مؤشرات انزلاق الوضع الأمني في شرق أوكرانيا

موسكو تتهم الولايات المتحدة بصب الزيت على النّار

موسكو تتهم الولايات المتحدة بصب الزيت على النّار
  • القراءات: 449
❊م/ م ❊م/ م

زادت المخاوف أمس، من احتمالات انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا بين الانفصاليين الناطقين بالروسية والقوات النظامية لهذا البلد على خلفية القرار الأمريكي بمد القوات النظامية الأوكرانية بعتاد حربي متطور.

 

وقالت هيثر نويرث، الناطقة باسم كتابة الخارجية الأمريكية إن بلادها قررت تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا لمساعدتها على إقامة دفاعات قوية تمكنها من حماية سيادتها ووحدتها الترابية ومنع أي اعتداء أجنبي ضدها. وحرصت نويرث، على القول إن المساعدات تبقى دفاعية في محاولة لتبديد المخاوف الروسية، في نفس الوقت الذي أكدت فيه أنها تبقى ملتزمة باتفاق مينسك الذي وضع حدا لحرب دامية خلّفت مقتل أكثر من 10 آلاف شخص من الجانبين.

ولكن هذه التبريرات لم تمنع من أن يؤجج قرار الرئيس الأمريكي من حدة التوتر القائمة في منطقة الدونباس في شرق أوكرانيا وصب مزيد من الزيت على وضع لم يعرف الاستقرار رغم توصل الفرقاء بدعم دولي إلى التوقيع على اتفاق عاصمة بيلاروسيا مينسك سنة 2015.

وخرجت السلطات الروسية عن صمتها إزاء القرار الأمريكي، مؤكدة أنه سيتسبب في حمام دم جديد وسقوط قتلى آخرين في هذه المنطقة التي تعيش على وقع نزعة انفصالية لسكانها الناطقين باللغة الروسية بهدف الانضمام إلى فيدرالية روسيا تماما كما حدث في جمهورية القرم. 

واتهم نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي رايبكوف، في أول رد فعل روسي الولايات المتحدة بتخطيها من خلال هذا القرار لخطوط حمراء بما قد يؤدي إلى تجدد المواجهات في منطقة الدونباس التي تقطنها أغلبية ناطقة بالروسية.

وزاد غريغوري كاراسين، نائب وزير الخارجية الروسي الآخر بالقول إن قرار الرئيس دونالد ترامب، سيجهض كل الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية لهذه الأزمة وخاصة تنفيذ بنود اتفاق عاصمة بيلاروسيا قبل عامين.

وعكس هذا الرد درجة تصلب روسيا في مواقفها الرافضة لأي تواجد أمريكي على حدودها القريبة بعد أن اعتبرت قرار مد أوكرانيا بترسانة حربية متطورة بمثابة استفزاز مباشر لها ضمن صراع استراتيجي تقليدي بينها وبين الولايات المتحدة وخاصة في ظل نية هذه الأخيرة، توسيع نطاق تواجدها باتجاه العمق الاستراتيجي الروسي في الجمهوريات السوفياتية السابقة، والتي تصر موسكو على اعتبارها امتدادا طبيعيا لأمنها القومي.

والمؤكد أن الموقف الروسي سيؤدي حتما إلى قبضة حديدية جديدة بين البلدين قد تعيد الحرب الباردة إلى واجهة العلاقات الدولية على اعتبار أن تداعياتها ستمتد إلى الدول الأوروبية الأخرى حتى وإن تغيرت العلاقة بين حلفاء ضفتي الأطلسي منذ وصول الرئيس دونالد ترامب، إلى سدة الحكم بداية العام الماضي، وخاصة وأن قرار هذا الأخير جاء بعد لهجة حادة استخدمتها إدارته ضد روسيا منذ بداية الشهر الجاري، لمحت من خلالها بأن الأزمة الأوكرانية تبقى عقبة رئيسية أمام تطبيع العلاقات بينهما.

ولم يكن للتطورات «الخطيرة»  التي يعرفها الوضع الأمني الهش في أوكرانيا لتمر هكذا دون أن تثير مخاوف فرنسا وألمانيا اللتين اقتنعتا أن اشتداد القبضة بين موسكو وواشنطن يزيد من احتمالات تهميشهما في قضية تعنيهما بالدرجة الأولى.

وهو ما جعل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يخرجان عن صمتهما أمس، من خلال بيان مشترك دعيا من خلاله كل الأطراف إلى تحمّل مسؤولياتهم  من خلال الإسراع إلى تجسيد اتفاق وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، بقناعة أنه لا يوجد أي مخرج آخر من غير التوصل إلى تسوية سياسية لهذا النزاع.

وتأتي الدعوة الألمانية ـ الفرنسية في أقل من أسبوع منذ قرار الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات الاقتصادية ضد روسيا بتهمة تورطها في الأزمة الأوكرانية في تلميح إلى دعمها للانفصاليين الروس رغم النّفي الروسي القاطع لأي علاقة لها مع هؤلاء.