تنصّل من مسؤولية بلاده في تأجيج الحرب فيها

قناعات أوباما ومأساة الحرب الأهلية في سوريا

قناعات أوباما ومأساة الحرب الأهلية في سوريا
  • القراءات: 495
م. مرشدي م. مرشدي
استبعد الرئيس الامريكي باراك اوباما أمس، تسوية الأزمة السورية بالقوة العسكرية في موقف راح إلى نقيض المواقف التي أبدتها إدارته في بداية هذه الأزمة،  وراحت تراهن على الأجنحة المسلحة لمختلف قوى المعارضة للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي وبعد قرابة خمس سنوات منذ اندلاع الحرب الأهلية في هذا البلد، اقتنع أخيرا باستحالة تمكن أي طرف من تركيع الطرف الآخر بقوة السلاح.

وهي القناعة أيضا التي جعلته يؤكد أن تسوية هذه الأزمة لن تتم قبل مغادرته البيت الأبيض في جانفي2017، بما يؤكد على صعوبة الأزمة وتضارب مصالح أطرافها واستحالة إيجاد أرضية توافقية بينها لإخراج سوريا من النفق المظلم الذي آلت إليه.

وأرجع الرئيس الأمريكي هذه الصورة القاتمة السواد إلى تعقيدات الأزمة، والشرخ الذي أصاب المجتمع السوري بسببها وهو ما يعطي القناعة أن الحرب في هذا البلد ستتواصل بنفس حدة السنوات الماضية، ودرجة الدمار الذي تعرض له اقتصاد والبنى التحتية فيه.

ولكن ما لم يقله الرئيس الأمريكي، أن تحول الأزمة السورية إلى صراع غير معلن بين القوى الكبرى هو الذي ساعد على تمديد عمر هذه الحرب المدمّرة، وساعد على تأجيج العداء بين أبناء الشعب الواحد.

فقد أصبحت الحرب الدائرة في سوريا بمثابة حرب بالوكالة تنفذها أطراف سورية بإيعاز من قوى إقليمية ودولية، قبل أن تدخل تنظيمات إرهابية كأرقام محورية في حرب مفتوحة على كل الاحتمالات، وهو المعطى ربما الذي جعل الرئيس الأمريكي يؤكد أن تسوية الأزمة السورية لن تكون قريبا.

وهو العامل الذي جعله يتنصّل أيضا من مسؤولية بلاده في تفاعل هذه الأزمة وقال إن بلاده لم تكن سببا في اشتعال الحرب في سوريا، وهي لذلك ليست مسؤولة على إيقافها.

وهي حقيقة زائفة إذا علمنا أن المعارضة السورية لم تكن لتصمد لولا الدعم الدبلوماسي الذي لاقته من طرف إدارته، ومدها بالسلاح من طرف قوى إقليمية بتزكية وضوء أخضر من البيت الأبيض بقناعة أن نظام الرئيس السوري، لن يصمد طويلا ليسقط وتتحول سوريا الى نموذج للديمقراطية في المنطقة العربية.

ولم يكن ذلك سوى مجرد أوهام بالنظر إلى واقع الحرب الدائرة والدمار الذي خلّفته، وبقاء النظام السوري رغم الهزّات التي كادت تعصف به في كثير من المرات قابله فشل أطياف المعارضة في تحقيق أهدافها بإرغامه على الاستسلام.

وحتى الوصفة التي قدمها لإنهاء المأساة السورية بدعوته دول مجلس التعاون الخليجي، وتركيا كأطراف يجب أن يمر عبرها حل الأزمة السورية مجانب للواقع إذا اعتبرنا أن إيران لها دور تلعبه، ولروسيا دور أكبر دون نسيان الولايات المتحدة نفسها التي تبقى تراقب الوضع عن كثب حتى لا تضيع مصالحها في حال تمكنت موسكو، من فرض التسوية التي تريد على بلد يسير إلى هاوية التفكك على خلفية طائفية.