لإعادة الحياة تدريجيا إلى قطاع غزة المدمر

مطالب برفع الحصار والفتح الفوري للمعابر

مطالب برفع الحصار والفتح الفوري للمعابر
  • 115
ص. م ص. م

في اليوم الثاني من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة، تقاطعت مختلف المطالب والدعوات على ضرورة تعزيز المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الدعم الميداني وتوفير الإمدادات اللوجستية العاجلة لتمكين المؤسسات من مواصلة عملها، وذلك من خلال رفع الحصار والفتح الفوري لجميع المعابر دون قيود سياسية.

وهي المطالب التي رفعتها سلطات قطاع غزة، أمس، بعدما أكدت الطواقم الحكومية أنها ستواصل العمل بكل طاقاتها من أجل تخفيف معاناة المواطنين وتأمين احتياجاتهم وإعادة بناء ما دمره العدوان الصهيوني، خاصة وأن 500 ألف نازح عادوا إلى شمال القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار منتصف نهار الجمعة.

وقد أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المرحلة الراهنة تتطلب أقصى درجات الانضباط الوطني والمسؤولية المجتمعية، مشيرا إلى أن الاستجابة للتعليمات الحكومية هي السبيل الأسرع لتسريع جهود الإغاثة والإيواء واستعادة الخدمات الأساسية.

وأوضح بأن الطواقم والوزارات الحكومية تنفذ أكثر من 5000 مهمة خلال 24 ساعة الماضية في مختلف محافظات القطاع غزة ضمن خطة طوارئ شاملة تهدف إلى إعادة الحياة تدريجيا إلى هذا الجزء المدمر من الأرض الفلسطينية المحتلة. ونفس المطالب رفعها أيضا برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي حث الكيان الصهيوني بالإسراع في السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بعد سريان وقف إطلاق النار في القطاع. وقال ممثل البرنامج في ألمانيا والنمسا وليختنشتاين، مارتن فريك، إنّ "هذه اللحظة مهمة للغاية لشعب غزة"، مؤكدا أن "وقف إطلاق النار يجب أن يتيح فتح المعابر الحدودية بشكل آمن ويوفر ضمانات لنقل المساعدات دون عراقيل". 

وأوضح فريك أن نحو 60 ألف طن من المواد الغذائية جاهزة للدخول إلى القطاع، في حين أن 100 ألف طن إضافية في طريقها إلى المعابر في كميات تكفي لتغطية احتياجات سكان غزة من الغذاء لمدة ثلاثة أشهر تقريبا شريطة أن يكون الوصول آمنا وموثوقا. وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أكدت أن لديها ما يكفي من الإمدادات لملء ستة آلاف شاحنة وهي جاهزة لدخول قطاع غزة.

أما منظمة الصحة العالمية، فقد أكدت على ضرورة استئناف عمليات الإجلاء الطبي العاجلة من قطاع غزة. ودعا المتحدث باسمها، كريستيان ليندماير، إلى فتح "جميع المعابر الممكنة" دون عوائق أمام المساعدات، مؤكدا ضرورة استئناف عمليات الإجلاء الطبي العاجلة من غزة إلى الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وتوفير تمويل مرن "لدعم جهود التعافي".

ومع بزوغ فجر يوم جديد في قطاع غزة دون سماع ازيز الطائرات الحربية ودوي المتفجرات، أعلنت مصادر في وزارة الصحة بأن الفرق الطبية وفرق الدفاع المدني تمكّنت من انتشال جثامين 116 شهيد ونقلتها إلى المستشفيات عقب انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من بعض المناطق في القطاع فيما لا تزال الفرق الميدانية تعمل لانتشال عشرات الجثامين الأخرى من تحت ركام المنازل والطرقات.

وأفادت المصادر بأن العدد الأكبر من الجثامين تم انتشاله من مدينة غزة حيث بلغ نحو 80 جثمانا تمكنت فرق الدفاع المدني من الوصول إليهم في أحياء الزيتون والصبرة وتل الهوا والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ وقرب محور" نتساريم". وأشارت إلى أن الأعداد في تزايد نظرا لكثافة عمليات القصف والغارات على المنازل في مدينة غزة خلال الأسبوع الأخير من عملية جيش الاحتلال في المدينة وعدم تمكن الدفاع المدني من الوصول للأماكن المستهدفة ووجود عائلات وشهداء في المنازل المقصوفة لم تتوفر معلومات عنهم حتى اللحظة.


 بيان مشترك بين "حماس" والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية

تحقيق مطالب الفلسطينيين في أي ترتيبات أولوية

أكدت كل من حركتي المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي، إضافة إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن الوفد الفلسطيني المفاوض وضع نصب عينيه مطالب أبناء الشعب الفلسطيني بوقف حرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة المنكوب.

وأوضحت القوى الثلاث في بيان مشترك، أمس، أن الوفد الفلسطيني المفاوض توصل حتى الآن إلى اتفاق لتطبيق المرحلة الأولى من هذا المسار في خطوة وصفتها بالجوهرية نحو المطلب الملح للشعب الفلسطيني في الوقف النهائي للحرب الإجرامية وإنهاء العدوان على غزة وانسحاب الاحتلال ورفع الحصار.

 واعتبرت القوى الثلاث أن ما تمّ التوصل إليه من اتفاق لوقف إطلاق النار، والذي تم تحت إشراف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فشل سياسي وأمني لمخططات الاحتلال وكسر أهدافه في فرض التهجير والاقتلاع وهو تحقيق جزئي لإنهاء معاناة الفلسطينيين وتحرير المئات من أسيراتنا وأسرانا الأبطال من سجون الاحتلال. وقالت إنها "خطوة تُعبر عن صلابة المقاومة ووحدة الموقف الوطني وإصرار شعبنا على نيل حريته وكرامته".

وأضافت أنها حيث خاضت هذا المسار التفاوضي في ظل حرب الإبادة كانت أعينها شاخصة نحو معاناة شعبها الذي يواجه أهوالا غير مسبوقة من القتل والدمار والإبادة والتجويع، مؤكدة تعاملها بمقتضى المسؤولية الوطنية العالية، رغم حجم الانحياز لمصلحة المحتل، من أجل فتح أفق جديد للحياة في غزة وللشعب الفلسطيني الصامد المُتجذر فيها. ولفتت إلى  المسار التفاوضي وآلية تنفيذ الاتفاق لا يزلان بحاجة إلى يقظة وطنية عالية ومتابعة دقيقة على مدار الساعة، لضمان نجاح هذه المرحلة، مشدّدة على مواصلة العمل بمسؤولية عالية مع الوسطاء لضمان إلزام الاحتلال بما يحمي حقوق الشعب الفلسطيني وينهي معاناته.

وأشارت الحركات الثلاث إلى أنها بذلت جهودا كبيرة ومضنية لإطلاق سراح جميع الأسيرات والأسرى وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة، إلا أن الاحتلال، كعادته، أجهض إطلاق سراح عدد كبير مهم منهم. ورغم ذلك جاء في البيان "آثرنا المضي في تنفيذ الاتفاق بما يضمن وقف حرب الإبادة ضد شعبنا ومنع العدو من مواصلة الإبادة الجماعية". وعاهدت هذه القوى الفلسطينيين وعائلات الأسرى بأن قضية تحريرهم جميعا ستبقى على رأس جدول أولوياتها الوطنية ولن تتخلى عنهم أبدا، مباركة للشعب الفلسطينيين حرية ثلة من هؤلاء الأسرى.

ولأنها أكدت أن هذه المرحلة تُمثل فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي داخل قطاع غزة، من خلال دعم الأسر المتضررة وتأمين مقومات الحياة اليومية وتفعيل أطر التعاون بين الفصائل والمجتمع والمؤسّسات المحلية والدولية ذات الصلة بما يخلق بيئة صامدة وموحدة قادرة على مواجهة كل التحديات والحفاظ على الصمود، جدّدت نداءها من أجل تحقيق الوحدة والمسؤولية الوطنية، للشروع في مسار سياسي وطني موحد، مع جميع القوى والفصائل.

وكشفت بأنها تعمل بالتعاون مع جهود مصرية على عقد اجتماع وطني شامل عاجل من أجل الخطوة التالية بعد وقف إطلاق النار لتوحيد الموقف الفلسطيني وصياغة استراتيجية وطنية شاملة وإعادة بناء مؤسّساتنا الوطنية على أسس الشراكة والمصداقية والشفافية. كما شدّدت رفضها القاطع لأي وصاية أجنبية، مؤكدة أن تحديد شكل إدارة قطاع غزة وأسس عمل مؤسّساتها شأن فلسطيني داخلي يحدده مكوّنات الشعب الوطنية بشكل مشترك، مع الاستعداد للاستفادة من مشاركة عربية ودولية في مجالات الإعمار والتعافي ودعم التنمية، بما يعزز حياة كريمة لشعبنا ويحفظ حقوقه في أرضه.

 وفي هذه اللحظة الحاسمة، أكد البيان تمسك القوى الثلاث الثابت بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه مقدساته وكرامته وإصرارها على مواصلة المقاومة بكل أشكالها حتى تحقيق حقوقها كاملة وعلى رأسها إزالة الاحتلال وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. وتضمن البيان رسالة شكر وعرفان وإشادة بكل الجهود الحثيثة التي بدلتها سواء دول أو أطراف وخاصة الحركة التضامنية العالمية التي وقفت إلى جانب غزة وهتفت بأعلى صوتها ضد حرب الإبادة الصهيونية.


وقف إطلاق النّار في غزّة

وثيقة تكشف الخطوات التنفيذية للاتفاق 

كشفت وثيقة نشرتها وسائل إعلام دولية، الخطوات التنفيذية لاتفاق وقف إطلاق النّار في قطاع غزّة المتواصل إليه الخميس الأخير، برعاية أمريكية ودولية وبمشاركة مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة.

وتنص الوثيقة على أن تتوقف الحرب خلال 72 ساعة من موافقة الطرفين الفلسطيني والصهيوني، لتبدأ بعدها عملية إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وفق ما ورد في اتفاق 19 جانفي 2025. وبموجب الاتفاق تبدأ قوات الاحتلال انسحابا تدريجيا من محيط قطاع غزّة، مقابل التزام حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بتقديم معلومات عن الأسرى الإسرائيليين وتسليمهم أحياء وأمواتا خلال 72 ساعة من بدء تنفيذ التفاهمات، فيما تقدم إسرائيل في المقابل معلومات عن الأسرى الفلسطينيين لديها.

كما نص على تشكيل آلية لتبادل المعلومات بين الطرفين عبر الوسطاء والصليب الأحمر، وإدخال ما لا يقل عن 600 شاحنة يوميا إلى قطاع غزّة، تضم مساعدات إنسانية وبضائع ووقودا وغازا، على أن يتم توزيعها بإشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، مع ضمان حرية حركة الشاحنات عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين. وتؤكد البنود الأولوية لإدخال الأغذية والمستلزمات الطبية ومستلزمات الإيواء، إلى جانب بدء إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي وترميم المستشفيات والمخابز والطرق. كما يتضمن الاتفاق تشغيل معبر رفح في الاتجاهين والتنسيق لإعادة تشغيل محطة توليد الكهرباء وتزويدها بالوقود، إلى جانب إقامة مخيمات إضافية للنّازحين وتوفير احتياجاتهم الأساسية. وتُنشأ بموجبه "لجنة متابعة مشتركة" تضم مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة وحماس وإسرائيل لمراقبة تنفيذ البنود كافة بما في ذلك تسليم الأسرى.

ويشير الاتفاق إلى أن عمليات التسليم ستجري بهدوء تام دون أي مظاهر إعلامية أو احتفالية، على أن تبدأ خلال فترة محددة من اليوم وحتى صباح الغد، وتتحرك بعدها قوافل الأسرى من الجانبين فور استكمال الإجراءات المطلوبة.

وتنص هذه المرحلة على وقف شامل لإطلاق النّار وانسحابات إسرائيلية جزئية وتبادل للأسرى، إضافة إلى فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية. وبعد عامين كاملين من حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، دخل وقف إطلاق النّار حيّز التنفيذ صباح الجمعة الماضي، مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحاب قواته نحو الخط الأصفر وفق ما نصّ عليه الاتفاق الذي وافقت عليه حكومة الاحتلال ليلة الخميس إلى الجمعة. وتوجه مئات آلاف النّازحين نحو شمال قطاع غزّة بعدما أعلن جيش الاحتلال الصهيوني بدء وقف إطلاق النّار في الساعة 12 ظهرا بالتوقيت المحلي، معلنا السماح بالتوجه نحو مدينة غزّة وشمال القطاع عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين.

وجاء وقف إطلاق النّار ضمن اتفاق سياسي شامل رعته الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، ويمثل المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء حرب مسعورة أتت على الأخضر واليابس في بقعة جغرافية صغيرة من أرض فلسطين المحتلّة بحصيلة ضحايا مروّعة تخطت عتبة 67 ألف شهيد.