مأزق فرنسا في مستنقع منطقة الساحل

مشاكل متعاظمة ومخارج منعدمة...

مشاكل متعاظمة ومخارج منعدمة...
  • القراءات: 558
ق. د ق. د

استنكر رئيس هيئة أركان الجيوش الفرنسية الجنرال، فرانسوا لوكونتر، أمس، ما سماها بموجة التحامل على قوات بلاده في مالي ضمن عملية "بارخان"، في رد على  تحقيق أممي أكد تورط هذه القوة في مقتل 19 مدنيا ماليا كانوا يشاركون في حفل زفاف وسط مالي، بزعم أنهم عناصر إرهابية.

وقال لوكوانتر في حديث لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أمس، أن قوة بلاده في مالي تتعرض لحملة تشويه تستهدف شرعية تواجدها في دولة مالي وكل منطقة الساحل. وقال المسؤول العسكري الفرنسي، في تعليق على مضمون تقرير بعثة الأمم المتحدة في مالي "مينوسما" حول تلك الحادثة أن أخطاء تقرير مديرية حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة  انطلق من معلومات غير دقيقة. وخلص تحقيق خبراء أمميين في مالي إلى التأكيد أن الضربة الجوية التي نفذتها طائرات حربية فرنسية، استهدفت مدنيين ماليين كانوا يشاركون في حفل زفاف في وسط مالي في دحض لما زعمته قيادة قوة "بارخان" التي أكدت وتمسكت بالقول إن القصف الجوي لطائراتها، استهدف عناصر جماعة إرهابية مسلحة من 30  عنصرا مسلحا في منطقة بونتي في وسط مالي.

وحاول الجنرال لوكوانتر إظهار قوات بلاده بمظهر الضحية في هذه العملية وقال إنه لا يستبعد تكرار هذه الاتهامات لاحقا بهدف عرقلة عملياتنا العسكرية وتشويه صورة القوات الفرنسية في منطقة الساحل وتأليب السكان المحليين ضدها. وعرفت بلدان منطقة الساحل تنظيم مسيرات رافضة لتواجد القوة الفرنسية التي رأوا فيها على احتلال غير مباشر لبلدانهم وأن استعمال ورقة محاربة الإرهاب لم يكن سوى  مظلة لإبقاء دول الساحل تحت السيطرة الفرنسية وطالبوا برحيلها. كما اتهموا القوة الفرنسية بالفشل في مهمة محاربة العناصر المسلحة في المنطقة بدليل تزايد هذه التنظيمات منذ أول عملية عسكرية لفرنسا في مالي سنة 2012 والأكثر من ذلك تصاعد خطر هذه التنظيمات على أمن دول المنطقة وشعوبها رغم مرور أكثر من ثماني سنوات من نشر القوات الفرنسية في مالي قبل توسع نطاق عملياتها إلى دول الساحل الأخرى.

ووجدت فرنسا نفسها، بعد كل هذه المدة ورغم مضاعفة تعداد قواتها إلى أكثر من 5100 عسكري، في مستقنع حقيقي احتارت بسببه في كيفية التعامل مع وضع متفاقم وهو ما جعلها تتحرك على كل الجبهات في محاولة لإشراك دول أوروبية أخرى في مسعاها العسكري، بدعوى أنها لن  تتحمل عبء الدفاع عن الأمن الأوروبي لوحدها،  رغم أنها كانت المبادرة بأول عملية عسكرية في مالي دون استشارة حلفائها الأوروبيين ولكنها عندما وجدت نفسها في طريق مسدود وتعالي أصوات حتى في فرنسا بضرورة الخروج من المأزق المالي أطلقت عملية "تاكوبا" العسكرية التي حظيت بدعم محتشم من دول مثل استونيا والسويد والتشيك وإيطاليا التي تعهدت بتقديم دعم لوجيستي دون إقحام قواتها في ساحة المعركة.

وهو ما جعل قائد الجيوش الفرنسية الجنرال، لوكوانتر يحث دول الأوروبية بعمل مشترك في منطقة الساحل  وإلا فإن المنطقة ستعرف انهيار كبيرا مع مخاطر ذلك على تنامي الهجرة السرية التي ستغرق أوروبا والتي سيكون من الصعب احتوائها بما قد يزعزع استقرار الدول الاوروبية. وقال لوكوانتر إن نشر قوة أوروبية وحده الكفيل بوضع حد لاتهام فرنسا بمحاولة فرض استعمار دول المنطقة من جديد وكذا مساعدتها في اقتسام عبء الحرب في هذه المنطقة.