الأستاذ بوحميدي محذرا من محاولاتها الدفع إلى الفوضى:

منظمات غير حكومية دولية تريد توجيه الحراك

منظمات غير حكومية دولية تريد توجيه الحراك
أستاذ الفلسفة محمد بوحميدي
  • القراءات: 988
وأ وأ

اعتبر أستاذ الفلسفة محمد بوحميدي أن الحراك الشعبي الذي انطلق للتعبير عن رفض ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة "لم يعد له وجود كما كان في بدايته"، محذرا من "محاولات بعض المنظمات غير الحكومية الدولية استغلال شرعيته المزعومة، من أجل الإبقاء على أعلى مستويات الضغط بهدف خلق فوضى عارمة في الجزائر..".

وقال الأستاذ بوحميدي في حديث خص به وكالة الأنباء الجزائرية "إن الحراك لم يعد له وجود كما كان في بدايته وأنا أؤكد هذا"، موضحا أن "الحراك تطور، كون هذه الحركة "انتهت منذ شهر ماي 2019.. إلا أنها أعطت ثمرة جديدة مغايرة لها، تتمثل في بروز الطبقات المتوسطة في الحياة السياسية المباشرة".

ولدى تطرقه إلى دور المنظمات غير الحكومية الدولية في هذه الموجة الثانية للحراك، أشار المتحدث إلى أن "هذه التنظيمات التي تتحدث عنها بعض وسائل الإعلام الأجنبية ومنظمات غير حكومية دولية تريد استغلال تلك الشرعية المزعومة للحراك، بغية تمديد غياب حل سياسي والإبقاء على أعلى مستويات الضغط من أجل خلق فوضى عارمة"، قبل أن يضيف بالقول أنه "لابد من التمييز بين الاحتياجات السياسية والثقافية لهؤلاء المتظاهرين وبين أهداف الذين يتحدثون باسمهم".

في المقابل، أشار المتحدث إلى أن "المتظاهرين لن يتقبلوا أن يتم التلاعب بهم" متأسفا لكون "هذه الوضعية أدت إلى أزمة "الثورة الديمقراطية".

وأوضح أنه "للخروج من مأزق (التظاهر كل يوم جمعة)، خططت تلك المنظمات عبر ترتيبات مستعمل "يوتوب" زيطوط، للخروج كل يوم السبت إلى الشارع، إصرارا منها على إدخال الجزائر في دوامة استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية والحلف الأطلسي وإسرائيل بخلق فوضى غير متناهية على كل المستويات الممكن اختراقها، العرقية واللغوية والثقافية والدينية وغيرها..".

ويرى الأستاذ الجامعي أن المظاهرات الأسبوعية التي توقفت تفاديا لتفشي فيروس كورونا المستجد، بعيدة جدا عن استقطاب نفس أعداد المتظاهرين، مقارنة بالفترة الممتدة من فيفري إلى ماي 2019". وأضاف أن "شخصيات" وصفها بـ"الزعماء المنتخبين أو التلقائيين" تتكلم اليوم باسم المتظاهرين "قيمت بالملايين عدد الاشخاص الذين خرجوا إلى الشارع خلال هذه الفترة".

واسترسل يقول إن "هؤلاء نفسهم من دعوا بعد انتخابات 12 ديسمبر إلى النقد الذاتي وإعادة تقييم نشاطاتهم بحثا عن سبيل لتفسير فشلهم الذي أرجعوه إلى عدم إنجاح عملية المقاطعة الشاملة للانتخابات الرئاسية"، مذكرا بالمناسبة بأن توجيه الحراك والتعبئة الشعبية كانت محل صراعات طاحنة بين مختلف الحركات والتنظيمات"، قبل أن يشير إلى أنه يعتبر تاريخ 29 أفريل 2019 "منعرجا للحراك "، حيث يتبين أن "كلما تم تأكيد عملية إيقاف كبار المسؤولين في الدولة (الجنرالات ومن شغلوا منصب وزير أول سابقا والطبقة الحاكمة التي كانت ليس بالأمس البعيد قوية جدا) عرفت التعبئة الشعبية تراجعا ملحوظا".

وبرأي ذات المتحدث فقد "تبين للطبقات الشعبية بشكل واضح بأنه تم إيجاد نصف حل المعادلة التي قد تعرفها أي أزمة سياسية، حيث تكون الأزمة حين يعجز المسؤولون عن الحكم، كما كانوا عليه آنفا وعندما يرفض المحكومون أن يخضعوا للحكم كما كانوا عليه سابقا".

وأردف السيد بوحميدي قائلا إن "شهر ماي كان شهرا حاسما والهجوم الذي تم شنه ضد الجيش الشعبي الوطني، تحت غطاء هجوم ضد نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الراحل قايد صالح، أثبت لشعبنا وجود اختلافات عميقة داخل الشعب، حول نمط الحكم الجديد المراد وضعه".

وحسب نفس المتحدث، فقد انجر عن حل الأزمة السياسية، بعد الانتخابات الرئاسية، "بروز أزمات أخرى ثقافية واقتصادية واجتماعية ولسانية، بل وحتى عرقية"، قبل أن يخلص في هذا الصدد إلى أن "الحراك، بصفته الشكل الملموس لهذه التعبئة الشعبية، أنهى بذلك مهمته التاريخية. غير أن الحراك كان يحمل بذاته أكثر من أزمة سياسية، حيث وضع في الواجهة السياسية كتلا شعبية معتبرة".

في سياق ذي صلة، اعتبر الأستاذ بوحميدي أن تطور النظام التعليمي الجزائري على مدى العشرات من السنين سمح بتكوين ملايين الخرجين من الجامعات، حيث بلغ عدد الطلبة 1,5 مليون طالب، صنفهم ضمن الطبقات المتوسطة بحكم قربهم منها.

وأسرد بالقول إن هؤلاء المتخرجين من الجامعات لجأوا إلى أشكال متعددة من أجل التعبير وفرض أنفسهم سياسيا واجتماعيا بشكل واسع قبل حكم الرئيس بوتفليقة، مضيفا أن تقويض فرص تحقيق الإنجازات الاجتماعية من خلال حرية تشكيل واستحداث فضاءات للنقاش والتعبير، زاده بلة هيمنة وجوه منفرة ومهينة لهذه الطبقات المتوسطة المتعلمة والمثقفة، من بين أصحاب الثروة المشمئزين غير المتعلمين والذين في يدهم حكم الدولة الحقيقي.

وأشار إلى أن "تطور الطبقات المتوسطة في مجتمعنا كان حتما سيؤدي إلى بروز مشكلة عاجلا أم أجلا، فلا يمكننا إدارة مجتمع يضم طبقات متوسطة مثقفة، مثلما يدار مجتمعا ريفيا"، موضحا أن تنظيمات، لم يذكر اسمها، "تقوم بكل ما بوسعها ليعود لها الفضل في ضم الطبقات التي تواصل التظاهر، مستعيرة منها الكثير من شعاراتها، دون أن تخضع لها وتحول اليها طاقتها.. بل هي في الواقع لا تعيرها شعاراتها بل تستمدها من روح العصر، انصياعا لتصورات ولغة الإعلام المهيمنة عالميا. فاستعارها لهذه الصياغات والأفكار منعها من إعداد برامج سياسية خاصة بها".

كما أشار إلى أن "الحديث اليوم عن الحراك لا محل له من الإعراب، سواء بالنسبة لهذه الطبقات المتوسطة أو بالنسبة لتلك المنظمات الملونة ولكن ليس لنفس الأسباب الجوهرية. فكلتاهما تحتاج للحراك من أجل فرض نفسها وكسب شرعية شعبية، يمكنهم الاحتجاج بها في مواجهة شرعية الانتخابات الرئاسية. إلا ان الطبقات المتوسطة، تريد أولا ضمان حقوقها في حياة سياسية حرة، كما تريد تحقيق ديمقراطية مرادفة لفضيلة تجعل المتعلم أعلى درجة من التاجر".

في ذات السياق، أكد الأستاذ بوحميدي أن "الطبقات المتوسطة تدرك بالفطرة أنها ليست طبقات أساسية. وبالتالي فإن تبني الحراك يجعلها تتكلم باسم شعب فيفري ومارس وأفريل 2019، وتدافع عن مصالح المجتمع برمته وليس مصالحها الضيقة"، معتبرا أنه "لولا هذه الحيلة لبدت هذه الطبقات المتوسطة كطبقات أنانية تطمع فقط إلى مزيد من الارتقاء الاجتماعي".

واستطرد المتحدث أن "الجوانب المرتبطة بالكم والتسيير السياسي للحشود من دون الظهور، ليست الأسباب الوحيدة التي يمكنني ذكرها. فإلى غاية نهاية شهر أفريل وبداية شهر ماي قامت الأعداد الغفيرة من المتظاهرين والأكثر شهرة بين الشعب بحجب شعارات الديمقراطية المجردة"، مضيفا بالقول "كان الصوت الأقوى هو صوت تحرير البلد والشعب والمجتمع من قبضة العصابة والمجموعات التي تكونها والتي تتظاهر اليوم أمام المحاكم، والجهات الأجنبية الراعية لها (دولة الاستعمار الجديد الفرنسية)، قبل أن يختم حديثه بالقول أنه "بعد انسحاب الحشود الشعبية، نسجل هيمنة الصوت المطالب بحقوق الإنسان المعزول والمتحرر من المجتمع ومن المصير المشترك..".