العربية السعودية وروسيا تحتكمان إلى المنطق الاقتصادي

عبد المجيد عطار يتوقع انتعاش أسعار الخام إلى حدود 50 دولارا

عبد المجيد عطار يتوقع انتعاش أسعار الخام إلى حدود 50 دولارا
  • القراءات: 1146
م. مرشدي م. مرشدي

توقع عبد المجيد عطار، المدير الأسبق لشركة "سوناطراك" أن يؤدي الاتفاق الرباعي المتوصل إليه أمس بالعاصمة القطرية، الدوحة بين السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا، القاضي بتجميد إنتاج النفط عند مستويات شهر جانفي، إلى استقرار الأسعار قبل أن يساهم في انتعاشها عند مستويات "مقبولة". وقال عطار على هامش ملتقى الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز، المنعقد بالجزائر إن "كل قرار لتجميد الإنتاج عند مستويات مقبولة وعدم رفع الإنتاج أوكسر السوق مرحب به وسيؤدي إلى استقرار الأسعار". وأضاف أن الاتفاق سيسمح بانتعاش الأسعار بشكل تدريجي خلال الثلاثي القادم عند حدود 40 أو 50 دولارا للبرميل" بدلا من سعره الحالي الذي بلغ 34 دولارا. ووقع وزراء نفط العربية السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا بالعاصمة القطرية الدوحة أمس، اتفاقا التزموا من خلاله على "تجميد سقف الإنتاج العالمي من النفط في مستوياته التي سجلت شهر جانفي الماضي، ضمن أول تحرك لكبار المنتجين لإنعاش أسعار الخام التي تهاوت بشكل جنوني منذ صيف 2014.

ويعد هذا أول اتفاق بين كبار المنتجين داخل منظمة الدول المصدرة للنفط وروسيا التي تبقى أكبر المنتجين خارجها منذ أن عرفت أسواق النفط فوضى إنتاج غير مسبوقة، أدت في النهاية إلى تراجع أسعار برميل الخام من 120 دولارا إلى حدود 30 دولارا. ورغم الأضرار المالية الكارثية وتهاوي عائدات الدول المنتجة سواء داخل منظمة "أوبك" أو خارجها، إلا أن الجميع ركب رأسه رافضا تخفيض الإنتاج لوضع حد للتخمة وحالة الإشباع التي تعرفها الأسواق النفطية بقناعة أن سياسة الإغراق ستدفع بالجميع إلى الاقتناع بحتمية العودة إلى عرض وطلب متوازنين للإبقاء على أسعار البرميل عند سعر يقبل به المنتجون والمستهلكون. وقال وزير النفط القطري، محمد بن صالح السادة الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية لمنظمة "الأوبك" في ختام اجتماع الدوحة إن الدول الأربع قررت تجميد الإنتاج ولكن ذلك يبقى مرهونا بموقف كبار المنتجين الآخرين والإشارة واضحة إلى إيران والولايات المتحدة التي تحولت في السنوات الأخيرة من مستورد إلى أكبر مصدر. وقال وزير البترول السعودي، علي النعيمي من جهته إن هذا الاتفاق سيكون مفيدا لأسعار النفط وأنه سيكون بداية مسار سيتم تقييمه خلال الأشهر القادمة قبل اتخاذ إجراءات جديدة لاستقرار السوق. وأضاف أننا لا نريد تحولات جذرية في الأسعار بتخفيض العرض واكتفينا بتلبية الطلب لاستقرار الأسعار. 

ورغم وقع المفاجأة التي أحدثها هذا الاجتماع الذي لم يسبق الإعلان عنه، إلا أن بورصات أسواق النفط تفاعلت معه بحذر شديد ربما في انتظار مواقف كبار المنتجين الآخرين من اتفاق لم يكشف عن كل خلفياته خاصة أنه جاء في سياق تصعيد حاد في اللهجة بين موسكو والرياض على خلفية دور كل منهما في الحرب السورية. وتكون برودة التفاعل مردها موقف إيران التي سارعت إلى التأكيد أنها لن تكون معنية بقرار تجميد سقف الإنتاج ضمن موقف قد تعيد فيه النظر بعد الاجتماع الثلاثي الذي ينتظر أن تحتضنه العاصمة الإيرانية طهران اليوم بحضور وزير النفط العراقي والفنزويلي لبحث الموقف. وبنفس البرودة التي تفاعلت بها أسواق النفط مع القرار، راح مختصون في مجال الطاقة يؤكدون أن قرار التجميد لن يكون كافيا لامتصاص الفائض في الأسواق في تأكيد على أن الأسعار ستبقى في مستوياتها المتدنية على الأقل خلال الأشهر القادمة، إلا في حال تلا ذلك قرار أكثر جراءة بتقليص الإنتاج خاصة وأن العالم مقبل على فصل الصيف وفي وقت مازالت فيه مؤشرات نمو الاقتصاد العالمي في حدودها المتدنية.

ومهما يكن، فإن الاتفاق الذي أعاد بعض الدفء إلى العلاقات الروسية ـ السعودية على اعتبار أن اجتماع الدوحة شكل أول لقاء بين وزير النفط السعودي، علي النعيمي ونظيره الروسي، ألكسندر نوفاك قد يبعث منحنى الأسعار بالاتجاه التصاعدي بعد أن عرفت انحدارا متواصلا منذ منتصف سنة 2014 فقد خلاله برميل النفط 70 بالمئة من سعره الذي قارب عتبة الـ120 دولارا في سابقة هي الأولى في تاريخه. والمؤكد أن العربية السعودية وروسيا احتكمتا من خلال هذا الاتفاق إلى منطق البراغماتية والعقل بعد أن تأكدتا أن مواصلة سياسة الإغراق لن ينفعهما في شيء سوى في زيادة متاعبهما الاقتصادية في ظل أزمة اقتصادية عالمية حادة.  وهو ما اقتنع به وزير النفط القطري الذي تعهد بمباشرة اتصالات مكثفة مع الدول المنتجة داخل وخارج منظمة الأوبك بهدف تمكين أسواق النفط من استعادة توازنها خدمة لمصلحة الدول المنتجة والمستهلكة والاقتصاد العالمي ككل. والمؤكد أن عبء الميزانيات وصعوبة التوفيق بين الإنفاق العام والعائدات النفطية غلب القناعة باستحالة مواصلة سياسة "علي وعلى أعدائي" التي لم تجن منها الدولة المنتجة جميعها سوى مزيد من المتاعب المالية.