انطلاق أول جولة مفاوضات حول الصحراء الغربية منذ سنة 2012

كوهلر يوظف حنكته لتفادي الفشل في تسوية أقدم نزاع

كوهلر يوظف حنكته لتفادي الفشل في تسوية أقدم نزاع
  • القراءات: 754
م. مرشدي م. مرشدي

هل ستكون جلسة الحوار الأولى في عهد المبعوث الشخصي للامين العام الأممي الى الصحراء الغربية، هورست كوهلر، يوم غد بين وفدي المغرب وجبهة البوليزاريو، انطلاقة جديدة على طريق مسار التسوية النهائية لنزاع الصحراء الغربية الذي وضعته الأمم المتحدة منذ سنة 1991 ؟ هو التساؤل المحوري الذي يطرحه الصحراويون وكلهم أمل في أن يكون لقاء جنيف بداية فعلية لإنهاء معاناتهم المتواصلة منذ نصف قرن من احتلال مغربي مقيت.

وهو أمل يحدوهم رغم أن الأمم المتحدة أكدت في بيان لها أن جدول أعمال اللقاء سيبحث «الوضع الراهن والاندماج الإقليمي والمراحل القادمة في المسار السياسي»، وهي كلها مواضيع فضفاضة تفتقد للدقة التي يتطلبها التعاطي مع ملف بأهمية النزاع في الصحراء الغربية اللهم إلا إذا كان، كوهلر ومعه الأمين العام الاممي انطونيو غوتيريس، يريدان جس نبض طرفي النزاع ومدى استعدادهما في التعاطي الايجابي مع مسعى الهيئة الأممية لتسريع مسار التسوية.

ويقود خطري أدوه، الوفد الصحراوي بينما يقود ناصر بوريطة، الوفد المغربي في أول جلسة مفاوضات بينهما، فضل المبعوث الخاص، الأممي هورست كوهلر تسميتها بـ»أول مائدة مستديرة» بينهما، ضمن خطة تفاوضية وضعها واعتمد فيها على الحذر في التعامل مع هذا الملف الساخن بالنظر الى الشرخ القائم في طرح المغرب وخلفيات نيته في قبول العودة الى الطاولة بعد قرابة ست سنوات من الاحتقان.

وفضل الدبلوماسي الاممي ذي الأصول الألمانية الأخذ بورقة الحيطة والحذر في تعاطيه مع هذا النزاع محاولا الأخذ بايجابيات من سبقه في هذه المهمة، الدبلوماسيان الأمريكيان، جيمس بيكر وكريستوفر روس حتى لا يقع في فخ العراقيل المغربية التي أنهت مهمتهما وإتمام مهمته حيث فشل هذين المبعوثين. 

وهو الحذر الذي كشف عنه نص البرقية التي وجهها كوهلر لطرفي النزاع واكتفى بالقول إن «الوقت قد حان من أجل فتح صفحة جديدة في المسار السياسي وإيجاد حل نهائي لآخر قضية تصفية استعمار في إفريقيا».

ويدرك كوهلر أن تباين موقفي طرفي النزاع بين خياري، الحكم الذاتي الذي وضعته الرباط كإطار أوحد للمفاوضات وبين تقرير المصير والاستقلال الذي تصر جبهة البوليزاريو على التفاوض في إطاره، يجعل من مهمته في خانة المهمات الصعبة التي يتعين إحداث اختراق فيها بما يمكنه من مواصلة هذه المفاوضات وإخراجها من مجرد «مائدة مستديرة» الى جلسات تفاوض جادة ومباشرة يتم خلالها طرح كل قضايا هذا النزاع  على الطاولة ومعالجتها من وجهة نظر القانون الدولي وكل اللوائح الأممية الخاصة بها.

والمؤكد أن كوهلر سيعمل في إطار هذا التباين الكبير على توظيف حنكته الدبلوماسية ومزجها بالواقعية الألمانية من اجل إيجاد نقاط توافقية لحلحلة وضع قائم لم يعد يحتمل في منطقة تعرف تحولات اقتصادية وسياسية وأمنية متسارعة.

وهي الحقيقة التي يدركها الرئيس الألماني السابق منذ اضطلاعه بهذه المهمة الشاقة والتي استشفها من خلال المحادثات التي أجراها في كل جولاته التي قادته الى عواصم دول المنطقة منذ شهر مارس الأخير وعرف من خلالها خبايا القضية وتعقيداتها وفرص النجاح فيها وأسباب الفشل أيضا.

فهل يتمكن كوهلر أن يحقق اختراقا دبلوماسية وتسجيل أول تقدم في هذه المفاوضات إذا سلمنا أن الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي يصرون على إحداث نقلة نوعية في هذه المفاوضات بقناعة أن المجموعة الدولية لا يمكنها أن تتحمل أعباء مالية اكبر في نزاع كان يجب أن يسوى منذ عدة سنوات.