الصحف المحلية تؤكد أنه صار أوهن من بيت العنكبوت

مؤشرات أزمة قوية داخل الائتلاف الحكومي بالمغرب

مؤشرات أزمة قوية داخل الائتلاف الحكومي بالمغرب
  • القراءات: 628
ق . د ق . د

توسعت الانتقادات الموجهة إلى الحكومة في المغرب من  أحزاب المعارضة، وأطياف المجتمع المدني، والهيئات الحقوقية والمدونين، لتشمل الأحزاب المكونة للحكومة نفسها، في خطوة غير مسبوقة تؤشر على وجود "أزمة صامتة"، داخل التشكيلة الوزارية التي تضم أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال.

اللافت للانتباه في الوضع الداخلي بالمغرب أن حزب الأصالة والمعاصرة الحليف الأول في الائتلاف الحكومي الثلاثي، أطلق النار على عزيز أخنوش، منتقدا اياه بخصوص نقص الحوار مع وزرائه وعدم التواصل داخل البيت الحكومي، ومع الرأي العام. ففي تعليق على هذه الزوبعة السياسية، اعتبرت تحليلات الصحف المغربية أن "هناك شبه إجماع على وجود أزمة قوية داخل أحزاب الأغلبية الحكومية الثلاثة، إذ يرى الكثيرون أن هذا التحالف صار أوهن من بيت العنكبوت، بعدما اطلق ركن أساسي و الحليف الاول لعزيز اخنوش نيران صديقة عليه".

من هذا المنظور، اعتبرت مجلة "آفاق وسطية"، الصادرة باللغة الفرنسية، أنه "على عكس الصورة التي تحاول الأغلبية الحكومية في المغرب تسويقها لرأي عام محبط، فإنه لا يوجد وئام بين أحزاب التحالف"، مستدلة في ذلك بحزب الأصالة والمعاصرة الذي يدعو إلى أن يكون التواصل بين الثلاثي الحكومي، "أكثر مرونة"، وإلى رفع "التهميش عن وزراء بعينهم".

واستطردت قائلة إن التماسك والتضامن الحكومي الذي يحاول قادة الأحزاب الثلاثة تأكيده للمواطنين هو "مجرد واجهة، والدليل هو مضمون البيان الذي يؤكد هشاشة الائتلاف الناتج عن الانتخابات التشريعية الأخيرة"، مستنتجة أن وراء هذه الانتقادات "يكمن شعور بتهميش وزراء حزب الأصالة والمعاصرة من قبل رئيس الحكومة عزيز أخنوش".

أما صحيفة "ليكونومست"، فوصفت بيان الأصالة والمعاصرة بـ«الخروج المدوي وغير المتوقع"  واعتبره بمثابة "اتخاذ مسافة من رئيس الحكومة في سياق يتسم بالإشاعات المستمرة حول حدوث تعديل وزاري لإعادة تشغيل المحركات التي يبدو أنها معطلة"، ورأت أن "لا شيء على ما يرام بين رئيس الحكومة وحليفه حزب الأصالة والمعاصرة الذي يشير مكتبه السياسي إلى ضعف آخر في السلطة التنفيذية، ويتعلق هذه المرة بنقص التواصل بين عزيز أخنوش ووزراء هذا الحزب".

من جهتها، نشرت صحيفة ناطقة بلسان حزب التقدم والاشتراكية، المعارض، أول أمس الاثنين، افتتاحية استهلتها بالإشارة إلى أن "الخرجة الأخيرة لحزب حكومي وامتعاضه لضعف تواصل رئيس الحكومة مع وزرائه، تطرح علامة استفهام حول مستوى تدبير شأننا العمومي من طرف الحكومة الحالية".

وترى الصحيفة المغربية أن "السياسة تدنت كثيرا مع هذا التحالف الحكومي الثلاثي، وصارت الأغلبية العددية الواسعة في غرفتي البرلمان بمثابة عصا ثقيلة لمنع كل حوار تعددي، ولرفض أي رأي مختلف ولإغلاق كل أبواب التعاون والتفاعل بين الحكومة والمعارضة، والنتيجة، لم يعد الكثيرون يتكلمون أو يعارضون، وبقيت البلاد وقضاياها ومصلحتها حبيسة الرأي الوحيد للحكومة، وأيضا حبيسة صراعات واختلافات وزراء وأحزاب الأغلبية فيما بينها".

إخفاقات لا تنتهي والوضع مناقض لما ترسمه "حكومة الوهم"

على صعيد آخر، أجمع إعلاميون وحقوقيون مغربيون، على أن الوضع يزداد سوءا في المملكة، في ظل اتساع دائرة الفقر وتفاقم الأزمات الاجتماعية، مؤكدين أن الوضع في البلاد يسير عكس ما ترسمه "حكومة الوهم"، التي تحمل في رصيدها إخفاقات كثيرة.

وفي مقال لها تحت عنوان "تجار الوهم"، قالت الإعلامية المغربية لبنى فلاح "إننا كمواطنين ما زالت لم تطأ أرجلنا بعد أرض الواقع من كثرة الأحلام التي بيعت لنا من مسؤولين بارعين في تجارة الوهم"، مثل الاستفادة من التعويض الشهري الجزافي وتعميم التغطية الصحية على كافة المغاربة. وأبرزت في السياق، أنه عكس ما تروج له حكومة المخزن بخصوص استقبال 30 مليون سائح في غضون سنة 2030، فإن أغلب الفنادق أغلقت أبوابها وسرحت عمالها.

كما أبرزت أن التلاميذ في المغرب لا يدرسون في مناطق كثيرة، لأن الأستاذ يحتج، بسبب تماطل الحكومة في حل ملفه المطلبي وأحجام الدولة عن ضمان الحد الأدنى من حقوقه الدستورية"، مستدركة بالقول بأن الدولة المخزنية، "كانت كريمة مع نساء ورجال التعليم، بإصدار أحكام بالسجن النافذ وغير النافذ في حقّ العشرات منهم، ككرم هراوات رجال الأمن معهم أثناء الاحتجاج".

وتحدثت الإعلامية المغربية عن اتساع دائرة الفقر في ظل تفاقم الأزمات المعيشية أمام غياب تام للحكومة ولأجهزتها. وأعادت التذكير بارتفاع عدد البطالين، وتراجع مؤشر التنمية البشرية، وتذيل المملكة الترتيب في حرية الصحافة بعد اعتقال صحفيين مستقلين فيما لم يتبق سوى النزر القليل.

وترى المتحدثة ذاتها، أن لا أحد أصبحت له القدرة على النقد في المغرب، خوفا من الحرمان من الدعم العمومي ومن العروض الإشهارية ومن بطاقة الصحافة وصدور أحكام بالتوقيف لغير سبب والأفظع "أنك ستصبح لقمة صائغة في فمِ ماكينة إعلامية خبيثة". وخلصت إلى أن "الوضع في المغرب معاكس لما يرسمه مسؤولونا من تجار الوهم ويصوره إعلامنا الرسمي والآخر الغارق في السلطة حد التماهي"، مضيفة "لدينا صحفيون ومدوّنون معتقلون مثل الصحفي توفيق بوعشرين المعتقل والمدونة سعيدة العلمي والنقيب والوزير السابق محمد زيان (80 سنة).

دعوة لبناء تكتل حقوقي صلب للتصدي للانتهاكات الجسيمة

بدوره، سلّط الكاتب المغربي أمين بوشعيب في مقال له تحت عنوان "هل انتصر الفساد السياسي في المغرب على إرادة الدولة؟"، الضوء على تفشي الفساد في المملكة، حيث كتب، "هناك علامة استفهام كبرى تطرح كلما أثير موضوع الفساد السياسي في المغرب، إذ كيف أن النخبة الحزبية التي تدير الشأن العام في المغرب تدخل إلى نادي الأثرياء الكبار بين عشية وضحاها؟.

من جهته، أكد الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، في بيان له، أن "الوضع في المغرب يتسم بالمزيد من الإجهاز على أوضاع حقوق الإنسان على جميع الأصعدة والمستويات، بشكل خطير يستهدف المغاربة في جيوبهم وقوت يومهم وحرياتهم الأساسية، حيث تستمر السلطات في التضييق الممنهج على الأصوات الحرة المطالبة بالحقوق والحريات والمناهضة لسياساتها التي تعتمد مقاربات فاشلة يغلب عليها التدبير الأمني لجل الملفات..". وشجب مواصلة الدولة المخزنية، في "انتهاج سياسات اقتصادية فاشلة تكرّس الفقر وتمس القدرة الشرائية للمغاربة وتلهب الأسعار المرتفعة وتزيد من الاحتقان والاضطرابات الاجتماعية، بسبب السياسات الفاشلة التي تشجع الخوصصة في قطاعات حيوية واستراتيجية كما هو الحال مع قطاعي الماء والكهرباء وتكرس زواج السلطة بالمال ولا تربط المسؤولية بالمحاسبة".

كما استنكر الفضاء المغربي "التضييق الممنهج على المعارضين بمختلف توجهاتهم، من خلال حملات مغرضة وتسخير إعلام السلطة لتشويه صورة المدافعين عن حقوق الإنسان ورفض تسليم ملفات جمعيات وأحزاب ونقابات بسبب مواقفها والتضييق على الأنشطة الجادة للحركة الطلابية واستهداف حرمة الجامعة وضرب استقلاليتها". وندّد باستهداف شخصيات بارزة من خلال محاكمات سياسية تفتقد لشروط المحاكمة العادلة، مجدّدا مطالبة السلطات بوقف التضييق على الحقوقيين وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومنهم معتقلو الريف، كما جدّد الدعوة لبناء تكتل حقوقي صلب وعريض من أجل حماية الحقوق والحريات والتصدي لكل الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المغاربة.