأن العام الإسرائيلي على مدار العشر سنوات الأخيرة؟

وبقي السؤال بدون إجابة بسبب بقاء نتانياهو في منصبه وزيرا أول في وقت احتفظت فيه المحكمة العليا بملفه القضائي إلى غاية أول أمس، عندما قررت ملاحقته بتهمة تعاطي الرشوة وسوء استغلال السلطة.

وتبقى التهم التي كشف عنها المدعي العام الإسرائيلي، افيشاي ماندلبليت ثقيلة بالنسبة لمسؤول في منصبه، والتي تمحورت حول تعاطيه الرشوة وخيانة الثقة والتلاعب في قضايا حساسة ضمن ثالوث لأسوا سيناريو لم يكن نتانياهو يتوقعه في نهاية مساره السياسي وهو الذي أراد أن يخلد على رأس الوزارة الأولى ويترك بصمته في تاريخ الكيان المحتل عبر أبشع سياسة استيطانية وقمعية ضد الفلسطينيين. 

ولأن التهم لا تعني فقط نهاية نتانياهو سياسيا ولكنها قضية قد تشكل ضربة عاصفة لحزب الليكود اليميني الذي حافظ على مكانته في المشهد السياسي الإسرائيلي رغم زوال القطبية الثنائية التي كان يشكلها طيلة عقود مع حزب العمل المنهار وخاصة في ظل المنافسة القوية التي أصبحت تشكلها له أحزاب سياسية أكثر تطرفا مكنتها من استقطاب غالبية المستوطنين الداعين إلى قهر الفلسطينيين وإبادتهم.

ولم يكن حديث الصحف ومختلف القنوات الفضائية الإسرائيلية وحتى العالمية  أمس، سوى حول هذه النهاية التي أصبحت مؤكدة منذ أن فشل لمرتين في تشكيل حكومة ائتلافية شهر أفريل وسبتمبر، والتي كان يمكن أن تكون له طوق نجاة إلى حين، من مقصلة عدالة الكيان المحتل.

وهو ما فسر إصرار نتانياهو في كل مرة على مواصلة قيادته للحكومة لعله يجد مخرجا من ورطته ولكن أمنيته استعصى عليه تحقيقها بعد أن خيب اليمين المتطرف آماله ورفض منحه ورقة الموالاة في تغير واضح في قواعد اللعبة الانتخابية في إسرائيل التي أصبحت أقرب إلى اليمين المتطرف الديني والعلماني بقياد حزب "شاس" وإسرائيل بيتنا العنصريان.

ورغم أن نتانياهو تفطن لهذا المنطق الجديد، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة  سباحته يمينا تارة ويسارا تارة أخرى طيلة الأشهر الأخيرة للحصول على تأييد 61 نائبا الكفيلة بتجنيبه ملاحقات العدالة ولكنه فشل في كل مساعيه رغم التنازلات السياسية التي قدمها لهؤلاء وهؤلاء كان آخرها قراره باستيطان أجزاء واسعة في الضفة الغربية وهضبة الجولان السوري ضمن ورقة قمار لعبها لكسب ود أقصى اليمين الاستيطاني ولكنه خسر رهانه رغم الدعم الأمريكي الواضح الذي كرسه الرئيس دونالد ترامب نهاية الأسبوع بتأييده لفكرة شرعنة المستوطنات في الأرض الفلسطينية.

وكان قرار المحكمة مفاجئا لكثير من المتتبعين لقضايا نتانياهو مع عدالة بلاده بعد أن ساد الاعتقاد أن المدعي العام، افيشاي ماندلبليت قد يطوي ملف الاتهامات إلا أنه قرر بشكل مفاجئ إخراج ملفه الثقيل من الدرج ووجه له بشكل رسمي الاتهامات لتبدأ متاعبه مع القضاء.

واستشعر نتانياهو هذه المرة بأن مصيره حسم وهو ما جعله يرمي بآخر أوراقه عندما طالب أنصاره في حزب الليكود أمس، للخروج في مسيرات تأييد رافضا الانسحاب من منصبه كوزير أول مؤقت وراح يوجه انتقادات لجهاز العدالة الذي اتهمه بتنظيم انقلاب ضده وطالب بفتح تحقيقات جنائية في حق المحققين الذين فضحوا ممارساته المشبوهة في أعلى هرم سلطة الكيان المحتل.

والمفارقة أن النائب العام، افيشاي ماندلبليت الذي أصدر قرارا الإدانة يعد أحد المقربين من نتانياهو الذي عينه في منصبه سنة 2016 ولكن مهامه جعلته يوجه ولأول مرة تهما قوية ضد وزير أول مازال يمارس مهامه ضمن تجربة جعلته يصف نهار الخميس بـ"اليوم الأسود له ولكل إسرائيل" وأضاف أنه "اتخذ قرارا بقلب ثقيل ولكن بدون تردد".