وسط اتهامات متبادلة بين الدول الكبرى

مؤشرات فشل قمة "كوب 26" تلوح في أفق غلاسغو

مؤشرات فشل قمة "كوب 26" تلوح في أفق غلاسغو
  • القراءات: 1174
ص. محمديوة ص. محمديوة

لم تنته قمة المناخ "كوب 26" المستمرة أشغالها في العاصمة الاسكتلندية غلاسغو الى غاية 12 نوفمبر الجاري، وقد بدأت مؤشرات فشلها تلوح في الافق بعد تحولها الى منبر لتقاذف التهم والمسؤوليات بين كبرى دول العالم المتسببة في حالة الاحتباس الحراري، التي تهدد الكرة الارضية والبشرية جمعاء بكوارث طبيعية مدمرة. وبدل أن توحد هذه الدول جهودها وتتفق فيما بينها على الإيفاء بالتزاماتها في التخفيض من انبعاثات الغازات المسببة لثقب الاوزون والمؤثرة على ارتفاع درجة حرارة الارض الى مستويات قياسية بسبب صناعاتها المتطورة، حكمت مسبقا على فشل قمة غلاسغو، التي من المفروض أن تخرج بحلول سريعة وناجعة للوضع الكارثي للمناخ المتورط فيه الانسان.

ولم تستسغ كل من الصين وروسيا الانتقادات اللاذعة والاتهامات المباشرة التي وجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن، لقائديهما اللذين تغيبا عن أشغال "كوب 26" التي أجمع الكل على أنها "قمة الأمل الأخير" لإنقاذ الإنسانية من مخاطر الكوارث الطبيعية الناجمة عن الاحتباس الحراري والتغييرات المناخية. وبمنطق أن الهجوم أفضل دفاع، اعتبر وانغ وان بين، المتحدث باسم الدبلوماسية الصينية أمس، أن "الأفعال تتحدث أكثر من الكلمات" في إشارة الى تصريحات الرئيس الأمريكي التي انتقد من خلالها غياب الرئيس الصيني عن أشغال القمة، بعدما عبر عن اعتقاده بأن "الصين ارتكبت خطأ بغيابها عن هذا الموعد العالمي. وقال جو بايدن، إن الرئيس الصيني كسي جين بينغ، "خسر فرصة للتأثير على الناس في العالم أجمع". وأضاف في ختام أشغال القمة على مستوى الرؤساء وقادة الدول مساء أول أمس ، أنه "موضوع كبير جدي وهام" يعني الصين "أداروا ظهرهم"، متسائلا "كيف يمكن فعل ذلك والمطالبة بزعامة".

وأغضبت هذه الانتقادات السلطات الصينية التي راح المتحدث باسم دبلوماسيتها يشير الى الالتزامات التي وصفها بـ"الملموسة" لمواجهة التغييرات المناخية التي تقوم بها الصين التي تعد أول ملوث عالمي وتستثمر حاليا أكثر فأكثر في الطاقات النظيفة. وطالت انتقادات الرئيس الأمريكي، أيضا نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وقال إن "هناك مشاكل مناخية جد خطيرة ويظهر أنه غير راغب في فعل أي شيء"، في اشارة الى الرئيس الصيني، قبل أن يواصل حديثه "ونفس الشيء بالنسبة لفلاديمير بوتين". وهو ما رفضه الكرملين، الذي رد أمس، بالتأكيد على أن روسيا "تكافح" بجدية ضد التغييرات المناخية. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، "لسنا متفقين"، واصفا أن أنشطة بلاده لمكافحة حالة الاحتباس الحراري بأنها "منسقة ومدروسة وجادة". وتعبيرا منه على أن ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن حالة الاحتباس الحراري، مس حتى المناطق الصقيعية الشاسعة في اقصى الشمال الروسي، قال بادين إن "مناطق التاندرا تحترق، انه يواجه مشاكل مناخية جد جادة لكنه يلتزم الصمت".

ورد المتحدث باسم الكرملين أن" التاندرا تحترق فعلا ولكن لا ننسى أن الغابات تحترق أيضا في كاليفورنيا وتركيا وفي كل العالم". وأضاف "طبعا لا نقلل من أهمية ما يحدث في غلاسغو" ولكن "أنشطة روسيا لفائدة المناخ لا يمكن تنظيمها وفقا لهذا الحدث أو ذاك". والمؤسف أن هذه الدول التي عادة ما تصطدم مواقفها وتتضارب مصالحها على مسائل وقضايا متعددة، اختلفت على أمر يهم الانسانية جمعاء بما فيها شعوبها وأراضيها التي اصبحت هي الأخرى عرضة لكوارث طبيعية مدمرة مثل الفيضانات الطوفانية والحرائق المهولة التي تجتاح الغابات وحتى الجفاف. بل وجعلت من قمة غلاسغو منبرا لتقاذف المسؤولية والاتهامات عن حالة الاحتباس الحراري، منذ الثورة الصناعية بداية من الولايات المتحدة مرورا بألمانيا وإنجلترا وصولا إلى روسيا والصين وغيرها من الدول الأخرى التي انضمت الى ركب الثورة الصناعية.

وتناست هذه الدول أن أول المتضررين من هذه الحالة  تبقى شعوب جنوب الكرة الأرضية وخاصة إفريقيا التي لا تمتلك لا أرضية صناعية متطورة ولا مصانع ضخمة وتتخبط في اتون المجاعة والفقر والجفاف الناجم عن الاحتباس الحراري. وهو ما جعل قادة دول القارة السمراء يؤكدون انهم لا يريدون أن تدفع افريقيا التي توصف بالقارة العذراء، ثمن أزمة مناخية تسببت فيها كبريات الدول بجشعها في التصنيع غير آبهة بآثاره الوخيمة والمدمرة على  الحياة الانسانية والتنوع البيولوجي الذي يضمن توازن الارض.