المؤرخ جيلس مانسرون:

على فرنسا الذهاب «أبعد» في الاعتراف بجرائمها الاستعمارية في الجزائر

على فرنسا الذهاب «أبعد» في الاعتراف بجرائمها الاستعمارية في الجزائر
  • القراءات: 1756
 ق/و ق/و

يجب على فرنسا أن تذهب إلى «أبعد» في الاعتراف بالجرائم الاستعمارية المرتكبة في الجزائر، حسبما أكده أمس بباريس المؤرخ جيلس مانسرون، معتبرا أنها «شرط ضروري» لعلاقات هادئة بين فرنسا والجزائر. وأكد قائلا «على فرنسا الذهاب إلى أبعد في الاعتراف بالجرائم التي ميزت فترتها الاستعمارية. ويجب القيام بالتفاتات قوية من طرف السلطات العليا للبلد»، مشيرا إلى أنه شرط ضروري ليس فقط لإقامة علاقات هادئة بين فرنسا والجزائر، بل أيضا لإحداث تراجع فعال للعنصرية في وسط المجتمع الفرنسي». 

واعتبر هذا المؤرخ المختص في الاستعمار الفرنسي في حوار لوكالة الأنباء الجزائرية أن الاحتكار الاستعماري «يولد أشكال تمييز ولا مساواة وجرائم»، مشيرا إلى أن «بعض هذه الجرائم مثل مجازر 8 مايو 1945 في شرق الجزائر يمكن بالتأكيد وصفها بجرائم ضد الإنسانية». 

وذكر في هذا السياق بأن فرنسا أكدت من قبل على مبدأ المساواة بين البشر، و «لكنه لم يطبق»، مشيرا إلى أنها «طورت خطاب تبرير متناقض مع الحقيقة». 

واعتبر جيلس مانسرون من جهة أخرى أن وجود جماجم لمقاومين جزائريين بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي لباريس هو «دليل على البربرية الاستعمارية»، مذكرا بأن المسألة قد تم التطرق إليها سنة 2011 من طرف باحث جزائري في الآثار طالب باسترجاع هذه الرفات إلى الجزائر. و»من بين الجماجم الموجودة في المتحف الباريسي هناك جمجمة الشيخ بوزيان رئيس ثورة الزعاطشة سنة 1849 التي قمعها الاستعمار بعنف شديد. وجمجمة ابنه الذي كان يبلغ 15 سنة ورفيقة في الكفاح سي موسى الدرقاوي اللذين قتلا بالرصاص بنفس المكان و تم قطع رأسهما». 

وقال المؤرخ إن هناك جماجم لمقاومين آخرين مثل الهاشيمي  والحمادي وشريف بوبغلة المقاوم الرئيسي لمنطقة القبائل والجزائر بأسرها بين 1851 و1854 بعد هزيمة عبد القادر ومختار التيتراوي وابنه وشريف بوقديدة الذي قتل بولاية تبسة»، معتبرا أن استرجاع هذه البقايا سيكون التفاتة حميدة من قبل فرنسا وستكون بمثابة إشادة بهؤلاء المكافحين الجزائريين لإخراجهم من النسيان. 

أما بخصوص تصريح المرشح لرئاسيات فرنسا، إمانويل ماكرون، بالجزائر العاصمة، الذي وصف الاستعمار بـ»جريمة ضد الانسانية»، اعتبر المؤرخ أنه إذا كان لماكرون «الفضل» في توجيه «هذا التصريح المثير للجدل» إبان الحملة الرئاسية بفرنسا، قائلا «بصراحة» أن الاستعمار كان «جريمة ضد الانسانية»، فأن المسؤولين السياسيين الكبار «لم تكن لديهم هذه الجرأة للتكلم على ذلك». 

وأوضح أن «ماكرون قد صرح بهذا لأنه من المحتمل جدا أنه ينتمي إلى جيل لم يعش الحقبة الاستعمارية»، مضيفا «نجد في كثير من الأحيان نوعا من التحفظ لإدانة صريحة للاستعمار ضمن الأجيال القديمة» وأشار إلى أن «أناسا من هاته الأجيال يحسون بالكآبة إذ يبدو لهم أن فرنسا قد ضاعت، غير أن الشباب منهم يرون عكس ما يعتقدون». 

وإضافة إلى ذلك، اعتبر أن السيد ماكرون «بعيد جدا على أن يكون خبيرا في هذا التاريخ حيث تلفظ عقب ذلك بأمور متناقضة ومعلومات غير مستقاة بشكل صحيح»، وأوصى المسؤولين السياسيين الآخرين بأن «يتكلموا حول هذا الموضوع بجدية أفضل من ماكرون».