تصعيد إرهابي خطير في منطقة الساحل

محدودية الوسائل ترهن نجاح إستراتجية القضاء عليه

محدودية الوسائل ترهن نجاح إستراتجية القضاء عليه
  • القراءات: 798
م/ مرشدي م/ مرشدي

شكّل توالي العمليات الإرهابية التي ضربت بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا خلال الأيام الأخيرة، ناقوس إنذار حقيقي لكل دول منطقة الساحل وحتى القوى الكبرى التي بدأت تستشعر خطر الصعود المتنامي لقوة التنظيمات الإرهابية التي تنشط في هذه المنطقة الشاسعة.

وكانت التفجيرات الانتحارية الثلاثة التي هزت مدينة مايدوغرو عاصمة محافظة بورنو في شمال شرق نيجيريا، ليلة الثلاثاء الى الأربعاء، وخلّفت مصرع 28 شخصا وقرابة مائة مصاب بمثابة إنذار آخر أضيف إلى تلك التي شكلتها هجمات العاصمة البوركينابية ومدينة تومبوكتو المالية التي خلّفت هي الأخرى مصرع قرابة أربعين شخصا من بينهم عناصر من قوات حفظ السلام الأممية.

ويكمن خطر هذه العمليات في كونها جاءت بعد فترة هدوء حذر شهدته هذه الدول المنضوية في تحالف إقليمي لمحاربة التنظيمات الإرهابية الناشطة فيها.

وأكدت مصادر أمنية نيجيرية أمس، أن التفجيرات نفذتها ثلاث نسوة أقدمن على تفجير أنفسهن بأحزمة ناسفة كن يحملنها بمجرد وصولهنّ إلى مدخل مخيم للمرحلين وسوق شعبية.

وكانت حركة بوكو ـ حرام أقدمت في عملية إرهابية على نصب كمين لعمال شركة النفط النيجيرية نهاية الشهر الماضي، خلّف مقتل 70 من بينهم في أول هجوم تنفذه هذه الحركة الإرهابية بعد الضربات الموجعة التي تلقتها في محيط بحيرة تشاد بفضل الإستراتيجية الأمنية التي وضعتها الدول المطلّة عليها.

وتمكنت قوات هذه الدول من تحييد عشرات عناصر هذا التنظيم الذين اتخذوا من جزر البحيرة وبعض قراها النائية معاقل لهم وقواعد خلفية لتنفيذ عملياتهم ضد القوات النظامية لدول تشاد ونيجيريا والكاميرون وبوركينا فاسو وصولا إلى النيجر.

ولا يستبعد أن يكون هذا التصعيد الإرهابي في الدول الثلاثة رسالة باتجاه مجلس الأمن الدولي ودول المنطقة التي تسعى إلى الحصول على الضوء الأخضر من الهيئة الأممية لتشكيل قوة عسكرية قوامها خمسة آلاف رجل مهمتها القيام بعمليات نوعية ضد معاقل التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من شمال مالي والنيجر ومناطق شاسعة في نيجيريا وتشاد معاقل لها.

وتمكنت هذه التنظيمات من تعزيز قدراتها العسكرية بفضل عمليات التهريب الواسعة لمختلف أنواع الأسلحة القادمة من المستنقع الليبي، وتعداد عناصرها من خلال استقبال عشرات الإرهابيين الفارين من المستنقعين العراقي والسوري.

يذكر أن فرنسا ألقت بثقلها الدبلوماسي على مستوى مجلس الأمن الدولي، من أجل منح ترخيص «قانوني» لتشكيل مثل هذه القوة للتخفيف من أعباء عملية «بارخان» التي تشنّها في دول الساحل منذ سنة 2013، ولكنها فشلت في مهمة القضاء على التنظيمات الإرهابية بالنظر إلى افتقادها للتجربة الميدانية في مقارعة عناصر هذه التنظيمات بالإضافة إلى الميزانية الضخمة التي استدعتها.

وهو ما جعل الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، في أول زيارة له إلى الخارج قادته إلى مالي يحث دول المنطقة على التفكير جديا في مصادر لتمويل عمليات محاربة الإرهاب بقناعة أن بلاده ليست مطالبة بذلك.

وهي المعضلة التي فشلت الدبلوماسية الفرنسية في تحقيقها عبر الأمم المتحدة التي رفضت بضغط أمريكي تخصيص ميزانية للقوة الإفريقية الوليدة.

وهي أيضا المعضلة التي تواجهها دول الساحل التي تبقى من أفقر الدول في العالم، ولكنها تواجه أكبر عقبة في ضمان أمنها بسبب بروز الظاهرة الإرهابية كمتغير في واقع الحال في منطقة تزخر بخيرات جمّة شكلت سببا خفيا لصراع محتدم بين القوى الكبرى.