بين انتهاكات يندى لها الجبين ومضايقات مستمرة لتكميم الأفواه

معاناة الصحراويين في المدن المحتلة على لسان أهلها

معاناة الصحراويين في المدن المحتلة على لسان أهلها
  • 734
ص. محمديوة ص. محمديوة

شهدت الاحتفالات المزدوجة المخلدة لخمسينية تأسيس جبهة البوليزاريو واندلاع الكفاح المسلح، التي احتضن فعاليتها مخيم أوسرد للاجئين الصحراويين على مدار اليومين الماضيين، حضور وفد صحراوي قدم من الأراضي المحتلة، ضمّ معتقلين سابقين وحقوقيين ومناضلين وطالب جامعي، ومنهم من يزور مخيمات اللجوء للمرة الأولى.

نقل الوفد الذي ضم ثمانية أفراد وتحدى عراقيل سلطات الاحتلال المغربي لتنغيص عليهم رحلتهم إلى مخيمات اللاجئين، نقطة من بحر من المعاناة اليومية التي يكابدها أبناء الشعب الصحراوي في المناطق المحتلة خاصة الطلبة والمعتقلين منهم.

وقدم الطالب، خالد الكتيف، في جامعة محمد الخامس بالرباط، في دردشة مع  "المساء" شهادة حية عن معاناة الطلبة الصحراويين في الجامعات المغربية وما يتعرضون له من تحريض من زملائهم المغربيين وتمييز عنصري وصل حد تنفيد اغتيالات داخل الجامعات".

وهي حالة الطالب، عبد الرحيم بدري، الذي تم اغتياله داخل حرم كلية الأدب بجامعة أغادير، حيث أكد الطالب الكتيف أنه لحد الساعة لم يتم محاكمة القتلة وهم مرتزقة ليس لديهم أي صفة طالب لكنهم يتجولون في الجامعة ويسعون لزرع الفتن بين الطلبة.

وبنفس الأسلوب، تم اغتيال الطالب، عدنان الرحالي، الذي تم رميه جثه هامدة في الحي الجامعي بأغادير. مثله  مثل الطالبين بابا خية الذي تم اغتياله عام 2008 ومعه زميله حسين لكتيف في حادثة سير مفبركة.

ليس ذلك فقط..  فقد لجأت سلطات الاحتلال إلى أسلوب تلفيق التهم للطلبة الصحراويين لتشويه صورتهم والترويج على أنهم مجرمون مثل حالة المعتقل، محمد العيشي، الذي وجد نفسه متهما في قضية تتعلق بحيازته 23 قطعة من السلاح الأبيض.

ومن الانتهاكات التي يتعرض لها الطلبة الصحراويون ومنهم  بالأخصالناشطون السياسيون والحقوقيون، اعتقالهم بتهم مختلفة وإصدار أحكام قاسية عليهم، والتي كان آخرها مجموعة الوالي التي تضم 16 طالبا تم الحكم عليهم ما بين  12سنة و10 سنوات سجنا إلى ثلاث سنوات.

وتتواصل المضايقات ضد الطلبة من خلال فرض شروط تكاد تكون تعجيزية، منها كما أوضح نفس الطالب، فرض الحصول على بطاقة الإقامة في الرباط والتحجج بعدم قبول الطلبة خارج المدينة.

وفي شهادته حول معاناته في غياهب السجون المغربية، عاد المعتقل السياسي الصحراوي، يحي محمد حافظ عزة، إلى ظروف اعتقاله الذي دام 15 سنة كاملة جعلته ثاني أقدم معتقل سياسي صحراوي.

وليحيى محمد حافظ عزة الخارج لتوّه من السجن، حكايته التي كان أكثر فصل مؤلم فيها أنه لم يحضن ابنته، التي تركها في سن الخامسة عندما اعتقل لأول مرة بسبب مواقفه المدافعة عن حقّ أبناء جلدته في تقرير المصير، ألا وهي بنت 20 ربيعا في لقاء حار جرى على أرض الجزائر.

وعاد المعتقل الصحراوي بذاكرته إلى سنوات الاعتقال التي تنقل فيها بين سجون المغرب والتي كانت تبعد عن منزله العائلي بنحو ألف كلم في مسافة أكد أنها ترهق عائلات المعتقلين من أبناء الشعب الصحراوي الذين يكابدون مشقة السفر لزيارة أبنائهم المعتقلين لكنهم يصطدمون بالإجراءات المجحفة لإدارة السجون التي تمنع الزيارة عنهم.

وعرض حافظ عزة بعض أساليب التعذيب التي ينتهجها السجانين وخاصة النفسية منها على غرار الحبس الانفرادي لمدد طويلة وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الزيارة والمكالمات الهاتفية والقراءة وغيرها. وأيضا الجسدية التي يخجل حتى العقل البشري من تصوّرها. وهو ما جعله يصف المغرب بأنها دولة محتلة لا تحترم حقوق الإنسان، فكيف لها أن تحترم حقوق سجناء الرأي الذين تلفق لهم تهم تضعهم في خانة متهمي "الحق العام" وتصدر ضدهم أحكام جد قاسية فقط من أجل تكميم أفواههم وترهيبهم.

مثل الحافظ عزة كثيرون، أصبحوا أيقونات في كفاح الشعب الصحراوي على غرار الناشطة، سكينة جدهلو، التي زارت لأول مرة مخيمات اللاجئين وعايشت نفس الانتهاكات في المعتقلات المغربية.

لكن ورغم كل هذه المضايقات والانتهاكات التي يتعرض لها أبناء الشعب الصحراوي، فإن ذلك لم يكسر عزيمتهم وإصرارهم علي مواصلة كفاحهم وتحديهم لآلة القمع المغربية التي، وبكل تأكيد، لن تترك أمثال يحي الحافظ عزة وسكينة جدهلو وخالد الكتيف في حال سبيلهم عند عودتهم للأراضي المحتلة. وهو مصير محتوم يدركه هؤلاء المصرّون على الصمود من أجل إثبات حقيقة وجود شعب يتطلع إلى الحرية والاستقلال واسترجاع وطنه المسلوب.