عقب تسريب تسجيل مهين وحاط بالكرامة في حق الصحفي حميد المهداوي
فضيحة مدوية تهز الوسط الإعلامي والسياسي في المغرب
- 128
ق. د
خلفت فضيحة التسجيل المسرب الخاص باجتماع لجنة حكومية في ميدان الإعلام حول صحفي من المعارضين لسياسات المخزن صدمة عند العديد من الهيئات الإعلامية والسياسية والحقوقية التي أصدرت بيانات تنديد شديدة اللهجة، في ما طالب عشرات الصحفيين بحل هذه اللجنة التي فضحت كيف تدار البلاد و يتغول الفساد.
وتضمن التسجيل المسرب بالصوت والصورة لـ "اجتماع لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر في المغرب"، عبارات “مهينة وحاطة بالكرامة" في حق الصحفي حميد المهداوي من قبل أعضاء، وإيحاءات "خطيرة" باستعمال جهاز العدالة لتصفية الحسابات مع المعارضين. واستنكرت الهيئات المغربية الى جانب رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذه "الفضيحة الأخلاقية و القانونية" و"مسلسل التضييق والمؤامرات" الذي يستهدف الصحفيين المستقلين، معتبرة ما ورد في التسريبات الأخيرة "انزلاقا غير مسبوق داخل مؤسسة يفترض فيها حماية حرية الصحافة وصون حقوق الصحافيين".
ووصفت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في بيان لها، ما ورد في التسجيلات بـ"المعطيات الخطيرة" التي تمس كرامة الأشخاص والمؤسسات وتشكل "خرقا لروح التنظيم الذاتي واستقلالية القطاع"، مؤكدة أن المضامين المتداولة تعكس سلوكات "غير مسؤولة” و "رعناء"، مطالبة بفتح تحقيق عاجل ومحايد للكشف عن كامل تفاصيل ما ورد في التسجيلات و تحديد المسؤوليات بدقة. كما أدانت الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال “محتوى التسجيلات”، واصفة ما حصل بـ"الفضيحة المهنية و الأخلاقية التي هزت الرأي العام المهني والحقوقي". وأصدر أكثر من مائة صحفي مغربي بيانا شديد اللهجة أدانوا فيه هذه “الممارسات البالغة الخطورة".
من جهتها، نددت جمعية هيأت المحامين بالمغرب وفيدرالية جمعيات المحامين الشباب بما ورد في التسجيلات، مشددة على أن “كرامة الدفاع خط أحمر” وأن أي إساءة للمحامين "اعتداء على العدالة برمتها". كما أكدت أن التسريبات تتجاوز مجرد "انفلات لفظي" ووصفتها بأنها "فضحت عقلية عدائية وانتقامية تجاه المحامين”، معتبرة إياها “دليلا على استخفاف خطير بالدور الدستوري لهيئة الدفاع في حماية الحقوق والحريات".
من جانبه، أعرب حزب العدالة والتنمية، في بيان له، عن أسفه الشديد لـ"ما راج خلال هذا الاجتماع من ألفاظ نابية ومن تجاوز للقانون ومن انحياز على درجة كبيرة من الخطورة، يكشف اجتماعا بخلفية انتقامية وليس اجتماعا في إطار التنظيم الذاتي للصحافة”، مشددا على أن التسريبات تمس بـ"سمعة واستقلالية المؤسسة القضائية وسمعة واستقلالية لجنة من المفترض أنها مكلفة بالتنظيم الذاتي للصحافة”.
وامتدت الفضيحة إلى البرلمان، حيث وجه عدة نواب، من بينهم النائب عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، والبرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، نادية التهامي، وعضو مجلس المستشارين خالد السطي، أسئلة إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، حول "الإجراءات المستعجلة المزمع اتخاذها للتحقيق فيما ورد في هذه التسجيلات".
وفي السياق، أكدت الحركة الشبابية التي نظمت احتجاجات عارمة، نهاية سبتمبر بمختلف ربوع المغرب وامتدت لأسابيع، في بيان لها، أن “المعادلة أصبحت مكشوفة : قلة قليلة تتحكم في + سلطة الرقابة + (الإعلام) وتخلق الجو المناسب لغول الفساد ليأتي على الأخضر واليابس بعيدا عن أعين المواطنين"، مضيفة : "حين يتحول حراس السلطة الرابعة إلى أدوات للتحكم، يسقط آخر جدار يحمي المال العام". أما رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أحمد ويحمان، فقد أكد، في بيان له، أن الفيديو المسرب لم يكن “حدثا عابرا ولا زلة لسان تقتصر على انحطاط الخطاب أو سقوط الأخلاق المهنية، بل كان صدمة سياسية وقضائية كاملة، لأنه كشف ـ لأول مرة بالصوت والصورة ـ منطقا رهيبا يجري به تدبير العدالة في هذا البلد”.
كما ندد العديد من الحقوقيين، في مقالات لهم، بما ورد في التسجيل المسرب، مشددين على أن “التسجيل الخطير يكشف كيف تمت إدارة الحرب الشرسة ضد كل الصحافيين المستقلين، مقابل التمكين المطلق لصحافة التفاهة والتشهير". و طالبوا برد الاعتبار لكل من كان ضحية لنظام المخزن مثل محمد زيان، توفيق بوعشرين، فؤاد عبد المومني، ناصر الزفزافي، سليمان الريسوني وعفاف برناني.