البشير يلتقي سليفا كير بالعاصمة جوبا

مخاوف سودانية من تداعيات الحرب

مخاوف سودانية من تداعيات الحرب
  • القراءات: 1186
م/مرشدي م/مرشدي

التقى الرئيسان السوداني الجنوبي سيلفا كير بنظيره السوداني عمر البشير، بالعاصمة جوبا في قمة فرضتها التطورات الدامية التي تعرفها الجارة الجنوبية منذ منتصف الشهر الماضي.واضطر فرقاء الأمس إلى طيّ صفحة خلافاتهم بعد أن استفحل الوضع العسكري على حدود البلدين؛ حيث توجد أغنى محافظات جنوب السودان بالنفط، والتي تمر نسبة كبيرة من إنتاجها باتجاه الشمال في طريقها إلى الأسواق العالمية.

ولكن ما الذي حمله الرئيس السوداني في حقيبته إلى جوبا؟ وما الذي بإمكانه فعله لإطفاء نار الحرب في بلد عرف ميلاده قبل عامين ونصف العام، ولكنه اصطدم بواقع آخر بمجرد أن نال استقلاله عن دولة السودان الأم في جويلية 2011؟

وهل زيارة عمر حسن البشير إلى جوبا جاءت من أجل القيام بوساطة بين سيلفا كير وريك ماشار؛ بحكم العلاقات التي يقيمها مع هاتين الشخصيتين المحوريتين على إنهاء حمّام الدم المراق في هذه الدولة، التي تعتبرها الخرطوم عمقا استراتيجيا لها رغم ما حدث بينهما من شحناء وصراع؟

وإذا كانت الزيارة احتفظت بكل أسرارها بعد أن رفض الرئيس السوداني الإدلاء بأي تصريح لدى وصوله إلى مطار العاصمة جوبا، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن الخرطوم استشعرت خطورة استفحال الوضع في جارتها الجنوبية، خاصة أنها كانت تعتقد في البداية أن الأمر لا يعدو أن يكون خلافات ظرفية لا يلبث الفرقاء في احتوائها في إطارها السياسي.

فالبلَدان مازالا مرتبطين عضويّا رغم استقلال الجنوب بحكم العلاقات الإنسانية بين مجتمعي البلدين، وأيضا بسبب الخلافات التي مازالت قائمة بينهما وتنتظر الحسم، بالإضافة إلى تخوفات سودانية شمالية من نزوح كبير للسكان باتجاه الشمال، وتدهور الوضع الأمني في حدوده الجنوبية.

ولكن العلاقات بين الخرطوم وجوبا أعمق إذا أخذنا بدرجة الارتباط القائم بينهما في المجال الاقتصادي؛ حيث يمر نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية إلى موانئ الشمال لتصديرها، وهو ما يمكّن الخرطوم من الاستفادة من عائداته والرسوم التي تجنيها من مروره.

وجعلت متانة هذه العلاقات الناطق باسم الحكومة السودانية، يؤكد على درجة الانشغال التي أصبحت تبديه بلاده تجاه الوضع في دولة الجنوب، وعبّر عن أمله في أن يتواصل مسار المفاوضات بين الإخوة ـ الأعداء الجنوبيين وإيجاد تسوية سلمية لخلافاتهم.

ويبدو أن تأخر انطلاق المفاوضات وتواصل المعارك بأكثر ضراوة خلال الأيام الأخيرة، هو الذي جعل الرئيس عمر البشير يتوجه إلى جوبا من أجل الاطّلاع على الوضع عن كثب ومعرفة حقيقة ما يجري.

ولم يُخف وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عصمان مخاوف الخرطوم في حال استمر الانزلاق العسكري، وقال إن بلاده تخشى بلوغ المعارك إلى الحقول النفطية في محافظات شمال البلاد الغنية بهذه المادة الاستراتيجية.

ولم يخطئ المسؤول السوداني في توقعاته في ظل المعارك التي بلغت محافظتي جونغلي والنيل الأعلى في شمال شرق السودان الجنوبي.

وهي نفسها المحافظات التي عرفت أعنف المواجهات بين جيشي البلدين سنة 2012 و2013؛ بسبب خلافات حادة بينهما حول السيادة على المحافظات الحدودية بسبب رائحة النفط.

ولأن اندلاع حرب مفتوحة بين البلدين كانت ستكون كارثية على البلدين، فقد اقتنع الرئيسان البشير وكير بضرورة الجلوس إلى الطاولة، وهو ما حدث شهر سبتمبر الماضي، واتفقا على تجسيد اتفاقيات أمنية واقتصادية بينهما.

وهو أيضا ما لا تريد الخرطوم حدوثه الآن بين فرقاء الجنوب، وما يفسّر حرصها على توقف المعارك اليوم قبل الغد، وتغليب خيار المفاوضات كآخر حل لهذا النزاع المسلح.

ويبدو أن جلوس الفرقاء أمس إلى الطاولة بالعاصمة الإثيوبية قلّل من درجة المخاوف السودانية ولكن إلى حين فقط؛ على اعتبار أن المفاوضات مازالت في بدايتها، والحكم على نتائجها سابق لأوانه.