رافضين النزوح القسري جنوبا رغم القصف والتقتيل والتجويع
مليون فلسطيني يواصلون الصمود في غزة

- 121

لا يزال أكثر من مليون فلسطيني متجذّرين في مدينة غزة وشمالها متمسّكين بأرضهم وبيوتهم، رافضين بشكل قاطع النزوح نحو الجنوب رغم وحشية القصف وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في إطار تنفيذ جريمة التهجير القسري الدائم المنافية لكافة القوانين والمواثيق الدولية.
يبلغ عدد سكان مدينة غزة وشمالها أكثر من 1.3 مليون نسمة من بينهم نحو 398 ألف من سكان محافظة شمال غزة، وقد نزح غالبيتهم قسرا إلى غرب المحافظة، إضافة إلى أكثر من 914 ألف من سكان محافظة غزة، من بينهم ما يقارب 350 ألف اضطروا للنزوح من الأحياء الشرقية للمدينة باتجاه وسطها وغربها.
ورصدت الطواقم الحكومية في القطاع خلال الأيام الماضية تصاعد حركة النزوح القسري من مدينة غزة باتجاه الجنوب نتيجة جرائم الاحتلال الوحشية، حيث اضطر ما يقارب 190 ألف مواطن لمغادرة منازلهم تحت وطأة القصف، في المقابل سجّلت أيضا حركة نزوح عكسي، حيث عاد أكثر من 15 ألف إلى مناطقهم الأصلية داخل مدينة غزة حتى ظهر أمس.
ووفقا لمعطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن منطقة المواصي في خانيونس ورفح، والتي تضم حاليا نحو 800 ألف نسمة وتروّج لها سلطات الاحتلال زورا كمناطق "إنسانية وآمنة"، تعرّضت لأكثر من 109 غارة جوية وقصف متكرر، خلفت أكثر من 2000 شهيد في مجازر متلاحقة ارتكبها جيش الاحتلال داخل المواصي نفسها.
وأكد نفس المصدر أنّ هذه المناطق، تفتقد بشكل كامل إلى مقومات الحياة الأساسية، فلا مستشفيات ولا بنية تحتية ولا خدمات ضرورية من ماء أو غذاء أو مأوى أو كهرباء أو تعليم، بما يجعل العيش فيها أقرب إلى المستحيل. أما المساحة التي خصّصها الاحتلال في خرائطه كمناطق "إيواء" فهي لا تتجاوز 12% فقط من مساحة قطاع غزة، ويحاول حشر أكثر من 1.7 مليون إنسان داخلها في إطار مخطط لإنشاء "معسكرات تركيز" ضمن سياسة التهجير القسري الممنهجة بهدف تفريغ شمال غزة ومدينة غزة من سكانهما في جريمة حرب مكتملة الأركان وجريمة ضد الإنسانية تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وفي ظل هذه المعطيات الصادمة، أدان المكتب الإعلامي بشدة استمرار جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري التي ينفذها الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، مستنكرا الصمت الدولي المعيب والتقاعس عن تحمل المسؤوليات القانونية والأخلاقية تجاه هذه الجرائم.
وحمل الاحتلال وحليفه الاستراتيجي الإدارة الأمريكية، إضافة إلى الدول المنخرطة في جرائم الإبادة، المسؤولية الكاملة عما يجري وما سيترتب عليه من تبعات قانونية دولية. كما طالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمحاكم والمؤسّسات القانونية الدولية بالتحرك الفوري والجاد لوقف هذه الجرائم ومحاسبة قادة الاحتلال أمام المحاكم المختصة وضمان حماية المدنيين وحقهم في البقاء على أرضهم بأمن وكرامة.
الاحتلال يعلن توسيع عمليته العسكرية البرية في مدينة غزة
وفي فصل جديد من فصول حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحق السكان وتعميق الكارثة الإنسانية في القطاع، أعلن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمس توسيع العملية العسكرية البرية في مدينة غزة التي تشهد منذ أيام تصعيدا صهيونيا همجيا غير مسبوق.
وعلى إثر هذا التصعيد الخطير، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أنّ هذه الجرائم، التي تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية، تجري تحت غطاء سياسي وعسكري مكشوف من الإدارة الأمريكية، التي تتحمّل المسؤولية الكاملة عن نتائج هذا العدوان. وأضافت "نعتبرها شريكا أساسيا في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الجاري في غزة" .ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرارات ومواقف مسؤولة وحاسمة، تتوازى مع حجم هذه المجازر وإجبار الاحتلال الصهيوني على إنهاء هذه الحرب ورفع الحصار عن غزة.
كما دعت الدول العربية والإسلامية وشعوب العالم أجمع، إلى تحمّل مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية والإنسانية تجاه غزة وشعبها الذي يُباد والإسراع في كبح سلوك نتنياهو وحكومته الفاشية، والتصدّي لمخططاتهم التوسّعية المُعلَنة، التي تستهدف فلسطين والمنطقة برمتها. من جانبه، أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة أصبحت "أكثر خطورة"، محذرا مجددا من أن تصعيد الاحتلال الصهيوني لعدوانه، خاصة في مدينة غزة، يفاقم من معاناة المدنيين الفلسطينيين.
لجنة أممية تؤكد ارتكاب الاحتلال الإبادة الجماعية
تورك يطالب بوقف المذبحة الصهيونية في غزة
طالب المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، بضرورة وقف "المذبحة" التي تقترفها قوات الاحتلال الصهيونية على مدار عامين كاملين في قطاع غزة الذي تحوّل، تحت وقع قصف مكثف لا يتوقف وعمليات عسكرية برية لا تفرق بين المدني والعسكري، إلى أرض غير صالحة للعيش وقد حوّلتها آلة الدمار الإسرائيلية إلى "مقبرة" ضخمة يرقد في ترابها قرابة 65 ألف شهيد.
أقر فولكر تورك في تصريحات صحافية، أمس، لوسائل إعلام دولية بوجود أدلة متصاعدة عن وقوع "إبادة"، مشيرا إلى أنّ "العالم كله يصرخ من أجل السلام، الفلسطينيين والإسرائيليين يصرخون من أجل السلام والجميع يريد أن يتوقف كل هذا، وما نراه تصعيد مستمر غير مقبول تماما". وقال إنه "من الضروري جدا أن تتوقف هذه المذبحة.. نحن نشهد تراكما لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وربما أكثر من ذلك".
وإذ يرى المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان أنه "يتعين على المحكمة أن تقرّر ما إذا كانت هذه إبادة جماعية أم لا، ونحن نرى أدلة متزايدة على ذلك"، فإن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، أكدت أمس أن الاحتلال الصهيوني يرتكب إبادة جماعية في غزة.
وأصدرت في إطار الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرا حول الوضع الراهن في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، خلص إلى أن الكيان الصهيوني ارتكب في غزة 4 من أصل 5 أفعال إبادة جماعية محدّدة في "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
كما أكدت اللجنة الأممية في تحقيقها على أن كبار من يسمون "مسؤولين" لدى الكيان الصهيوني حرضوا على ارتكاب عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 على غرار رئيس وزراء بنيامين نتنياهو. ودعت جميع الدول إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي لإنهاء هذه الإبادة الجماعية ومعاقبة المسؤولين عنها إلى جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات التي توصلت إلى نفس النتيجة.
وقالت رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة والقاضية السابقة في المحكمة الجنائية الدولية، نافي بيلاي، إنّ "إبادة جماعية تحدث في غزة"، مضيفة أن المسؤولية عن هذه الجرائم المروعة تقع على عاتق الكيان الصهيوني في أعلى المستويات التي قادت حملة إبادة جماعية منذ ما يقرب من عامين بهدف محدّد هو القضاء على الفلسطينيين في غزة.
وكالعادة، لم ترق الحقيقة التي أصبح الجميع على دراية بها من أنّ إسرائيل ترتكب الإبادة في غزة، لمسؤولي الاحتلال الصهيوني الذين راحوا يهاجمون لجنة التحقيق الأممية بزعم أنّ ما تضمنه تحقيقها مبني على أكاذيب وأكثر من ذلك طالبوا بلا حرج بحلها.
والحقيقة أن دائرة الإدانة تتسع أكثر فأكثر من حول الكيان الصهيوني لارتكابه الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري في حق أمن أبناء الشعب الفلسطيني الذين يعيشون الأمرين، خاصة في قطاع غزة، من خلال احتلال جائر وقصف مكثف يرافقه حصار مطبق رمى بأكثر من مليون و400 ألف نسمة على هاوية المجاعة.
حذّرت من أي اعتداء عليه
16 دولة تعلن دعمها لـ"أسطول الصمود العالمي"
أعرب وزراء خارجية 16 دولة، في بيان مشترك أمس، عن قلقهم إزاء أمن "أسطول الصمود العالمي" المتوجه إلى قطاع غزة، محذّرين من أن أي اعتداء عليه "سيؤدي إلى المساءلة".
أوضح بيان مشترك لكل من تركيا، قطر، سلطنة عمان، سلوفينيا، جنوب إفريقيا، إسبانيا، بنغلاديش، البرازيل، كولومبيا، إندونيسيا، أيرلندا، ليبيا، ماليزيا، جزر المالديف، المكسيك وباكستان، أن هدف الأسطول يكمن في إيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة ورفع مستوى الوعي بالاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب الفلسطيني، إلى جانب الدعوة لوقف العدوان الصهيوني على غزة. وأكد أن هذه الأهداف تتطابق مع مواقف الحكومات الموقعة، إضافة إلى تمسّكها بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي.
ودعا وزراء خارجية الدول الموقعة على البيان إلى "الامتناع عن أي أعمال غير قانونية أو عنيفة ضد الأسطول"، مشدّدين على "ضرورة احترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي". كما ذكر بأن أي انتهاك للقانون الدولي أو حقوق الإنسان الخاصة بالمشاركين في الأسطول، بما في ذلك الهجمات على السفن في المياه الدولية أو عمليات الاحتجاز غير المشروعة، "سيؤدي إلى المساءلة".
وكان خبراء الأمم المتحدة، قد أعلنوا الأسبوع الماضي، عن تضامنهم مع أسطول الصمود العالمي الذي تعرض لعدوان صهيوني، مطالبين بوقف جميع التهديدات بإلحاق الأذى بالأسطول العالمي وضمان استمراره في مهمته لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة دون عوائق. ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية وحركة غزة العالمية وقافلة الصمود ومنظمة "صمود نوسانتارا" الماليزية.
وغادرت السفن الأولى للأسطول العالمي مدينة برشلونة الإسبانية في 31 أوت الماضي وانضمت إليها لاحقا سفن من تونس وليبيا وإيطاليا. وانتهت محاولات سابقة مماثلة دون نتائج ملموسة، في جوان الماضي، اعترضت قوات الاحتلال الصهيوني سفينة تقل نشطاء كانوا يحاولون اختراق الحصار المفروض على قطاع غزة.
قالت إنه "انتهاك صادم" للقانون الدولي
مجلس حقوق الإنسان الأممي يدين العدوان الصهيوني على قطر
وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أمس، من مدينة جنيف السويسرية العدوان الصهيوني على قطر بأنه "انتهاك صادم" للقانون الدولي واعتداء على السلام والاستقرار الإقليميين.
قال تورك أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في افتتاح جلسة طارئة بشأن العدوان الصهيوني على قطر، أنّ هذا الهجوم الذي استهدف مقرات سكنية لقيادات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في العاصمة الدوحة في التاسع سبتمبر الجاري هو "انتهاك صادم للقانون الدولي واعتداء على السلام والاستقرار الإقليميين وضربة ضد نزاهة عمليات الوساطة والتفاوض في كل أنحاء العالم". من جانبها دعت قطر مجلس حقوق الإنسان إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة الكيان الصهيوني على استهدافه الدوحة، والذي يمثل تهديدا مباشرا للاستقرار الإقليمي.
كما أدانت المجموعة العربية بمجلس حقوق الإنسان الأممي بـ«أشد العبارات" اعتداء الكيان الصهيوني على قطر. وأكد ممثل الجزائر الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، رشيد بلادهان، الذي تحدث باسم المجموعة العربية، أنّ إقدام الاحتلال على الاعتداء على الدوحة "يشكل جريمة نكراء سيسجلها التاريخ في سجله المليء بالجرائم والانتهاكات ويمثل خرقا جسيما لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية".
وأدانت المجموعة العربية بـ«أشد العبارات هذا الاعتداء السافر، والذي سبقته اعتداءات أخرى على دول عربية ذات سيادة كما هو الحال في سوريا ولبنان واليمن"، محذّرة من "مغبة هذا التصعيد الذي سيزج بالمنطقة في دوامة من الفوضى ويهدّد أمنها واستقرارها". وفي نفس السياق، أعربت المجموعة عن "قلقها البالغ إزاء استهداف دولة وسيط تسعى للسلام في أمر يقوض جهود الوساطة الرامية إلى إنهاء إراقة الدماء في غزة ويشكل انتهاكا صارخا للمواثيق والأعراف الدولية".
وأكدت "تضامنها الكامل مع دولة قطر الشقيقة وحرصها على ضمان أمنها وسلامة مواطنيها"، لافتة النظر إلى أن "منطق الحرب الذي يسعى الاحتلال إلى فرضه في المنطقة إنما شجعه إفلاته من المساءلة والمحاسبة"، داعية المجتمع الدولي إلى "التحرّك العاجل من أجل وضع حدّ لهذه الانتهاكات وفرض احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية". وانعقدت الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان، أمس، استجابة لطلبين رسميين تمّ تقديمهما الأربعاء الماضي من قبل باكستان نيابة عن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والكويت نيابة عن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع العلم أن هذه الجلسة الطارئة تعد العاشرة التي تعقد منذ إنشاء مجلس حقوق الإنسان عام 2006.