لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى
لقاءات بين وفد "حماس" ومسؤولين مصريين بالقاهرة

- 509

أعلنت حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، أمس، عن بدء وفدها الذي يقوده مسؤولها في قطاع غزة، خليل الحية، بمجرد وصوله إلى القاهرة لقاءات مع المسؤولين المصريين لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى عبر اللجان الفنية والوسطاء.
جاء ذلك في بيان مقتضب لم يتضمن مزيدا من التفاصيل حول حيثيات هذه اللقاءات التي من المؤكد أنها ستركز بالدرجة الأولى على خروقات الاحتلال الصهيوني لبنود وقف إطلاق النار خاصة البروتوكول الإنساني المتفق عليه بين الجميع. وهي الخروقات التي دفعت بالحركة إلى اتخاذ قرار تعليق عملية تسليم دفعة من الأسرى الإسرائيليين المقررة بعد غد السبت إلى إشعار آخر ضمن رسالة تحذير وضغط على الكيان المحتل لحمله على الايفاء بتعهداته التي وقع عليها في وثيقة اتفاق إطلاق النار.
وأكدت "حماس"، التي كرّرت موقفها الواضح الرافض للغة التهديد الأمريكية والإسرائيلية، على ضرورة التزام إسرائيل بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار حتى يتم الإفراج عن الأسرى، مشيرة إلى وعود تصلها من قبل الوسطاء لإلزام الاحتلال بتنفيذها. كما طالبت الكيان الصهيوني، الذي يتنصل من تنفيذ عديد بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بالالتزام بالبروتوكول الإنساني المتفق عليه.
وكانت الحركة، أكدت التزامها ببنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي لم تخل بها حتى الآن، وأنها ستبقى ملتزمة به طالما التزم الاحتلال ببنوده. ومنحت مهلة لهذا الاحتلال ليعود إلى جادة الصواب ويكف عن خروقاته التي أحصتها الحركة على مدار 23 يوما من إعلان وقف إطلاق النار.
من جانبه أكد، أبو حمزة، المتحدث العسكري لـ«سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان أمس، أن "الواقع أثبتت أن الحل الوحيد لاسترداد الأسرى وللاستقرار هو صفقة التبادل"، مشيرا إلى أن المقاومة "قامت بالتزاماتها على أكمل وجه، بينما ترك العدو أسراه للخطر والمجهول". وهو ما جعله يحمّل حكومة الاحتلال تبعات التنصل من التزاماتها والخرق المستمر لوقف إطلاق النار. ولأن خروقات الاحتلال افتعلت أزمة خطيرة من شأنها تهديد وقف إطلاق النار بالانهيار، فقد باشر الوسطاء عملا مكثفا لاحتوائها قبل حلول موعد العملية الجديدة لتبادل الأسرى المقرّرة بعد غد السبت.
وقال مصدر فلسطيني على اطلاع بملف التفاوض، رفض الكشف عن هويته، أن" الوسطاء من قطر ومصر يجرون اتصالات مع الجانب الأمريكي .. إنهم يعملون بشكل مكثف لاحتواء الأزمة ودفع إسرائيل لتطبيق البروتوكول الإنساني في اتفاق الهدنة وبدء المرحلة الثانية".
ووفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 جانفي الماضي، جرى الاتفاق على إطلاق المقاومة في غزة لـ33 أسيرا إسرائيليا مقابل الإفراج عن 1900 أسير فلسطيني في معتقلات الاحتلال مع حلول شهر مارس القادم موعد نهاية المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة.
وتمت لحد الساعة خمس دفعات لتبادل الأسرى تم على إثرها إطلاق سراح 16 أسيرا إسرائيليا مقابل إطلاق سراح 765 أسير فلسطيني. وفي انتظار نتيجة عمل الوسطاء الذي أمامهم 72 ساعة لإنقاذ وقف إطلاق النار من الانهيار، يواصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تعقيد الوضع وتأزيمه بتصريحاته الهستيرية حول غزة وتهجير سكانها. وباستثناء حليفته المدللة إسرائيل، لا تزال كل الأطراف ترفض مخطط التهجير الأمريكوـ صهيوني الذي يريد ترامب ومعه نتنياهو فرضه بالقوة على فلسطينيي قطاع غزة.
وجدّدت المملكة الأردنية ومصر اللتان طالبهما ترامب باستقبال الفلسطينيين المهجرين، رفضهما، وأكدتا أمس وجود خطة عربية لإعمار غزة دون تهجير سكانها. وهو الموقف الذي ثمنته حركة المقاومة الإسلامية، التي قالت في بيان لها أمس "إننا في حركة "حماس" نعتبر الموقف الأردني امتدادا لموقفه في رفض مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل، والتي تسعى إلى طمس هوية شعبنا الفلسطيني وإنهاء قضيته العادلة". وأضاف البيان "نثمّن مواقف الأشقاء في الدول العربية وكل دول العالم التي عبرت عن رفضها لأي مخططات تهدف إلى تهجير شعبنا أو تصفية حقوقه الوطنية"، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني "سيظل متمسكا بأرضه ووطنه، ولن يقبل بأي حلول تنتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال".
خبراء في القانون الدولي يؤكدون بشأن خطة تهجير الفلسطينيين من غزة
" جريمة حرب" وانتهاك لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي
أكد خبراء في القانون الدولي أن خطة الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه تشكل "جريمة حرب"، وهي تمثل استمرارا لسياسة التهجير والتطهير العرقي المستمرة منذ 1948 في انتهاك لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
شدّد أستاذ القانون الدولي بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية، جون كويغلي، على أن خطة تهجير الفلسطينيين من القطاع "تنهتك القانون الدولي بشكل واضح". وقال مستنكرا إنه "من الغريب جدا أن نقول إن الطريقة للتعامل مع شعب بعد تعرّضه لإبادة جماعية هي تهجيره"، مضيفا أنه "عندما يتم ارتكاب إبادة جماعية فإن الشيء الرئيس الذي يجب القيام به هو تعويض الضحايا قدر الإمكان". وشدّد على أن "إخراج الناس من أراضيهم ليس بالتأكيد الطريقة الصحيحة للقيام بذلك "التعويض" إنه انتهاك آخر لهذه الحقوق".
من جانبها، قالت مديرة قسم حقوق الإنسان الدولية في كلية الحقوق بجامعة بوسطن، سوزان أكرم، إن خطة التهجير "تعادل أكثر من جريمة واحدة"، موضحة أن "النزوح القسري وحده يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
وبعد أن أشارت إلى أن "المادتين 45 و49 من اتفاقية جنيف تحظران النقل القسري للأفراد أو الجماعات وطردهم من الأراضي المحتلة"، قالت إن "المادة 147 تحدّد الطرد أو النقل غير القانوني للأشخاص المحميين، أي المدنيين ومن لا يشاركون في أعمال عدائية والسكان المحتلين باعتبارها انتهاكات جسيمة". وشدّدت أكرم على أنه "يمكن محاكمة جرائم التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية، والتي تشمل الدعوة إلى النقل القسري للسكان أمام المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية على حد سواء".
أما الأستاذة نجمة علي من جامعة أوتاغو، فقالت إن سياسة التهجير القسري "قد يكون لها عواقب قانونية خطيرة" على المسؤولين الصهاينة والأمريكيين. وأوضحت أنه "يمكن تحميل المسؤولين الأمريكيين المسؤولية عن المساعدة والتحريض على هذه الجرائم بموجب المادة 25 والفقرات 3 ج من نظام روما الأساسي بسبب تقديم المساعدة العسكرية أو الحماية الدبلوماسية". ولفتت إلى أن دولا مثل بلجيكا وإسبانيا وجنوب إفريقيا تسمح لمحاكمها الوطنية بمحاكمة المتهمين بجرائم حرب بغض النظر عن مكان ارتكابها. وهو ما يعني أن المسؤولين الصهاينة والأمريكيين قد يواجهون أوامر اعتقال في محاكم أجنبية.
وشرحت السياق التاريخي لدعم المسؤولين الصهاينة لخطة التهجير بالقول، إن الوزراء والسياسيين الصهاينة وخاصة في بداية العدوان "أعلنوا صراحة نيتهم إخلاء غزة وإعادة بناء المستوطنات فيها دون الاعتراف بأي حدود أخلاقية أو قانونية". كما أكدت أن "هذا الدعم يعزز الحجة القائلة بأن التهجير القسري ليس مجرد نتيجة للصراع، بل هو سياسة متعمدة بدأت بالتطهير العرقي وتهجير الشعب الفلسطيني في عام 1948".
وأضافت أنه "بالنسبة للفلسطينيين فإن التهجير القسري هو سياسة مستمرة وحوّلت الأغلبية منهم إلى لاجئين.. وهذه السياسة تتجلى في التوسع الاستيطاني المستمر في الضفة الغربية وتعزز الادعاء بأن الهدف هو الهندسة الديموغرافية وليس مجرد السيطرة العسكرية". واعتبرت أن "هذه التصريحات تقوض الحجة القائلة بأن التهجير الجماعي هو إجراء حربي مؤقت أو محاولة إنسانية لتوفير ظروف أفضل للفلسطينيين وتظهر أنها جهد متعمد لإبعاد الفلسطينيين قسرا عن أراضيهم".
عائلة مدير مستشفى "كمال عدوان" تكشف عن معاناته
حسام أبو صفية يتعرض للتعذيب والتجويع في سجون الاحتلال
كشفت عائلة، الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى "كمال عدوان" شمال قطاع غزة عن تعرّضه للتعذيب الشديد والتجويع في سجون الاحتلال الصهيوني منذ اعتقاله في شهر ديسمبر الماضي رفقة عدد كبير من عمال المستشفى.
جاء ذلك في بيان أصدرته العائلة، أمس، بعد تلقيها تقريرا من أحد المحامين قام بزيارة أبو صفية تضمن تفاصيل عن الزيارة. وقالت العائلة إن المحامي أبلغهم بأن أبو صفية "تعرض لسوء معاملة وتعذيب شديد في الأيام الأولى من الاعتقال في سجون الاحتلال وتم حجزه داخل زنزانة انفرادية 24 يوما وبعدها تم نقله لسجن عوفر". وأشارت إلى أنه "يعاني من ارتفاع مزمن في ضغط الدم وتضخم في عضلة القلب ولا يتم تقديم الطعام الكافي له فقط وجبة واحدة وغير كافية والطعام سيئ جدا".
وفيما يخص ملفه القضائي، قالت العائلة نقلا عن المحامي إن الملف "نظيف ولا يوجد أي لوائح اتهام ضده لعدم وجود دلائل وأنكر كل ما نسب إليه من تهم".وفي نهاية البيان، ناشدت العائلة "كل من يستطيع المساعدة بالضغط من أجل الإفراج عنه في القريب العاجل".
وكانت السلطات الصحية في قطاع غزة أعلنت في 28 ديسمبر الماضي أن الاحتلال الصهيوني اعتقل أبو صفية بشمال قطاع غزة وقد لقيت صورته بردائه الطبي الأبيض وحيدا وسط الدمار موجة استنكار عربية ودولية. وقبلها بيوم اقتحم جيش الاحتلال مستشفى "كمال عدوان" وأضرم النار فيه وأخرجه من الخدمة واعتقل أكثر من 350 شخص كانوا داخله، منهم كوادر طبية وموظفون ومرضى ونازحون.
وفي 24 نوفمبر الماضي، تعرض الدكتور أبو صفية لإصابة نتيجة قصف صهيوني استهدف المستشفى لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى. وسبق أن فقد أبو صفية نجله خلال اقتحام جيش الاحتلال مستشفى "كمال عدوان" في 26 أكتوبر الماضي.
وخلال حرب الإبادة التي جرت على مدار أكثر من 15 شهرا، استهدف جيش الاحتلال القطاع الصحي في غزة بشكل ممنهج ومتعمد، حيث قصف وحاصر المستشفيات وقام بإخلائها. كما قتل وجرح آلاف الأشخاص كانوا داخلها من عمال أو مرضى أو جرحى أو نازحين ومنع دخول المستلزمات الطبية للمرضى والجرحى.