في وقت رفعت فيه الدول الأوروبية إجراءات الحجر الصحي

كورونا يعود إلى يوهان وسيول ضمن موجة تفش جديدة

كورونا يعود إلى يوهان وسيول ضمن موجة تفش جديدة
كورونا يعود إلى يوهان وسيول ضمن موجة تفش جديدة
  • القراءات: 950
م. مرشدي م. مرشدي

أكدت آخر التقارير الإحصائية والطبية المتأتية من مختلف العواصم الدولية حول تداعيات وباء "كورونا" أن القرارات التي اتخذتها مختلف الدول لرفع الحجر الصحي أو التخفيف من إجراءاته لم تكن قرارات صائبة بالضرورة وإنما أملتها معطيات خارجية لا علاقة لها بحقيقة الوضع الوبائي في  هذا البلد أو ذاك.

وحتى وإن ابتهج الناس في إيطاليا وإسبانيا وألمانيا باستعادة حريتهم  قبل أسبوع والفرنسيين بداية من اليوم في انتظار لحاق البريطانيين بهم فإن ذلك لا يعني أبدا أن خطر الإصابة اصبح في حكم الماضي بدليل أن حكومات هذه البلدان اتخذت قرارات التخفيف من وطأة الحجر الصحي ولكنها بقيت في موقع المتوجس والمترقب للنتائج الفعلية لعودة الحياة العادية.

ويعود التلاميذ الفرنسيون اليوم إلى مقاعد الدراسة، تنفيذا لقرار حكومي لم يلق الإجماع وأثار ضجة وانقساما واضحين بين مؤيد ومعارض لمثل هذه الخطوة  التي تزامنت وتسجيل بؤرتين جديدتين لتفشي الوباء وسط البلاد ،واحدة منهما سجلت في أوساط مشاركين في اجتماع خصص لدراسة الاستعدادات الخاصة باستئناف الدراسة.

وهي صورة تعكس حقيقة الخوف مما يخفيه الغد من مفاجآت وبدليل أن شعوب هذه الدول ضحايا الفيروس، حتى وإن فرحوا بخروجهم إلى شوارع مدنهم بعد شهرين من المكوث القسري داخل بيوتهم إلا أن تحركاتهم ستكون بإحساس داخلي، أن الخطر مازال جاثما والإصابة بالفيروس ليست مستبعدة في أية لحظة.

وتزامنت عودة الحياة العادية إلى عدة بلدان أوروبية مع تسجيل أول حالة إصابة بالفيروس في يوهان الصينية، لأول مرة منذ 3 أفريل الماضي   وشكل ذلك ناقوس إنذار باحتمال ظهور موجة تفشي ثانية للفيروس في المدينة التي كانت أول بؤرة له كما كانت أول مدينة ترفع عنها إجراءات الحجر في العالم بعد القضاء عليه.

كما أن قرار السلطات الكورية الجنوبية بإعادة إغلاق المطاعم والحانات والملاهي الليلية في العاصمة سيول بعد تسجيل عشرات حالات الإصابة، أياما فقط بعد تأكيدها بأنها تمكنت من تحييد الوباء لتزيد في هاجس الخوف ليس في هذين البلدين ولكن في كل دول العالم.

وهو طارئ جعل الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي إن، يحذر من أن ظهور بؤرة جديدة في العاصمة سيول جاء ليؤكد أن مثل هذه الوضعيات ستحدث في أية لحظة في أي مكان" ضمن اعتراف ضمني بأن الوباء مازال منتشرا وقرار حكومته برفع الحجر لم يكن بالضرورة القرار العقلاني الذي تم الأخذ به، بقدر ما أملته ظروف قاهرة أخرى على علاقة بالوضع الاقتصادي وربما بالوضعية النفسية للسكان الذين لم يتعودوا على البقاء  بين أربعة جدران لمدة شهرين كاملين.

وجاءت عودة العدوى في نفس اليوم الذي حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من عدوى ثانية وثالثة مما زاد من درجة التوجس والخوف وجعل مسؤولي مختلف الحكومات التي اتخذت قرارات التخفيف من الحجر تؤكد على ضرورة استعداد الناس للتعايش مع الفيروس الذي سيكون رفيقا لمواطنيها في يومياتهم ولكنها لم تعط في المقابل كيفية هذا التعايش هل بالمغامرة مع خطر الموت الذي يشكله أم بإجراءات وقائية أثبتت كل  التجارب أن الحجر الصحي يبقى أنجعها وأكثرها أمانا.

وتم تسجيل حالات العدوى الجديدة في الصين وكوريا في وقت واصلت فيه الحالة الوبائية في الولايات المتحدة الأمريكية أرقامها المرعبة بتسجيل اكثر من 1500 حالة وفاة أمس، ضمن حصيلة وضعت هذا البلد في الخانة الحمراء بعد أن تجاوزت قائمة ضحايا "كورونا" عتبة 80  الف ضحية.

وهي أرقام لم تشأ التوقف عن مواصلة صعودها وجعلت الرئيس الأمريكي السابق، باراك اوباما يصف الوضعية في بلاده بـ"كارثة الفوضى المطلقة" وخاصة وأن الوباء دخل  إلى محيط الرئيس ترامب، بإصابة كاتي ميلر الناطقة باسم نائب الرئيس، مايك بينس بالإضافة إلى ثلاثة من أعضاء الفريق الطبي المكلف بملف كورونا في البيت الأبيض، بما فيهم رئيسهم، أنطوني فوسي الذي اصبح يلقب بـ "السيد كورونا"  لخبرته الطويلة في الأبحاث الفيروسية في الولايات المتحدة.

كما أن مواصلة روسيا تسجيل أعلى الأرقام الوبائية بإحصاء 10 آلاف حالة يوميا وتجاوز عدد المصابين فيها عتبة 200 الف إصابة جعلها تتحول فجأة إلى أكبر بؤرة للوباء في كل أوروبا كما هو الحال بالنسبة للبرازيل التي أخذت صدارة الدول الأمريكو ـ لاتينية في عدد الوفيات بأكثر من 10 آلاف ضحية وعشرات آلاف المصابين بفيروس تعمد الرئيس، جايير بولصونارو الاستخفاف به رافضا كل فكرة لفرض الحجر الصحي بقناعة أن اقتصاد بلاده أولى من حياة الناس ضمن مقاربة جعلته في قلب عاصفة انتقادات لاذعة ،جعلت ثلاثة من وزرائه يقدمون استقالاتهم احتجاجا على طريقة تعامله مع خطر الوباء.