بعد 60 يوما من وقف إطلاق النار

غزة تحت الحصار الخانق

غزة تحت الحصار الخانق
  • 343
ص. محمديوة ص. محمديوة

رصدت سلطات قطاع غزة خروقات جسيمة وممنهجة لاتفاق وقف إطلاق النار بلغت إلى غاية أمس، 738 خرق منذ دخول الأخير حيز التنفيذ في العاشر أكتوبر الماضي، بما يمثل انتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني وتقويضا متعمدا لجوهر وقف إطلاق النار ولبنود البروتوكول الإنساني الملحق به.

ووفق ما كشف عنه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد ارتكبت قوات الاحتلال منذ سريان وقف إطلاق النار، 205 جريمة إطلاق نار مباشرة ضد المدنيين و37 جريمة توغّل للآليات العسكرية داخل المناطق السكنية و358 جريمة قصف واستهداف لمواطنين عزل ومنازلهم و138 جريمة نسف وتدمير لمنازل ومؤسسات وبنايات مدنية، وأسفرت هذه الانتهاكات الممنهجة عن استشهاد 386 مواطن وإصابة 980 آخرين، إلى جانب 43 حالة اعتقال غير قانوني نفذتها قوات الاحتلال. 

وفي الجانب الإنساني، واصل الاحتلال تنصله من التزاماته الواردة في الاتفاق وفي البروتوكول الإنساني، حيث لم يلتزم بالحد الأدنى من كميات المساعدات المتفق عليها ولم يدخل إلى قطاع غزة خلال 60 يوما سوى 13 الف و511 شاحنة من أصل 36 ألف شاحنة يفترض إدخالها بمتوسط يومي 226 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة مقررة يوميا، أي بنسبة التزام لا تتجاوز 38 من المئة. وأكد المكتب الإعلامي أن هذا الإخلال الجسيم، أدى إلى استمرار نقص الغذاء والدواء والماء والوقود وتعميق مستوى الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة.

وبلغت شحنات الوقود الواردة إلى قطاع غزة خلال الفترة ذاتها 315 شاحنة فقط من أصل 3000 شاحنة وقود يفترض دخولها بمتوسط 5 شاحنات يوميا من أصل 50 شاحنة مخصصة وفق الاتفاق، وهو ما يعني أن الاحتلال قد التزم بنسبة 10 من المئة فقط من الكميات المتفق عليها بخصوص الوقود، بما يبقي المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والصرف الصحي في وضع شبه متوقف ويفاقم المعاناة اليومية للسكان المدنيين.

وعلى إثر استمرار تنصل الاحتلال من التزاماته المنصوص عليها في الاتفاق، حذر المكتب الإعلامي من ان ذلك يعد التفافا خطيرا على وقف إطلاق النار ومحاولة لفرض معادلة إنسانية تقوم على الإخضاع والتجويع والابتزاز، محملا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التدهور المستمر في الوضع الإنساني وعن الأرواح التي أُزهقت والممتلكات التي دمرت خلال فترة يفترض فيها أن يسود وقف كامل ومستدام لإطلاق النار.

كما دعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والرئيس الأمريكي والجهات الراعية للاتفاق والوسطاء والضامنين، إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية وإلزام الاحتلال "الإسرائيلي" بتنفيذ التزاماته كاملة دون انتقاص وضمان حماية المدنيين وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية والوقود وفق ما نص عليه الاتفاق وبما يمكن من معالجة الكارثة المستمرة في قطاع غزة.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أن الظروف الإنسانية في غزة لا تزال مزرية وأن الاحتياجات تفوق بكثير قدرة المجتمع الإنساني على الاستجابة بالنظر إلى العوائق المستمرة التي لا تزال تواجهها الأمم المتحدة بعد عامين من العدوان الصهيوني. وحذر من أن القيود المفروضة على الوصول والحركة داخل غزة لا تزال تشكل "مشكلة خطيرة"، مشيرا إلى أنه في الفترة ما بين 13 أكتوبر الماضي و4 ديسمبر الجاري، منعت سلطات الاحتلال الصهيوني 295 متعاقد و28 موظفا من الأمم المتحدة و21 من العاملين في مجال الرعاية الصحية من المشاركة في بعثات الأمم المتحدة داخل غزة، أي بمعدل يقارب 7 بعثات يوميا.

وتشمل هذه العوائق، وفق الأمم المتحدة، انعدام الأمن وصعوبات التخليص الجمركي والتأخير ورفض البضائع عند المعابر من قبل الاحتلال ومحدودية الطرق المتاحة لنقل الإمدادات الإنسانية داخل غزة. وتشكل تحديا خاصا لجهود الأمم المتحدة وشركائها من أجل توفير ما يكفي من المأوى والمياه والصرف الصحي ومستلزمات النظافة، بالإضافة إلى اللوازم التعليمية. وجدّدت الأمم المتحدة الدعوة إلى إتاحة وصول، دون عوائق، للعاملين في المجال الإنساني والسلع والخدمات الإنسانية وإلى رفع جميع العوائق كي يتسنى للأمم المتحدة وشركائها توسيع نطاق المساعدة والوصول إلى كل شخص يحتاجها. 


مطالب بتحرك دولي عاجل لمواجهة تداعيات المنخفض الجوي الجديد

غزة على مشارف كارثة إنسانية قبل أن تكون طبيعية

توالت التحذيرات من داخل قطاع غزة من تداعيات المنخفض الجوي الجديد المتوقع أن يعصف بهذا الجزء المنكوب من الأرض الفلسطينية المحتلة خلال الساعات القادمة بكل ما يحمله من مخاطر حقيقية من غرق للخيام واجتياح مياه الأمطار لمناطق النزوح العشوائي وتجدد المأساة التي يعيشها أكثر من مليون ونصف المليون من النازحين الذين يقيمون في خيام مهترئة منذ أكثر من عام دون حلول أو بدائل حقيقية.

وفي هذا السياق، حذر المتحدث باسم حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، حازم قاسم، من تداعيات المنخفض الجوي الجديد، لافتا إلى أن الخيام الحالية المخصصة لإيواء النازحين غير صالحة لتحمل الأمطار أو برد الشتاء وخاصة في ظل قيود الاحتلال على إدخال الوقود. وأضاف قاسم في تصريح له، أمس، أن الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع تستدعي إطلاق عملية إغاثة عاجلة وتوفير مراكز إيواء حقيقية ولائقة من جميع الأطراف المعنية، مشددا على ضرورة إلزام الاحتلال بتطبيق بروتوكولات الإغاثة الإنسانية المنصوص عليها في اتفاق جانفي، والتي جرى التأكيد عليها مجددًا في اتفاق أكتوبر.

وأشار إلى أن الفلسطينيين في قطاع غزة ما زالوا يتعرضون لإبادة متواصلة بأدوات متعددة من خلال استمرار الحصار، ومنع إدخال وسائل الإيواء المناسبة وتقييد المساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر، الأمر الذي يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والسياسية العاجلة تجاه السكان المدنيين. ونفس التحذير اطلقته سلطات غزة  من منخفض "بيرون" القطبي الذي يهدد مئات آلاف العائلات النازحة في القطاع بكارثة مناخية جديدة خلال 72 ساعة، مطالبة العالم بإنقاذ الواقع الإنساني الكارثي.

وقالت في بيان لها، أمس، بأنها تتابع "بقلق بالغ الآثار والتداعيات المتوقعة للمنخفض الجوي الذي سيدخل قطاع غزة بدءا من اليوم وحتى مساء الجمعة وما يحمله من مخاطر حقيقية  من فيضانات وسيول نتيجة هطول كميات كبيرة من الأمطار المتوقعة، إلى جانب هبات رياح قوية ستقتلع خيام النازحين وأمواج بحر عاتية وعواصف رعدية".

وكلها معطيات، حذرت سلطات غزة من أنها تشير بوضوح إلى أن القطاع مقبل على تداعيات مناخية خطيرة قد تُلحق أضرارا واسعة بعشرات آلاف العائلات المقيمة في خيام وملاجئ بدائية لا تقيهم من برودة الشتاء ولا قسوة المنخفضات الجوية. كما حذرت من أن الساعات القادمة ستوثق مشاهد موجعة لعائلات تكافح للبقاء داخل خيام لا تقاوم المطر أو الرياح وسط صمت دولي مخز وغياب أي تدخل جاد لتوفير الحد الأدنى من الحماية والإغاثة للنازحين.

والمؤكد أن هذا الواقع المناخي يضاعف من حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن حرب الإبادة الجماعية والحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني، بما جعل سلطات غزة تحمل الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن تعريض النازحين لمخاطر المناخ في ظل إغلاقه المعابر ومنعه إدخال المواد الإغاثية ومواد الإيواء، بما في ذلك منع إدخال 300 ألف خيمة وبيت متنقل، إضافة إلى غياب الملاجئ البديلة، بما يكرس حرمان مئات الآلاف من حقهم في السكن الآمن وفق القانون الدولي الإنساني.

وطالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والرئيس الأمريكي الامريكي والوسطاء والضامنين للاتفاق والدول الصديقة والجهات المانحة، بالضغط الفوري على الاحتلال لفتح المعابر والتحرك العاجل لتوفير مستلزمات الطوارئ وتعزيز قدرات فرق الإنقاذ والإغاثة وتأمين الحماية للعائلات النازحة خلال فترة المنخفض واتخاذ خطوات عملية وملزمة تحول دون تكرار مشاهد الانهيار والغرق التي يتوقع تصاعدها خلال الساعات 72 المقبلة.

انتشال 98 شهيدا من مقبرة مؤقتة

أعلنت طواقم الدفاع المدني في قطاع غزة عن انتشال 98 شهيدا من المقابر المؤقتة داخل مستشفى "الشفاء" الطبي في مدينة غزة بعد دفنهم بشكل عاجل منذ اندلاع العدوان الصهيوني. وأفاد الدفاع المدني في بيان له، بأن من بين الجثامين المنتشلة تتضمن 55 جسما مجهول الهوية، مشيرا إلى أن هذه الجثامين أودعت لدى الجهات المختصة والطب الشرعي تمهيدا لإجراءات التعرف والدفن النهائي. وأضاف أن الطواقم لا تزال ترفع أعدادا إضافية من الجثث من داخل المستشفى "في عملية تراعي احترام كرامة الضحايا وتوثيق هويتهم"، حيث من المتوقع أن تستكمل عملية النقل خلال الأيام القادمة.


مراسلون بلا حدود

مقتل 67 صحفيا عبر العالم هذا العام نصفهم في غزة

أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن عام 2025 كان من أكثر السنوات دموية بالنسبة للصحافيين بمقتل 67 صحفيا حول العالم، ما يقرب نصفهم ارتقوا في قطاع غزة بنيران جيش الاحتلال الصهيوني. وذكرت المنظمة، في تقريرها السنوي أمس، أن 79% من الضحايا لقوا مصرعهم برصاص جيوش نظامية أو جماعات مسلحة، فيما اغتالت عصابات الجريمة المنظمة 16 صحفيا. وأكدت أن معظم هؤلاء قُتلوا بشكل متعمد بسبب عملهم الصحفي، وليس نتيجة ظروف عارضة.

وأرجع المدير العام للمنظمة، تيبو بروتان، ن تصاعد الاستهداف إلى "الإفلات من العقاب"، مضيفا أن عجز المؤسسات الدولية عن فرض قوانين حماية الصحفيين في مناطق النزاع ناتج عن "تراجع شجاعة الحكومات"، وقال إن "الصحفيين تحولوا من شهود على الأحداث إلى ضحايا جانبيين وشهود مزعجين وأوراق مساومة، بل أهداف للتصفية". وأوضح التقرير أن قطاع غزة كان الأكثر دموية للصحفيين، حيث شهد مقتل 43% من الضحايا العالميين خلال 2025، في وقت قتل فيه جيش الاحتلال منذ أكتوبر 2023 أكثر من 220 صحفي من بينهم 65 أثناء أداء عملهم. وكان الرئيس السابق للاتحاد الدولي للصحفيين، فيليب لوروث، قد وصف استهداف الصحفيين في غزة بأنه "جريمة مزدوجة ضد الإنسانية وحرية التعبير"، مؤكدا أنهم مدنيون ويجب حمايتهم وأن إسرائيل تحاول منعهم من نقل ما يجري على الأرض عبر فرض رقابة مشددة.

وإلى جانب جرائم القتل، أفادت "مراسلون بلا حدود" بأنه لا يزال 20 صحفيا فلسطينيا معتقلين في السجون الإسرائيلية من بينهم 16 اعتقلوا خلال العامين الماضيين في غزة والضفة الغربية. وذكرت أن  الكيان الصهيوني يحتل المرتبة الثانية عالميا في احتجاز الصحفيين الأجانب. وحذرت من أن تراجع حماية الصحفيين وغياب المساءلة حول العالم جعلاهم "أهدافاً للتصفية لا مجرد ضحايا للظروف"، مؤكدة: "الصحفيون لا يموتون… بل يُقتلون". وكان المكتب الإعلامي الحكومي قد أعلن مطلع الشهر الجاري, عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الصهيونية على قطاع غزة إلى 257 شهيدا