تاهت بين تضارب الحسابات الأمريكية والروسية

فرنسا تكثف تحركاتها للعب دور في الأزمة السورية

فرنسا تكثف تحركاتها للعب دور في الأزمة السورية
  • القراءات: 551
م. مرشدي م. مرشدي

يبدو أن فرنسا لم تتمكن من الثبات على موقف واحد من الأزمة السورية وخاصة ما تعلق بمصير الرئيس الأسد، في إطار المفاوضات السياسية التي تعتزم المجموعة الدولية مباشرتها مع الفرقاء على أمل التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخابات رئاسية وعامة مع حلول شهر جوان 2017.

وبقيت السلطات الفرنسية منذ تفجيرات الثالث عشر نوفمبر في حيرة من أمرها حول سبل القضاء على ما أصبحت تعتبره الخطر الذي أصبح تشكله عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على أمنها الداخلي، وهو ما جعلها تغير الكثير من مواقفها تجاه ما يجري في سوريا التي لم يبق خطرها مقتصرا عليها وبدأ يأخذ أبعادا دولية استشعرت باريس أنها ستكون في قلب أحداث حتى وإن كانت المسافة بعيدة بينهما. والمؤكد أن وقع الصدمة الذي خلفته تفجيرات العاصمة الفرنسية جعلت الرئيس فرانسوا هولاند يقع في حيرة من أمره حول كيفية التعاطي مع أزمة كان موقفه منها واضحا منذ بدايتها ويمر حتما عبر رحيل الرئيس بشار الأسد ونظامه.

ولكن التطورات المتسارعة التي أحدثها التدخل الروسي في سوريا ثم تفجيرات باريس جعلته يغير مقاربته تجاه الوضع في هذا البلد من أشد المعارضين للنظام السوري إلى أحد المدافعين عنه، وراح وزيره للخارجية لوران فابيوس يؤكد في انقلاب صريح أنه لا يمانع حتى من إشراك القوات النظامية السورية في الحرب ضد مقاتلي تنظيم "داعش". ورغم الضجة التي أحدثتها تصريحاته في أوساط الرأي العام الدولي المعارض للنظام السوري إلا أن فابيوس عاد أمس ليؤكد أن رحيل الرئيس الأسد لم يعد أولوية قبل عملية انتقال سياسية، في إشارة واضحة إلى أن باريس لا تمانع في إشراك النظام السوري في عملية الانتقال السياسي لما بعد الحرب الأهلية.

والواقع أن فرنسا لم تجد بدا من القبول بمثل هذا الشرط وتغيير موقفها راعت من خلاله إرضاء الولايات المتحدة، صاحبة أكبر تحالف دولي في العراق وعدم إغضاب روسيا التي أصبحت منذ بداية شهر أكتوبر الماضي، تاريخ تدخلها العسكري في سوريا طرفا محوريا في كل ترتيبات الحل النهائي في هذا البلد. وتدرك فرنسا قبل غيرها درجة تمسك موسكو بالرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة السورية وهو ما جعلها تسعى لكسب ود موسكو وقبول دخول التحالف الذي دعت إليه بعد أن أعادت النظر في موقفها المعادي للرئيس السوري.

ويبدو أن فرنسا التي لا تريد البقاء على هامش الترتيبات التي تريد واشنطن وموسكو وضعها لإنهاء الحرب في سوريا، عجزت إلى حد الآن عن إيجاد من يستمع إليها ويؤخذ بمقاربة حلها التي راح الرئيس هولاند يرافع لأجلها في واشنطن وبرلين وموسكو ولندن وحتى لدى روما ومدريد. وعكس مثل هذا الموقف درجة تضارب مصالح حتى القوى الكبرى التي أبانت عن صراع استراتيجي خفي لا تريد أية عاصمة التضحية به خدمة لمقاربة الدولة المنافسة.

وقال فابيوس في حديث لإحدى الصحف الجهوية الفرنسية إن سوريا موحدة تستدعي عملية انتقال سياسي وهذا لا يعني أن الرئيس بشار الأسد يجب أن يرحل قبل هذه المرحلة ولكن يجب الحصول على تعهدات بخصوص المستقبل، في إشارة إلى ضرورة رحيله بمجرد انتهاء هذه المرحلة بعد عام ونصف من الآن. وبقناعة أن أي حرب ضد تنظيم "داعش" لن تكون ذات فعالية ما لم تعرف توحيد جهد كل القوى العسكرية السورية والإقليمية في إشارة واضحة إلى تغاضيه عن إشراك القوات السورية في هذه الحرب المفتوحة.