وصف قرار ترامب حول الصحراء الغربية بـ"الأحمق والخطير"

كريستوفر روس يؤكد أن مقاربة المجتمع الدولي تبقى دون تغيير

كريستوفر روس يؤكد أن مقاربة المجتمع الدولي تبقى دون تغيير
المبعوث الشخصي الأسبق للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس
  • القراءات: 827
ص. م ص. م

تتواصل الصفعات من مسؤولين دوليين وشخصيات ودبلوماسيين أمريكيين في وجه النظام المغربي الذي يحاول بكل الطرق الملتوية القفز على حقيقة أن الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار لإيهام العالم أنها أرض ملك له لمجرد اعتراف رئيس أمريكي أصبح يعد أيامه في البيت الأبيض.

وجاءت الضربة هذه المرة من المبعوث الشخصي الأسبق للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، الذي أكد أن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب القاضي بالاعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية لن يغير إطلاقا مقاربة المجتمع الدولي حول هذا النزاع المصنف في قائمة قضايا تصفية الاستعمار. وقال روس في تصريح للقناة الإذاعية الجزائرية الثالثة إن "الإدارة الأمريكية من خلال إنكارها لهذا الحق، قد أدارت ظهرها لقرون من دعمها لهذا المبدأ بما في ذلك الجزائر سنة 1959". وأضاف أنه "من الواضح أن إعلان الرئيس الأمريكي المنتهية عهدته بالاعتراف بسيادة لا يملكها لا هو ولا المغرب غير "معقول ومتهور وخطير". وذكر كاتب الخارجية الأمريكي الأسبق، بأن موقف الجزائر "واضح كونها تدعم حق الشعوب في تقرير المصير"، قبل أن يضيف أن "إدارة ترامب تجاهلت هذه الحاجة بكيفية صارخة وفضلت إدارة ظهرها لهذا المبدأ.

وحذر من أن قرار ترامب "سيحول دون التوصل إلى اتفاق وسيساهم في خلق توتر خطير ومتزايد من شأنه تهديد السلم والأمن في المنطقة"، ما جعله يدعو إدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن الذي سيستلم مهامه في 20 جانفي المقبل إلى "إلغاء" قرار سلفه "فور توليه الحكم". ووصف روس على "فايسبوك" قرار ترامب بخصوص الصحراء الغربية بـ "الأحمق وغير المدروس" وقال إنه "يتعارض مع التزام الولايات المتحدة بمبادئ عدم الاستيلاء على الأراضي بالقوة وحق الشعوب في تقرير المصير وكلاهما منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة". ورغم أن الدبلوماسي الأمريكي أقر بأن بلاده تجاهلت هذه المبادئ بخصوص عدة  قضايا، وقال "صحيح أننا تجاهلنا هذه المبادئ عندما تعلق الأمر بإسرائيل وآخرين"، إلا أن "ذلك ليس عذرا لتجاهلها في الصحراء الغربية وتحميل أنفسنا تكاليف كبيرة على صعيد الاستقرار والأمن الإقليميين وفي علاقاتنا مع الجزائر".

وقال إن الصحراء الغربية "أفضل بكثير من عديد الدول الصغيرة التي دعمت الولايات المتحدة إلى تأسيسها"، حتى أنه اعتبر أنها "كبيرة مثل بريطانيا العظمى ولديها موارد وفيرة من الفوسفات ومصايد الأسماك والمعادن النفيسة والسياحة القائمة على ركوب الأمواج والرحلات الصحراوية". وبصيغة التأكيد أرجع روس سبب بقاء منصب المبعوث الشخصي شاغرا منذ استقالة الرئيس الألماني الأسبق، هورست كوهلر منذ ماي 2019، إلى التعنت والعراقيل المغربية التي ترفض أي مبعوث يطبق مبادئ الشرعية الدولية في حل القضية الصحراوية. ولأنه أكد أن المغرب يعرقل عمل المبعوثين الأمميين إلى الصحراء الغربية، لم يستبعد أن تكون استقالة المبعوث الأخير هورست كوهلر لـ"أسباب صحية" كما تم تبريرها من قبل الأمم المتحدة، بسبب عرقلة جهوده من قبل المغرب تماما كما حدث له. وقال إن "استقالة هورست كوهلر سنة 2019 من منصبه كانت على الأرجح بدافع الاشمئزاز من عدم احترام المغرب والجهود المبذولة لعرقلة عمله كما فعلوا معي". وأرجع روس سبب إخفاق الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس في تعيين مبعوث جديد إلى الصحراء الغربية وعدم موافقة الشخصيات التي تم الاتصال بها حتى الآن لتخلف كوهلر، إلى إدراك هذه الأخيرة بأنها ستشرع في "مهمة مستحيلة" باعتبار أن المغرب يريد وسيطا يدافع عن أطروحاته الكاذبة في الصحراء الغربية وليس وسيطا محايدا يقوم بمهمته وفق ما تمليه عليه اللوائح الأممية ومبادئ الشرعية الدولية.

للإشارة فإن كريستوفر روس كان قد شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية ما بين عامي 2009 و2017 ولكنه اضطر إلى الاستقالة بسبب العراقيل المغربية المدعومة بالموقف الفرنسي في مجلس الأمن الدولي. وضمت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية، صوتها إلى الأصوات المندّدة بقرار ترامب حول الصحراء الغربية، وأكدت في مقال رئيسي "أن آخر قرار للرئيس المغادر دونالد ترامب حول الصحراء الغربية لا يجلب السلام بل يعزز مخاطر عدم الاستقرار" في المنطقة. وقال كاتب المقال في السياق إن "الصفقة" التي أعلن عنها ترامب الخميس الماضي، كانت آخر صفقة في سلسلة الصفقات التي كانت كلها "تقوم على فكرة المقايضة والعقود التجارية"، في حين أشارت الصحيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية إلى أنه بدلا من تقوية مصداقيته كصانع سلام في الأيام الأخيرة من حكمه، يقوم ترامب بـ"زيادة مخاطر عدم الاستقرار في المنطقة". من جانبها أكدت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، أنه لا يمكن للمغرب الاعتماد على الدعم الدبلوماسي الأمريكي في مشاريعه التوسعية بالصحراء الغربية بعد 20 جانفي القادم تاريخ تنصيب الرئيس المنتخب للولايات المتحدة. وكتب الصحفي بوبي غوش أنه "لا يمكن للمغرب الاعتماد على الدعم الدبلوماسي الأمريكي، في الأمم المتحدة أو في أي مكان آخر، بعد 20 جانفي معتبرا التفاهم الثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمغرب بشأن الصحراء الغربية "صفقة مشينة".