انتقلت من شوارع المدن الأمريكية إلى داخل الأمم المتحدة

قضية العنصرية تفرض نفسها على المجموعة الدولية

قضية العنصرية تفرض نفسها على المجموعة الدولية
قضية العنصرية تفرض نفسها على المجموعة الدولية
  • القراءات: 832
 م. مرشدي م. مرشدي

انتقلت إشكالية العنصرية من شوارع مدينة مينيابوليس ومختلف المدن الأمريكية وبعض العواصم العالمية التي خرج سكانها رافضين لهذه الظاهرة البدائية، إلى شغل شاغل لكل الإنسانية وقضية تناقش في جلسات علنية لمختلف الهيئات الأممية.

ولم تعد هذه الظاهرة المقلقة في سياق هذا الاهتمام قضية تخص الشأن الداخلي الأمريكي بعد أن وافق مجلس حقوق الإنسان الأممي، أمس، على عقد جلسة طارئة يوم غد، لمناقشة التصرفات العنصرية لعناصر الشرطة في أمريكا ومختلف الدول الغربية ضد السود المنحدرين من أصول إفريقية.

ووافق كل أعضاء المجلس الحقوقي الأممي الـ47، على عقد هذه الجلسة تلبية لطلب تقدمت به الدول الإفريقية الأعضاء على خلفية الاضطرابات التي شهدتها الولايات المتحدة والعالم إثر مقتل، جورج فلويد، المواطن الأمريكي من أصول إفريقية على يد عنصر في الشرطة الأمريكية.

ويستأنف مجلس حقوق الإنسان الأممي أشغال جلسات دورته الثالثة والأربعين بعد تعليقها منذ شهر مارس الماضي بسبب التداعيات الكارثية التي خلفها تفشي فيروس "كورونا" في كل بلدان العالم.

وكان سفير بوركينا فاسو في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف،  ديودوني ديزيري سوغوري، وجه طلبا رسميا باسم المجموعة الإفريقية لعقد هذا الاجتماع لمناقشة تداعيات تنامي الممارسات والتصرفات العنصرية ضد المواطنين السود في مختلف البلدان الغربية التي مارست العبودية والرق طيلة قرون في مستعمراتها الإفريقية، في إشارة صريحة إلى ما يتعرض له الأمريكيون السود منذ مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد يوم 25 ماي الماضي خنقا تحت ركبة شرطي أبيض بمدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.

وقال الدبلوماسي البوركينابي، إنه من غير المنطقي أن لا يعقد مجلس حقوق الإنسان اجتماعا خاصا لبحث هذه المسألة في ظل التطورات التي تعرفها الولايات المتحدة والتي فرضت نفسها على الساحة الدولية وزحزحت الاهتمام الدولي بالآثار الكارثية التي خلفها وباء "كورونا".

وكانت عائلة فلويد وعائلات أخرى ضحايا عنف الشرطة الأمريكية وأكثر من 600 منظمة حقوقية غير حكومية، طالبت مجلس حقوق الإنسان الأممي بمناقشة استفحال ظاهرة العنصرية الممارسة ضدهم داخل بلدانهم بسبب لون بشرتهم وسياسة اللاعقاب التي يتمتع بها عناصر الشرطة المتورطين في جرائم اعتداء وقتل ضد الملونين وخاصة السود منهم.

والمفارقة أن مناقشة أعضاء مجلس حقوق الإنسان الأممي لهذه القضية يأتي بعد مقتل، رايشارد بروكس، ثاني مواطن أمريكي من أصل إفريقي ليلة الجمعة إلى السبت، برصاصات في الظهر من طرف شرطي أبيض بمدينة أطلنطا عاصمة ولاية جورجيا.

ويبدو أن المظاهرات المتواصلة في الولايات المتحدة وحتى في بعض العواصم الأوروبية من برلين إلى باريس وصولا إلى بيرن مرورا بلندن بدأت تؤتي أكلها، بعد أن تحولت العنصرية وعنف عناصر الشرطة إلى قضية عالمية وجعلت الوزير الأول البريطاني بوريس جونسون يقرر استحداث لجنة ضد اللامساواة العرقية في بلاده.

وهو الموقف الذي دافع عنه الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، مساء الأحد، ولكنه عارض محو آثار وأسماء من صنعوا ماضي فرنسا الاستعماري "الأسود" بما فيهم أولئك الذين أبادوا قبائل بأكملها في إفريقيا بدعوى نشر الحضارة الغربية في أوساط شعوب وصفوها بـ"البدائية" عبر موجات الرق والاستعباد الاستعلائية والعنصرية في إشارة إلى دعوات لاقتلاع تماثيل برونزية  أقيمت لهم في قلب عواصم بلدانهم الأصلية.

وإذا كان الوزير الأول البريطاني دعا إلى محاربة أسباب العنصرية وليس رموزها، فان ذلك لم يلق تجاوب المعارضة العمالية التي أكدت أن الوقت ليس للتنظير وطرح الأفكار بقدر ما هول  وقت لأخذ القرارات العملية وبقناعة أن البريطانيين من أصول إفريقية لا يتظاهرون بمظهر الضحية بقدر ما عبروا عن حقيقة قائمة في المجتمعات الغربية وخاصة الاستعمارية منها.