في ظل تضاؤل الأمل في إيجاد لقاح فعال نهاية العام
كورونا تزيد من متاعب الدول وتنهك المجتمعات

- 951

يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره بشكل سريع إلى درجة جعل الأمل يتضاءل معه في إيجاد لقاح على الأقل قبل نهاية السنة كما سبق ووعد بذلك الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ومختلف مخابر الدواء العالمية التي دخلت سباقا محموما لتكون أن من ينقذ البشرية من فيروس حصد أرواح أكثر من مليون شخص وأصاب أكثر من 37 مليون آخرين في كل بقاع الدنيا.
فمنذ الإعلان ولأول مرة عن ظهورهذا الفيروس القاتل نهاية ديسمبر الماضي بالصين، لا تزال البشرية جمعاء تترقب سماع أخبار عن اكتشاف اللقاح "المعجزة" لهذا الوباء في وقت يستمر فيه الحديث عن تجارب سريرية للقاحات بلغت مرحلتها النهائية لكن دون جدوى.
ويأتي إعلان مجموعة "جونسون وجونسون" للصناعات الدوائية بتعليق التجارب السريرية على لقاحها التجريبي المضاد لهذا الوباء بعد إصابة أحد المتطوعين لتجريب لقاحها بأعراض خطيرة ليتأكد معها تضاؤل الأمل في إيجاد هذا اللقاح مع حلول فصل الشتاء وتزامن ذلك مع بدء ظهور أعراض الزكام الموسمي.
وأوضحت هذه المخابر أنها قامت بعد هذه الحادثة بإغلاق نظام للتسجيل عبر الإنترنت استحدثته نهاية سبتمبر الماضي لجمع 60 ألف متطوع للمشاركة في المرحلة الثالثة والنهائية من التجارب السريرية.
والمفارقة أنه حتى روسيا الدولة السباقة للإعلان عن توصلها للقاح وصفته بـ«الواعد" وأطلقت عليه اسم "سبوتنيك ـ v«، ووعدت بالبدء في استخدامه مع حلول الخريف لم تف بوعدها بل أنها عرفت موجة تفش قوية للفيروس، حصدت أمس أرواح 244 شخصا خلال الـ24 ساعة الماضية ضمن رقم قياسي لم يسبق أن بلغته منذ الموجة الأولى الربيع الماضي من مجموع أكثر من 13 ألف إصابة جديدة في اليوم الواحد.
وبينما أعلنت مخابر "روش" السويسرية أنها باشرت إطلاق تحاليل جينية جديدة على نطاق واسع لتشخيص الوباء في ظرف 18 دقيقة ضمن تطور من شأنه مساعدة الأنظمة الصحية، لا تزال الدراسات والتحليل تتضارب بين كبريات الجامعات والمخابر الدولية التي عجزت جميعها بعلمائها وباحثيها وإمكانياتها ليس فقط في توفير لقاح أو علاج فعال، بل حتى في تحديد طبيعته وطريقة انتشاره.
وتعددت الدراسات منذ شهر فيفري الماضي حول طرق انتقال عدوى الفيروس بين من يؤكد انتقاله عن طريق الهواء وفي الأماكن المغلقة أو عبر العطس والسعال وما يسببه من شذرات قد تحمل في جزيئاتها الفيروس أو عبر اللمس أو حتى في الساحات العمومية ضمن أسئلة محيرة بقيت معها كل الأبحاث المنجزة مجرد فرضيات ودراسات نتائجها لم تتأكد وبحاجة إلى مزيد من التجارب والتحاليل.
وفي انتظار ذلك، فان إجماع المختصين منصب على ضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية الأساسية من ارتداء للقناع الواقي والتباعد الاجتماعي وغسل الأيدي التي تعد تدابير احترازية اثبتت فعاليتها في التخفيف من انتقال العدوى.
وحتى آخر التوصيات القادمة من كبريات الجامعات الدولية تضمنت الدعوة لارتداء القناع حتى في الأماكن المفتوحة حيث توجد امكانية الالتقاء بأكثر من شخص قائمة في الدقيقة الواحدة.
غير أن العودة إلى الحجر الصحي لمواجهة ما اصطلح على تسميته البعض بالموجة الثانية من فيروس كوفيد ـ 19 وخاصة في الدول الاوروبية التي تشهد انتشارا كبيرا للجائحة على غرار فرنسا وألمانيا وبريطانيا، صاحبته صعوبات متعددة في ظل رفض هذا الإجراء الذي أدخل العالم فترة الربيع الماضي في حالة من الشلل العام انعكس سلبا على كل مجالات الحياة وخاصة الاقتصادية منها.
وهو ما جعل الحكومة البريطانية تدافع أمس عن قرارها تجاوز توصيات خبرائها العلميين لفرض إغلاق قصير في سبتمبر الماضي لوقف انتشار الفيروس الذي تصاعد في المملكة المتحدة بشكل خطير.
من جانبها، أعلنت الحكومة الفرنسية أنها ستدرس جميع الخيارات لإبطاء انتشار كورونا وتجنب إجهاد المؤسسات الصحية بما في ذلك الإغلاق المحلي، مع اعلان الوزير الأول الفرنسي جان كاستيكس، إمكانية فرض قيود جديدة خلال الـ 15 يوما القادمة إذا "تدهورت المؤشرات الصحية كثيرا وأُشغلت أسرّة الإنعاش أكثر مما كان متوقعا".
ويثير الوضع العام في فرنسا قلقا متزايدا مع ارتفاع منتظم لعدد الحالات المسجلة في الأسابيع الأخيرة، حيث بلغ عدد الإصابات الجديدة خلال الـ24 ساعة الماضية أكثر من 16 ألف إصابة.
وهو ما عبر عنه مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الذي قال أنه "لم يسبق في تاريخ الصحة العامة أن تم استخدام مناعة القطيع كاستراتيجية للاستجابة لتفشي الأمراض"، مشيرا إلى أنها "مشكلة علمية وأخلاقية.. السماح لفيروس خطير لا نفهمه تماما أن ينتشر بحرية هو ببساطة أمر غير أخلاقي، إنه ليس خيارا، إن مناعة القطيع تتحقق بحماية الناس من الفيروس لا بتعريضهم له".