بعد قرابة عام من مؤتمر برلين لاحتواء الأزمة الليبية سلميا

مؤشرات ديناميكية جديدة تتكرس في الأفق الليبي

مؤشرات ديناميكية جديدة تتكرس في الأفق الليبي
  • القراءات: 722
ص. محمديوة ص. محمديوة

عرف ملف الأزمة الليبية في الآونة الأخيرة تحركات دبلوماسية مكثفة في عواصم إقليمية وأخرى عالمية قد تفضي إلى حل نهائي لصراع دام لعشرية كاملة أياما قليلة قبل مرور عام منذ انعقاد مؤتمر برلين، الذي وضع أسس الحل السياسي لهذه الأزمة المستعصية.

فمن تصريحات إيجابية لمسؤولين دوليين وإقليميين وآخرين ليبيين حول ضرورة الالتفاف حول مخرجات مؤتمر العاصمة الالمانية إلى تحركات دبلوماسية من هذه العاصمة الاقليمية أو الدولية، دخل الملف الليبي في سياق ديناميكية جديدة مهد لها مؤتمر برلين يوم 19 جانفي 2020 وأعطت الأمل لليبيين بإمكانية لم شملهم وتوحيد كلمتهم تحت راية سلطة واحدة بعيدا عن لغة الرصاص التي طغت على المشهد الليبي طيلة السنوات العشر الماضية.

ولا يمكن إخراج زيارة وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني الليبية محمد سيالة إلى موسكو عن هذه الديناميكية الجديدة التي بدأت مؤشراتها تتضح مع توالي تصريحات مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة الليبية سواء المباشرة أو غير المباشرة في العلن وحتى في الكواليس بضرورة دعم الحل السلمي.

وهو ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائه بوزير خارجية حكومة الوفاق الليبية، محمد سيالة بموسكو بعدما جدد أمام هذا الأخير استعداد بلاده تقديم أقصى الدعم لليبيا لتحقيق المصالحة الوطنية في موقف أبان عن رغبة روسية لاحتواء الأزمة الليبية في القريب العاجل.

وكان وزير الخارجية الروسي وفي إطار مباحثات جمعته مع نظيره التركي مولود شاوش أوغلو أكد أنه ورغم الخلافات مع تركيا إلا أن موسكو وأنقرة يلتقيان في مصالح مشتركة بعينها ومن ضمنها مسألة التوافق حول المخرج السلمي للمعضلة الليبية.

ويأتي التوافق الروسي ـ التركي حول ليبيا ليزيد في دعم المسار السلمي الذي فرض نفسه تدريجيا في ظل ضغط المجموعة الدولية على مختلف الأطراف للانضمام إلى المساعي الرامية لتوحيد الصف الليبي بعيدا عن لغة الرصاص.

وتأكد ذلك من خلال تزامن زيارتين مؤخرا إلى العاصمة طرابلس الأولى لوفد عسكري تركي بقيادة وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار والثانية لوفد مصري رسمي ضم مسؤولين رفيعي المستوى من الخارجية والمخابرات المصرية.

وبقدر ما فتحت زيارة الوفد المصري التي جاءت بعد ست سنوات من القطيعة بين القاهرة وطرابلس، المجال أمام الكثير من التكهنات حول تغيير القاهرة لحساباتها بخصوص الأزمة الليبية وهي التي عرف عنها رفضها لشخص فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية ودعمها لغريمه، الماريشال خليفة حفتر، بقدر ما أبانت عن ترتيبات جديدة تكون العاصمتان قد اضطرتا إلى إعادة صياغتها حفاظا على مصالحهما في ليبيا.

وهو ما جعل متتبعين للشأن الليبي يرون أن الزيارتين كانتا في الأصل مجرد غطاء لعقد لقاءات سرية وتحت الطاولة بين أعضاء الوفدين التركي والمصري ضمن مسعى لاحتواء خلافاتهما حول عدة قضايا خلافية تضاربت مواقفهما بخصوصها من النقيض الى النقيض ومنها الملف الليبي.

ويجد مثل هذا الطرح مصداقيته في ظل غياب الماريشال خليفة حفتر المعروف عنه تفضيله للحل العسكري على الحل السلمي في الفترة الأخيرة عن نسق هذه الديناميكية الجديدة لإيجاد مخرج سياسي في ليبيا والمدعومة من كبريات العواصم الدولية، إلى درجة جعلت بعض الجهات ترى بأن مصر تكون قد رفعت يدها عن حفتر الذي يكون قد فقد حتى دعم روسيا.

وإذا تم التسليم بمثل هذه الفرضية فذلك معناه أن حفتر لم يعد رقما يحسب له في الترتيبات القادمة كما كان عليه الحال في السنوات الماضية في معادلة ليبية يبقى حلها بأيدي الليبيين أنفسهم ولكن بعيدا عن أي تدخل وتأثير خارجي.